كتب :أيمن قحف
سرقت اليوم بعض الوقت من صديقي القديم المهندس علاء ابراهيم-محافظ ريف دمشق،والحقيقة أنني أحاول أن لا أشغله عن دوره الكبير في خدمة الناس رغم محبتي للقائه دائماً.. يعطي محافظ الريف جل وقته للعمل الميداني في محافظة مترامية الأطراف، وبلا شك فقد حقق نجاحات مدهشة في ملف المصالحات وأعطى أفضل صورة عن قوة الدولة ومصداقيتها..
خلال الجلسة الطويلة اليوم،وما تخللته من بعض لقاءات حضرتها في مكتبه،حصلت على جواب لسؤال لطالما تردد في ذهني:ما دام العمل اليومي والميداني والمصالحات ومعالجة نتائج الأزمة تأخذ وقت المحافظ، فكيف سيكون هناك تفكير استراتيجي؟!
من خلال حديثه مع مدير عام هيئة الاستثمار والتطوير العقاري الدكتور أحمد الحمصي بدا المهندس علاء ابراهيم حريصاً على التفكير بمرحلة ما بعد الأزمة وإعادة الإعمار أكثر من معالجة الواقع القائم المتعلق بحل مشكلة مهجرين أو ما شابه.. لا ينظر المحافظ إلى المنطقة التي تريد الهيئة تحويلها لمنطقة تطوير بمعزل عن محيطها، ولا يريد أن يعطى المطور ميزة اعتبار هذه الأرض أو تلك كمنطقة تطوير عقاري لمجرد رفع أسعارها والاتجار بالأراضي، يفكر ويصر على التخطيط للمستقبل بصورة أبعد مما يتم تقديمها له، ولن يوافق على أي مشروع تطوير ما لم يكن هناك نطاق زمني ملزم يجعل الموافقة ملغاة في حال عدم تنفيذ المشاريع..
أسأل المحافظ بعد مغادرة الضيوف: يبدو أنك تضمن "الاستراتيجيات في كل اجتماع أو قرار أو جولة، ولا تجعلها مجرد أوراق مخزنة ضمن أغلفة أنيقة؟! يجيب ببساطة: لم أحب في حياتي المجلدات ولا الخطط المنمقة، أنا أرى أن الاستراتيجيات هي صور مشرقة متفائلة نرسمها في مخيلتنا للمستقبل وكيف سيكون بلدنا، وفي كل خطوة نقوم بها اليوم وغداً لا تبارح الصورة المنتظرة مخيلتي فتغدو المسطرة التي أقيس عليها، ويكون لكل اجراء منظورين :آني واستراتيجي...
هكذا تتحرك المصالحات و نبني في المدينة الصناعية ونعطي موافقة بناء ونكافئ أو نعاقب هذا العامل أو المسؤول.. التركيز على الاستراتيجيات الورقية هي خوض في الفراغ، والعمل بمنطق اللحظة يجعلنا غير متيقنين من صلاحية ما نقوم به اليوم للمستقبل..
أودع المهندس علاء ابراهيم وأنا أقول في نفسي: لقد نجح الرجل في بناء صورة المسؤول القوي الذي ينجز العمل ويحس بالناس ويفضل الميدان.. واليوم أقنعني بشكل جديد وعملي للـ"تفكير الاستراتيجي"؟!