كتب : أيمن قحف
مرة أخرى - بعد أحد عشر عاماً ونصف - أعود لأكتب عن الحقيبة المدرسية ووزنها الذي "ينخ " تحته الجمل فكيف بطفل صغير؟!!
عندما رأيت ابني الصغير زين بسنواته العشر وجسمه النحيل يحمل حقيبة تزن حوالي عشرة كيلو غرامات تتدلى أسفل ظهره فتحنيه ، حاولت أن أساعده فوجدت أنها ثقيلة حتى علي و تؤذيني بما أنني مريض ديسك!!!
لم أحضر مؤتمر تطوير التربية الذي دعا إليه صديقي القديم وزير التربية الأستاذ عماد العزب، ولا أدري إن كان وزن الحقيبة المدرسية يشكل " قضية تربوية"؟! ولكن أتمنى لو تطرق إليه المؤتمر لأن الوزن الثقيل في المناهج ليس ثقيلاً على العمود الفقري فقط بل وعلى الدماغ الطفولي الذي يحتاج فسحات للعب واللهو والمواهب والثقافة أيضاً..
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي أخباراً عن تجربة فرنسا اتي اختصرت كل المنهاج بكتاب واحد شهري يحمله الطالب فيه كل المواد وبالتالي لا يضطر لاصطحاب كل كتبه كل يوم بل كتاب واحد و ربما كراس واحد..
لقد اعتبر صديقي الوزير أن مقترحنا بتأجيل العام الدراسي حتى مطلع تشرين حتى ينتظم الطقس ويستمتع الناس بالعطلة ويستفيد الاقتصاد وأصحاب المنشآت ، اعتبره يومذاك -مازحاً - أنني : عمأشتغل فيهم ..رغم أنه حصيلة رأي عام!!
أرجو اليوم أن يصغي جيداً ويعمل بعقله الشاب المنفتح على ايجاد حل ينقلنا إلى عالم المستقبل في العلم..
-------------------------
وهنا أذكر بمقالي قبل 11 عاماً والذي قلت فيه لوزير التربية الأسبق الدكتور علي سعد -في أوج قوته - :(مشكلة حقيبة أطفالنا.. أهم من حقيبتكم الوزارية:
معالي وزير التربية.. لو كان لديك أطفال في المدرسة لشعرت بشعور أهالي ملايين التلاميذ..!)
كتب أيمن قحف
أعترف أنني اقترفت اليوم خطأ جسيماً تسببت من خلاله بإزعاج "معالي" الدكتور علي سعد وزير التربية حفظه الله ورعاه..
لم يكن يحق لي أن أتحدث بأمور شخصية وتافهة أمام مسؤول بحجم "وزير التربية" الذي "زجرني" بكل معنى الكلمة وتساءل مستغرباً: ما هذا الأمر الخطير..
القصة وما فيها أنني مواطن عربي سوري لدي ثلاثة أطفال في المدرسة لا يتجاوز وزن أكبرهم 25 كيلو غراماً وأصغرهم 17 كيلو غراماً وهم أطفال جميلون وأحبهم وأخاف عليهم مثل أي إنسان أو حتى خروف أو فيل أو نمر .
أولادي يحملون كل يوم إلى المدرسة حقيبة تزن ما بين 7-10 كيلو غرامات من الكتب والدفاتر وينزلون خمس طوابق صباحاً ويعودون ظهراً ليصعدوا إلى المنزل مع هذا الحمل الثقيل الذي بدأ يظهر انحناءات على ظهورهم منذ الطفولة.
كنت أظن أنني واهم ولكنني سألت عشرات الأصدقاء والجيران عن موقفهم من هذه القضية فكان الجميع بدون استثناء يشتكون..
بعد نقاش طويل وتأمل أطول قررت ومن خلال موقع سيريانديز أن أبدأ حملة بعنوان "حقيبة مدرسية أخف" ندعو من خلالها إلى إيجاد وسيلة للتخفيف –ما أمكن- من ثقل هذه الحقيبة.. نشرنا استفتاء على الموقع وبعد قرابة الشهر كان عدد المصوتين 3168 قارئاً اعتبر 89.5% منهم أنه لا يوافق على الوضع الحالي ولابد من إيجاد وسيلة لتخفيف وزن الحقيبة المدرسية، بينما وافق 7.8% على الواقع الحالي و 2.8% كانوا محايدين.
اليوم، وبالمصادفة وجدت نفسي وجهاً لوجه أمام معالي الأستاذ الدكتور علي سعد وزير التربية وهو بالمناسبة أستاذ في كلية "التربية" وكان عميداً للكلية قبل تولية منصب الوزير..
وبالنظر للعلاقة الطيبة التي كنت أظن أنها تجمعني بصاحب المعالي الوزير سلمت عليه بحرارة وقلت له أنني أسعى لتخفيف وزن الحقيبة المدرسية ونحتاج لتعاون وتفهم الوزارة..
فجأة تجهم الوزير وبدا عليه الغضب والاستهجان والاستغراب، رمقني بنظرة غاضبة وكأنني ارتكبت جريمة، تركني ومضى بكل ما في الدنيا من ازدراء وانتقاص لي وللفكرة (المجرمة) التي طرحتها.. مشى وهو يتمتم.. هذا هو الأمر الخطير الذي أردت أن تحدثني به.. سألت مرافقه: هل لدى الوزير أولاد صغار في المدرس؟ قال لي: لا..
فأجبت ربما لأجل ذلك لم يفهم معنى أن يحاول المرء تخفيف المعاناة عن أطفاله الذين يحبهم..
يا صاحب المعالي ويامن خرّجت أجيالاً من المربين وحملت طوال عمرك اسم "التربية" في دراستك وعملك الأكاديمي ومنصبك كوزير، هل حقاً أخطأنا وأذنبنا إذا طالبنا بتخفيف وزن الحقيبة المدرسية..؟ !
وهل خلفيتك "التربوية" ومنصبك "الرفيع" يشفع لك أن تزدري صحفياً ومواطناً يحاول أن يطرح عليكم مشكلة يعاني منها ملايين الأهالي والتلاميذ..؟
يا صاحب "المعالي" أنت مدين لي كصحفي وأب باعتذار لأنني لم ولن أحتاجك يوماً في أمر شخصي وتعلم ذلك جيداً، وكل ما نطلبه من معاليكم أن تعتبروا المشكلة مشكلتكم بحكم المنصب الذي يفرض عليكم الاستماع لهموم الناس ومحاولة حلّها .. وليس (تحقيرهم) لمجرد أنهم طرحوا فكرة لم تعجبكم..؟!
وأقول لكم في النهاية: صحيح أن حقيبتكم الوزارية "ثقيلة" ولكن بالنسبة لنا فإن حقيبة أطفالنا "أثقل" وأكثر من جميع همومكم "الحكومية".
syriandays
الأربعاء 2008-02-27
17:52:17
http://www.syriandays.com/?page=show_det&id=8556