كتب: رصين مارتيني
شهدت أسعار الفنادق في سوريا، وخاصة في العاصمة دمشق، ارتفاعاً كبيراً في الفترة التي أعقبت مرحلة التحرير، حيث وصلت أسعار الإقامة في بعض الفنادق إلى مستويات تضاهي فنادق الخمس نجوم في مدن الجوار بل وحتى مدن مصنفة وجهة أولى سياحيا مثل دبي ، مما أدى إلى تضاعف التكاليف على السياح والزائرين. فما هي أسباب هذه الظاهرة، وما انعكاساتها المستقبلية على القطاع السياحي؟
أسباب ارتفاع الأسعار
1. ارتفاع تكاليف التشغيل:
- تعتبر كلفة حوامل الطاقة (مثل الوقود والكهرباء) أحد الأعباء الرئيسية على الفنادق بسبب انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع كلف تشغيل المولدات الخاصة وصيانتها .
- ارتفاع أسعار المواد المستوردة، بما في ذلك مستلزمات التشغيل والتجهيزات الفندقية، نتيجة الاستيراد وضعف سعر الصرف.
2. ندرة العمالة المدربة:
- أدى نزوح الكفاءات وهجرة العمالة خلال السنوات الماضية إلى نقص في الأيدي العاملة المؤهلة، مما رفع تكاليف التوظيف والتدريب.
3. ضعف المنافسة:
- تراجع عدد الفنادق العاملة ، خاصة بعد توقف بعض المنشآت عن العمل، مما قلل من خيارات الزبائن وسمح للفنادق القائمة برفع الأسعار.
4. الاعتماد على السياحة "غير المرنة":
- معظم الزوار حالياً هم من رجال الأعمال أو العاملين في المنظمات الدولية، مما جعل الفنادق تعتمد على تسعير مرتفع نظراً لقدرة هذه الفئة على الدفع.
النتائج المتوقعة: هل ستستمر هذه الأسعار؟
رغم أن الفنادق تحقق اليوم إيرادات جيدة بسبب ارتفاع الأسعار، إلا أن هذا النموذج غير مستدام على المدى المتوسط، وذلك للأسباب التالية:
1. تراجع أعداد السياح:
- مع ارتفاع التكاليف، ستقل الرغبة والجدوى من زيارة سوريا مقارنة بوجهات أخرى في المنطقة، مما سيؤدي إلى انخفاض الطلب.
-وهذا سيجبر الفنادق لاحقاً على عروض الخصومات الكبيرة لجذب السياح ويمكن ان يؤثر على مستوى الخدمات .
2. خسارة السياحة الثقافية والترفيهية:
- تحول سوريا إلى وجهة مكلفة سيحد من عودة السياحة الجماعية، والتي تشكل مصدراً مهماً للدخل السياحي.
3. ضغوط على الفنادق المتوسطة:
- قد لا تتمكن الفنادق الصغيرة والمتوسطة من الصمود في مواجهة الفنادق الكبرى لاحقا والعروض المقدمة لعودة جذب السياح ، واغلاق هذه الفنادق والتي تعتمد على السياح متوسطي الدخل .
إذا استمرت الأسعار بهذا المستوى والذي تضاعف بعد التحرير دون مبرر وخاصة بعد انخفاض الاسعار للعديد من مواد التشغيل الأساسية ،فإن القطاع الفندقي قد يواجه أزمة طلب حقيقية في المستقبل. ولتجنب ذلك، يتعين على الفنادق اعتماد سياسات تسعير أكثر مرونة تتوافق مع خطة وطنية شاملة لرسم خارطة وشكل السياحة في سوريا، و العمل على خفض التكاليف عبر تحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة الاعتماد على الموارد المحلية. كما أن تطوير البنية التحتية السياحية وزيادة المنافسة سيكونان عاملين أساسيين لضمان استدامة القطاع.
في النهاية، فإن تحقيق التوازن بين الربحية وجذب السياح هو التحدي الأكبر الذي يواجه الفنادق السورية اليوم، فهل ستتمكن من إيجاد هذه المعادلة قبل فوات الأوان؟