براء الأحمد
أقر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة في عام 2014مشروع قانون التموين والتجارة الداخلية المتضمن تشديد العقوبات والغرامات المفروضة على المخالفين.، ويهدف مشروع القانون إلى ضبط الأسواق بطريقة فاعلة وحفظ حقوق المواطنين في تلبية احتياجاتهم الأساسية من المواد والسلع والخدمات بالسعر والجودة المناسبين بما ينسجم مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها سورية.
قبل أن يتجه إلى مجلس الشعب لمناقشته بدأ جدل حوله ضمن أروقة الحكومة نفسها ولا سيما لتضاربه مع مهام وصلاحيات جهات أخرى في مواضيع الرقابة والجودة وغيرها...
نبدأ اليوم بموضوع التعارض ما بين صلاحيات وزارة التجارة الداخلية ووزارة السياحة بموجب مشروع القانون الجديد في مجال الرقابة على المنشآت السياحية..
يظهر جلياً من خلال مراسلات وزارة السياحة مع وزارة التجارة الداخلية مدى التضارب الحاصل بشكل قد يسلب السياحة أحد أهم مبررات وجودها!!
فقد منح المرسوم التشريعي رقم 41 لعام 1972 الخاص بإحداث وزارة السياحة والمجلس الأعلى للسياحة وزارة السياحة صلاحيات كثيرة في المادة الرابعة منه، أبرزها تنشيط القطاع الخاص لإقامة المنشآت السياحية واستثمارها وإعداد التوصيات والأمور المتعلقة باختصاص الجهات العامة الأخرى وحق تسجيل وترخيص ما تقرر إعطاؤه الصفة السياحية ( لمؤسسات التسفير والسياحة ومنشآت المبيت والمحالات العامة ومحال بيع التحف الشرقية ) بالإضافة إلى تحديد الأسعار فيها ومراقبتها بالاتفاق مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
-كما منحت المادة الحادية عشرة منه الصلاحيات لوزير السياحة لتحديد المنشآت والمحال العامة ومحال بيع التحف الشرقية التي تخضع لإشراف ورقابة وزارة السياحة وتحديد قواعد التصنيف والتسعير والمراقبة لهذه المنشآت والقرارات الخاصة بتأليف اللجان التي تقوم بالأعمال المذكورة.
وبناء على تلك الصلاحيات التي خولها القانون المذكور تقوم وزارة السياحة بتنفيذ وتسير أعمالها في المتابعة والمراقبة والتسعير وما إلى ذلك...
اليوم ما الذي استجد في الموضع ؟؟؟
إن مشروع قانون التموين الجديد المنتظر مناقشته في مجلس الشعب يتعارض مع مرسوم احداث الوزارة والمجلس الأعلى للسياحة آنف الذكر، وفي حال صدوره يعطي الصلاحية لوزارة التجارة الداخلية بممارسة الدور الرقابي نفسه الذي تمارسه وزارة السياحة من خلال مرسوم إحداثها المذكور أعلاه والمرسوم رقم 198 لعام 1961 ومحضر اللجنة الدائمة للسياحة رقم /3/لعام 1985 ا ،و لهذا السبب ترى وزارة السياحة انه يتعارض مع صلاحيتها مشروع القانون أعلاه.
وزارة السياحة سبق وان قدمت العديد من الكتب الى رئاسة مجلس الوزراء وغيرها من الجهات تشير فيه الى ان مشروع القانون التموين يتعارض مع صلاحياتها والى ضرورة لحظ دور وزارة السياحة في تطبيق وتنفيذ ما جاء في مشروع القانون على المنشآت السياحية وفق ما نص عليه مرسوم إحداث الوزارة وقدمت التعديلات وملاحظاتها بدون جدوى حيث لم يتم لحظ تلك التعديلات.
لهذا قامت وزارة السياحة مؤخرا، بتاريخ 30|12|2014.بتوجيه كتاب إلى وزارة التجارة الداخلية مشيرة فيه إلى تلك الكتب والملاحظات التي سبق وارسلتها من خلالها وارفقت بكتابها هذا كتاب رئاسة مجلس الوزراء رقم /19957/1 تاريخ 21/12/2014 والمرفق به القانون الخاص بضبط أسعار المواد والسلع التموينية ووضع أسس السياسة العامة للأسعار ومنع الاحتكار.
