لم يكن حريق الوحدة 100 في مصفاة حمص الذي وقع مؤخراً حدثاً عابراً، فقد سجل مشاهد لا تُنسى من شجاعة وإقدام عناصر الاطفاء والدفاع المدني وعمال المصفاة الذين واجهوا النيران المشتعلة بشدة، بكل إرادة وإصرار على إخمادها والحد من أضرارها على المصفاة.
عدد من عناصر الإطفاء والدفاع المدني وعمال المصفاة ذكروابعضاً من الأحداث التي جرت أثناء وقوع الحديث، حيث قال رئيس دائرة الإطفاء في مصفاة حمص المهندس سليمان ونوس: “بعد انتهاء الدوام الرسمي وقرب وصولي إلى بيتي تم إبلاغي بالحريق، وعلى الفور اتصلت بالعمال الأكثر خبرة وتم التركيز على حسن إدارة وسائط الإطفاء الموجودة بالمصفاة، ونجحنا في منع امتداد الحريق بكل مهارة في عمل محفوف بالمخاطر، ولكنه تم بشكل منظم بعد خبرة علمية اكتسبناها عبر عدة حرائق ساهمت كوادر الدائرة بالسيطرة عليها، ومنها حريق الفرقلس مؤخراً”.
وأشار ونوس إلى أن الاندفاع والحماسة لا يكفيان أمام هول الحريق، فلا بد من توزيع العمل وتنظيمه وحسن إدارته للنجاح بإطفائه بسرعة بالتعاون مع عناصر الوحدة 100، وبالفعل تم ذلك بوقت قياسي، مضيفاً: “بعد ذلك تم إسعافي وبعض رفاقي للمشفى إثر استنشاقنا للغازات المنبعثة من الحريق، ومنهم من لفحته النار وسببت له بعض الحروق”.
ومع ارتدائه بدلة الاقتحام التي تتحمل 1500 درجة اندفع العامل علي عاصي من دائرة الإطفاء بالمصفاة بكل قوة إلى مصدر النار لينجح بعد عدة محاولات بالسيطرة عليها، حيث قال لـ سانا: “اقتربت على بعد مترين من المصدر فيما يتم تبريدي بالماء من الخلف، وأصبت ببعض الحروق البسيطة وهذا أقل واجب أفعله تجاه وطننا وشركتنا، ولا بد من التضحية والمخاطرة تجاه الصالح العام”.
وبين العامل في دائرة إطفاء المصفاة أحمد منصور أن عدداً من العمال في الأقسام الأخرى اندفعوا للمشاركة والمؤازرة بإطفاء الحريق، ومنهم العامل محمد سليمان والعامل رامي منصور وزملاؤهم من قسم الصيانة، حيث تكاتفوا جميعاً لإخماد النيران.
ورأى الإطفائي في دائرة إطفاء المصفاة جلال الكور أنه مع نهاية كل عمل يقوم به ينتابه ورفاقه شعوران متناقضان “الفرح بالإنجاز بعد إخماد النار والحزن على الخسارة ولكن في حريق الوحدة 100 تغلب الشعور بالفرح نتيجة عدم وجود خسائر بشرية واقتصرت على الخسائر المادية البسيطة”.
بدوره لفت رئيس شعبة الوحدة 100 المهندس حسان عبدان إلى أن دوره ورفاقه انحصر في قطع المواد وعدم جريانها في أنابيب وقساطل الوحدة، وهي وحدة تقطير للمشتقات النفطية بأنواعها ريثما تتم السيطرة على مكان الحريق بالوحدة وإغلاق الصمامات بتآزر جميع جهود المشاركين بالإطفاء.
وقال سري شحود آمر زمرة في فوج إطفاء حمص: إنه بحسب خبرته التي تمتد لأكثر من عشرين عاماً في إطفاء الحرائق بالمحافظة أدرك بمجرد البلاغ بالحريق أنه يجب المسابقة مع الزمن، فلا تهاون ولا تأخير فأمر بالتحرك الفوري للسيارات والعناصر لتتم مؤازرة عناصر الإطفاء في المصفاة الذين وقفوا بالخط الأول بكل صلابة منذ اللحظات الأولى وباقي عناصر الدفاع المدني وكوادر وآليات الشركات النفطية المجاورة للمصفاة وسط لهيب النار الذي اشتعل بقوة.
وأضاف شحود: إنه من اللحظات التي لا تنسى أنه رأى زميله وجاره بالقرية الموظف في مصفاة حمص علي عاصي في مواجهة النيران التي لفحته بألسنتها فيما يحاول إغلاق الصمام الذي يهرب المواد القابلة للاشتعال بكل عزيمة وبدافع إنساني دون الاكتراث لحياته أمام هول الخسائر التي يمكن أن يسببها الحريق والضرر بالشركة، وفي نهاية العمل الشاق والمضني وجده لاحقاً بين العمال المصابين وتم إسعافه للمشفى.
وبين الإطفائي محمد إسماعيل من فوج إطفاء حمص أن مكان وقوع الحريق صعب، فلا تستطيع آليات الإطفاء الاقتراب بسهولة أمام حرارة اللهب القوية ومع ذلك كانت مغامرة بالروح وبالعتاد لتحقيق الهدف في السيطرة على الحريق وبزمن قياسي، نتيجة إصرار الجميع على إطفاء النار.
قائد فوج إطفاء حمص الرائد إياد المحمد أوضح أنه شارك في إطفاء الحريق خمس سيارات إطفاء مزودة بكامل معداتها وتجهيزاتها، و 15 إطفائياً وسائقاً حيث تكاتفت جهودهم مع باقي العناصر من دائرة إطفاء مصفاة حمص وعناصر الدفاع المدني، ما ساهم في سرعة السيطرة على هكذا نوع من الحرائق بمهارة عالية، فلم يستغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة.
مدير الدفاع المدني بحمص العميد مهذب المودي بين أنه شارك في إطفاء الحريق ثلاث سيارات إطفاء تابعة للمديرية، وتسعة عناصر، وعزا نجاح السيطرة على هكذا حريق إلى عامل الوقت والسرعة بعمليات الإطفاء دون أدنى تأخير من أي أحد.
وأشار رئيس اتحاد عمال محافظة حمص حافظ خنصر في تصريح لمراسلة سانا إلى أنه تم تخريج المصابين التسعة إلى منازلهم بعدما تلقوا العلاج الكامل في المشفى العمالي بالمدينة، حيث أصيبوا بحروق بسيطة وحالات اختناق نتيجة تواجدهم بالنقطة صفر من الحريق وحالتهم مستقرة باستثناء حالتين تتم متابعتهما، الأولى الإصابة برض على الفقرات نتيجة السقوط، والثانية حالة اختناق وحروق.
ونوه خنصر بالجهود الاستثنائية والكبيرة للعمال في مختلف الجهات التي شاركت بعملية الإطفاء للحؤول دون امتداد الحريق للأقسام المجاورة، والنجاح اللافت بالسيطرة على هكذا نوع من الحرائق دون وقوع خسائر بشرية.
وكان عطل طارئ أصاب مضخة التغذية الرئيسية بوحدة التقطير رقم 100 في مصفاة حمص أمس الأول، ما أدى إلى نشوب حريق فيها، أسفر عن أضرار مادية دون أي تأثيرات جسيمة على كفاءة المصفاة الإنتاجية.