سيريانديز- مكتب اللاذقية- تحقيق: هاشم سهيل ابراهيم
تاريخيا .. لم تكن اللاذقية بمنأى عن الحركة الثقافية والسياسية التي عاشها المجتمع السوري، ولا معزولة عن الصحافة، فأول صحيفة صدرت فيها حملت اسم "اللاذقية" تعود لعام 1909ميلادي ، ولعل هذا العمر الزمني يقود إلى الجزم بتطور تجربة السلطة الرابعة في المدينة ، إلا أن واقع الحال ليس كذلك ...
عشرات الجرائد التي صدرت خلال القرن الماضي لم تعد موجودة ، كما أن جريدة الوحدة الصحيفة الرسمية والوحيدة في المدينة تحولت منذ عام إلى موقعٍ إلكتروني، فعلى أي مذبح اندثرت الصحافة؟ وهل قٌضِمت حصة المدينة من الكعكة الإعلامية ؟
سيريانديز حاول الإجابة عن بعض التساؤلات المتعلقة بهذا الملف في التحقيق التالي :
الصحافة رسالة نبوية والأبجدية الأولى لا تعبر عن ذاتها!
الأستاذ مالك الرفاعي .. مدير جريدة الوحدة ورئيس تحريرها تحدث لنا عن رحلة "الوحدة" بين الصحافة المكتوبة والإلكترونية ، ومدى تأثر الطباعة بالحالة الاقتصادية في ظل أزمة البلاد. مبديا إيمانه العميق بالصحافة المكتوبة التي شبهها برسالة نبوية لتواصل الإنسان مع أخيه، فإذا انفلتت الكلماتُ من وجدانيتها تصبح أكثرَ قتلا ودمارا من السلاح ذاته كما يقول .
أما عن واقع الصحافة في الساحل السوري فيرى مدير " الوحدة" أن الأبجدية الكونية الأولى وهي في بدايات القرن الواحد والعشرين لم تعد تعبر عن ذاتها ، في الوقت الذي تصدر في فرنسا الغرب صحيفة خاصة بأبجدية أوغاريت !
تقدم متواضع ومساعٍ لِتحسين الإمكانات
بالانتقال إلى الإعلام المرئي يقول الأستاذ عبد الله حيدر معاون رئيس المركز الإذاعي والتلفزيوني في اللاذقية ومشرف الأخبار إن الإعلام السوري بشكل عام مازال يحتاج إلى الكثير ، لأنه شبكة اتصالات كلما اتسعت كلما حققت انتشاراً، وعن مستوى الإعلام في اللاذقية فيرى حيدر أنه شهِد تقدما متواضعا ، لكنه لا يستطيع أن يحقق الكثير في ظل الإمكانات المحدودة المتوافرة، ويعول على المساعي الحالية التي تقوم بها وزارة الإعلام لتكون المؤسسات الإعلامية قادرة على المنافسة.
ولدى الحديث عن" أوغاريت " القناة التلفزيونية حديثة الولادة في الساحل السوري، أوضح حيدر أن الانتقال من البث الأرضي إلى الفضائي مرتبط بتوافر عدة عوامل كرأس المال المخصص وتوفر التجهيزات ، مشيراً إلى تطويرات ستشهدها برامج القناة العام القادم، كبث نشرات أخبار تعنى بالشأن المحلي وإفرادِ مساحة خاصة للبرامج السياسية.
القرب المكاني فرض نفسه ... قصدنا إذاعة أمواج كي يكون صوت الإعلام المسموع حاضرا في صفحتنا .. مديرة المحطة ثناء حسون قالت إن الإذاعة أنشئت في ظل الأزمة كي تكون رديفة لباقي المحطات الإذاعية والتلفزيونية في دعم تصدي الوطن للحرب الدائرة على أرضه ، من خلال ايصال صوت الحقيقة والمواطن على السواء .
كما أكدت حسون على ازدياد انتشار المحطة منذ انطلاقتها.لافتة إلى أهمية البث الإذاعي الفضائي في وصول أمواج إلى بلاد المغترب، وإلى تطوير البث الذي حصل مؤخراً بإشراف وزارة الإعلام، كي يشمل مساحة أكبر من منطقة الساحل والمناطق الداخلية.
بيئة المنافسة الصحفية غير موجودة في المدينة، وكسب الثقة مع جمهور المحافظة يحتاج إلى وقت أكبر !
ابن اللاذقية ومراسل قناة المنار اللبنانية الإعلامي سومر حاتم ، رأى أن وسائل إعلام كثيرة تسلط الضوء على المحافظة لاعتبارات أهمها أنها مسقط رأس رئيس الدولة، والمحافظة التي مازلت تحظى بأمن نسبي مقارنة بغيرها ، لكن العمل الإعلامي فيها بحاجةٍ لفهمِ طبيعة المجتمع وكسر الحواجز، التي يتوقع الصحفي أنه سيصطدم بها .
حاتم قال إن المدينة البعيدة عن العاصمة تعمل بها وسائل الإعلام الرسمية ضمن ذهنية " الإبتعاد عن وجع الراس " ، ورغم محاولة هذه الوسائل تغيير أسلوب عملها وخروجها من النمط الخشبي كما يصف، فإن بيئة المنافسة المهنية الحقيقية غير موجودة حتى الآن، وأن كسب ثقة جمهور المحافظة يحتاج إلى وقت أكبر. .
وتساءل حاتم عن معوقات الحضور السريع للإعلام الرسمي في الأحداث التي تحصل في الساحل السوري، مستشهدا بغياب البث المباشر حين حضر البطريرك بشارة الراعي مؤخرا إلى طرطوس، ورأى أن صفحةً على الفيس بوك، وعواجل "شام إف إم" أكثر متابعة من الإعلام الرسمي في المحافظة
الإعلام الخاص
راديو حلا كإعلام خاص يقف على مسافة واحدة من جميع وسائل الإعلام في المدينة ويرفض تهميش أي مؤسسة إعلامية فيها كما يقول مدير العلاقات العامة فيه، وتقدم إذاعة حلا مجموعة من الأغاني إضافة إلى جملة من البرامج التي تعالج قضايا المجتمع
مصارحة مازالت غائبة ..
وكي يكون تحقيقنا متوازنا قصدنا الشارع لنستمزج أراء الناس التي تباينت بطبيعتها بين من يرى أن الأعلام الرسمي نجح في قولبة وسائل الإعلام في المدينة، فما يُقال في دمشق هو ذاته ما يردد في وسائل إعلام المحافظة ، وبين من رأى أن الإعلام السوري بشكل عام شهِد تحسناً ملحوظاً لكنه يبقى دون المستوى المطلوب، فيما اشتكى البعض من غياب المصارحة المتعلقة بمشكلات المواطن الناجمة عن الأزمة، بدأً من الكهرباء والوضع المعيشي، وانتهاء بتجنب الإعلام المحلي الخوض في ملفات الفساد .
لياقة مهنية ؟
خلافا لكافة الوسائل والكوادر الإعلامية التي شملها تحقيقنا، سجلت فضائية خاصة تبث من المدينة أدنى درجةِ تجاوبٍ مع اتصالات معد التحقيق، فبين المماطلة وعدم الرد ، نسأل عن اللياقة المهنية التي يفترض أن تحكم عملنا كزملاء في وسائل إعلامية محترمة .
ضمن هذا الواقع يتطلع "سيريانديز" لبناء فضاء إعلامي جديد في المدينة، تقتسم أثيره كافة أسر الصحافة ، لتشارك في بناء مستقبل مشرق يعيد للأبجدية الأولى لغتها الناصعة .