وأشارت إلى الكتب والموجهة لنائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية تتعلق بضبط أسعار المواد والسلع التموينية ووضع أسس السياسة العامة للأسعار ومنع الاحتكار، وكتاب لرئيس مجلس الوزراء المتضمن طلب الموافقة على إبقاء الصلاحيات الممنوحة للوزارة من ناحية التسعير والرقابة وتمثيل الوزارة في اللجنة المشكلة لصياغة مشروع قانون ضبط أسعار السلع والمنتجات والخدمات
- كما أشارت إلى كتابها المتضمن ملاحظاتها حول مشروع القانون آنف الذكر، وكتاب رئيس مجلس الوزراء المتضمن التنسيق مع وزير العدل فيما يخص مشروع قانون ضبط أسعار السلع والخدمات والمنتجات واتخاذ الإجراءات اللازمة من قبلهم لعرض يخص مشروع قانون ضبط القانون المذكور أعلاه عند مناقشته أصولاً في مجلس الشعب.
والكتاب الموجه الى وزير العدل والذي تضمن:
ضرورة لحظ دور وزارة السياحة في تطبيق وتنفيذ ما جاء في مشروع القانون على المنشآت السياحية وفق ما نص عليه مرسوم إحداث الوزارة المذكور أعلاه (تحديد الأسعار –إغلاق المنشآت –ضبط المخالفات ......... )
- تعديل المواد الواردة في مشروع القانون بما يتوافق مع ما ذكر.
- والإيعاز إلى اللجنة المكلفة بصياغة مشروع القانون بالإبقاء على الصلاحيات الممنوحة لوزارة السياحة من ناحيتي التسعير ورقابة المنشآت السياحية لما له دور في الحفاظ على الاستثمار السياحي وإضافة ممثل عن وزارة السياحة للتنسيق مع اللجنة وإعداد الصيغة النهائية لمشروع القانون.
- وإلى كتابها رقم /648/ تاريخ 16/3/2014 الموجه إلى وزير العدل والمتضمن الإشارة إلى الكتب المذكورة أعلاه وإلى الاجتماع الذي تم للجنة حماية المستهلك لدى وزارة التجارة برئاسة معاون الوزير للشؤون الفرعية ومناقشة مشروع القانون الخاص بالتموين وضبط الجودة بحضور ممثل عن وزارة السياحة (مدير الخدمات والجودة السياحية)
وإلى الكتاب رقم /3377/ تاريخ 18/2/2014 الذي أشار أيضا إلى عدم الأخذ بمضمون الملاحظات على مشروع القانون وعدم الأخذ بالاجتماع الذي جرى بمبنى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
نتيجة سلبية وتراجع الاستثمار السياحي
و بينت وزارة السياحة في كتابها أيضا انها لا ترى مانعاً من ممارسة الدور الرقابي أو تحديد الأسعار في المنشآت السياحية من قبل وزارة التجارة الداخلية ،كون الوزارتين تسعيان إلى تحقيق مصلحة المستثمر والمواطن بآن واحد، لكن ممارسة هذا الدور على المنشآت السياحية من قبل أي جهة رقابية اخرى سيؤدي إلى نتيجة سلبية وإلى تراجع الاستثمار السياحي لوجود حالات حتمية لإغلاق بعض المنشآت السياحية نتيجة حالات معينة من المخالفات المرتكبة ويؤدي إلى خلق بلبلة بين المستثمرين والزبون القاصد للمنشأة السياحية وخصوصاً إذا كانت هذه المنشأة منشأة مبيت أو إقامة ويقطنها مواطنين سوريين أو سياح أجانب ويطلب منهم مغادرة المنشأة بشكل فوري لإغلاقها في حين أن وزارة السياحة اعتمدت آلية لإغلاق المنشآت السياحية .
- وسيؤدي إلى إلغاء كافة القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى كنتيجة حتمية لممارسة دور رقابي من جهة جديدة حسب القانون.
- كما إن تسعير المنتجات السياحية يختلف عن تسعير بقية المنتجات الصناعية والتجارية كونه يتعلق بمستوى المنشأة السياحية الممنوح لها ويتعلق بمعايير الجودة المعتمدة في هذه المنشآت كما يتعلق بالشروط الفنية والخدمية للمنشأة السياحية التي تنعكس على القيمة الاستثمارية للمنشأة السياحية وبالتالي على التكلفة غير المباشرة للخدمة أو المنتج السياحي.
يتعارض مع مرسوم إحداث وزارة السياحي
إضافة إلى ما سبق والأهم، أن مشروع قانون التموين الجديد يتعارض مع مرسوم إحداث الوزارة والمجلس الأعلى للسياحة كما أشرنا بداية، هذا أولا
ويتعارض مع نص المرسوم التشريعي رقم /198/ لعام /1961 ثانيا في:
- المواد /4-7-11/ : التي تقول لعدم جواز استثمار المحال العامة والمؤسسات الفندقية إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من قبل وزير السياحة وتصنيف المؤسسات الفندقية والمحال العامة وتحديد الأسعار فيها بقرار من لجنة تشكل بكل محافظة بقرار يصدر عن وزير السياحة.
- والمواد /26-27-28/ :تؤكد ان تحديد أسعار أجور المبيت والوجبات والمأكولات والمشروبات بلجان تصدر عن وزير السياحة وإلى وجوب الإعلان عن الأسعار في كافة المنشآت السياحية وعدم جواز البيع أو العرض بأكثر من السعر المعلن وإمكانية الاعتراض على التصنيف أو الأسعار التي تحددها هذه اللجان.
- والمادة /30/ التي تجوز لوزارة التموين أو لمديرية السياحة أن تطلب من اللجان تحديد الأسعار النظر كل سنة في الأسعار المحددة للمؤسسات الفندقية والمحال العامة كما يجوز لأصحاب المؤسسات والمحال المذكورة طلب إعادة النظر بعد مرور ستة أشهر من تحديد الأسعار لمؤسساتهم ومحالهم
- المواد /31/ المتضمنة : عدم جواز عرض أو بيع الخدمات بأكثر من الأسعار المقررة لها وعدم جواز الامتناع عن تقديمها بالسعر المحدد لها وضبط هذه المخالفات من قبل الضابطة القضائية المشكلة بموجب أحكام هذا المرسوم.
- المادة 32 منه المتضمنة" لموظفي مديرية السياحة و دوائر الاقتصاد المفوضين بموجب قرار من وزير الاقتصاد صفة الضابطة القضائية في ضبط مخالفات أحكام هذا القانون و الأنظمة والتعليمات المتعلقة به .
إضافة لذلك ان مشروع قانون التموين الجديد يتعارض أيضا مع محضر اللجنة الدائمة للسياحة رقم 3 لعام 1985: كون اللجنة المفوضة باتخاذ القرارات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ كل وزارة فيما يخصها ودراسة اللبس الناشئ عن تداخل صلاحيات الوزارات ( المذكورة أعلاه ) نصت في المحضر من خلال البند الخاص بالتسعير على تكليف وزارة السياحة بتسعير المنشآت السياحية المركزية بالاتفاق مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
كما أشارت السياحة الى معارضة اتحاد غرف السياحة ومجالس إدارة غرف السياحة لممارسة الدور الرقابي وتحديد الأسعار من قبل جهتين رقابيتين
وبينت في كتابها أيضا إن موضوع الرقابة على المنشآت السياحية لا يتعلق بموضوع رقابة الأسعار والمواد الغذائية فقط وإنما يتعلق بالإضافة لها بالأمور التالية:
- الشروط الفنية والخدمية ومعايير الجودة التي أَهلت بموجبها المنشآت السياحية ومنحها الترخيص اللازم لمزاولة العمل بالإضافة إلى ان أغلب المنشآت السياحية حاصلة على رخصة إشادة سياحية بموجب الشروط والمعايير المعتمدة لمنح هذه الرخصة.
- العلاقة الوظيفية ضمن المنشآت السياحية والتي تؤدي إلى تقديم الخدمات بالشكل الأمثل وتؤدي إلى تحقيق التواصل بين عمال المنشأة السياحية في تقديم هذه الخدمة وفق معايير معتمدة لكل سوية من سويات المنشآت السياحية.
- الشروط التنشغيلية الخاصة بعمل المنشآت السياحية والشروط البيئية للمنتج السياحي منذ توريده إلى المنشأة على شكل مادة أولية وانتهاءً بتقديمه للزبون
والشروط المعتمدة من قبل السياحة لكل من مدراء المنشآت السياحية ومعاوني المدراء ورؤساء الأقسام وعمال المنشآت
( خدمة الغرف , المصبغة , المطعم , الاستعلامات , ......) وذلك حسب كل سوية من سويات المنشآت السياحية ، كما أن رقابة المنشآت السياحية من ناحية تطبيق المرسوم62 لعام 2008الخاص بمنع التدخين.
وأشارت الى إن الجهاز الرقابي المكلف بالعمل في وزارة السياحة كضابطة عدلية هو جهاز فني هندسي سياحي تم تدريبه على تأهيل وتصنيف المنشآت السياحية وعلى مراقبة معايير الجودة المعتمدة والعلاقة الوظيفية في المنشآت السياحية ومراقبة الشروط والمواصفات الفنية والخدمية اللازمة لعمل المنشآت السياحية بالإضافة إلى النواحي السعرية والغذائية ولا يمكن لأي جهاز رقابي غير مؤهل بهذا الشكل ممارسة الدور الرقابي المنوط بالمنشآت السياحية.
إضافة إلى أن تحديد الأسعار في المنشآت السياحية يتم بشكل أولي من خلال دراسة الانعكاس الإيجابي على الاستثمار السياحي في القطر , وبشكل يعزز وينمي هذا الاستثمار ويحقق بنفس الوقت مصلحة المواطن
وعدم جواز استثمار المحال العامة والمؤسسات الفندقية إلا بعد الحصول على الترخيص اللازم من قبل وزير السياحة وتصنيف المؤسسات الفندقية والمحال العامة وتحديد الأسعار فيها بقرار من لجنة تشكل بكل محافظة بقرار يصدر عن وزير السياحة.
- تحديد أسعار أجور المبيت والوجبات والمأكولات والمشروبات بلجان تصدر عن وزير السياحة وإلى وجوب الإعلان عن الأسعار في كافة المنشآت السياحية وعدم جواز البيع أو العرض بأكثر من السعر المعلن وإمكانية الاعتراض على التصنيف أو الأسعار التي تحددها هذه اللجان
- يجوز لوزارة التموين أو لمديرية السياحة أن تطلب من اللجان تحديد الأسعار والنظر كل سنة في الأسعار المحددة للمؤسسات الفندقية والمحال العامة كما يجوز لأصحاب
المؤسسات والمحال المذكورة طلب إعادة النظر بعد مرور ستة أشهر من تحديد الأسعار لمؤسساتهم ومحالهم
ملاحظات وزارة السياحة لم يؤخذ بها بمشروع القانون الجديد
وهناك العديد من الملاحظات التي لم يتم الأخذ بها والواردة في كتب السياحة آنفة الذكر
,ومقترحات التعديلات لفقرات من مواد مشروع القانون التموين التي لم يؤخذ بها ولم تلحظ في مشروع قانون التموين الجديد.
سؤال لا بد منه
- وبعد هذا العرض سؤالنا:
هل قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بكافة أعمالها اتجاه الأسواق من ضبط الأسعار ومنع الاحتكار وحماية المستهلك والكشف عن كافة المخالفات و ضبطت حالات الغش في المحال والمتاجر التي لا تعد ولا تحصى والتي تفشت في كل مكان وأنهكت جيوب المواطنين في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها ولم يبق لديها من عمل سوى مراقبة المطاعم والمنشآت السياحية ومشاركة وزارة السياحة في مهامها وصلاحياتها التي خولها لها قانون احداثها منذ عام 1972.
سيريانديز- موقع الثورة أون لاين