|
|
|
|
ألعاب قاتلة باصابع بريئة...سكيف: تجنيد الأطفال للقتال يعتبر خرقاً أخلاقياً قبل أن يكون خرقا قانونيا |
|
نور ملحم حكايات الأطفال المقاتلين في سوريا لم تعد مرتبطة بالقصص التي اعتاد الناس سماعها عن العنف الأسري والاجتماعي، فقد أخذت اتجاها آخرا. عندما تنتقل حياة الطفل ونموه الجسدي والفكري والتعليمي من البيئة الطبيعية، إلى ميادين أخرى طارئة وناشئة وقاهرة ، تتغير كافة المعطيات وتصبح النتائج غير طبيعية، وغير متوقعة، فشتان مابين اللعب التعليمي الهادف الذي يبني الطفل جسديا ونفسيا وتعليميا، وبين الطفل الذي تصبح لعبته البندقية والرشاش والقنبلة، وأحاديثه عن القتل والحرق والتخريب، وتصبح ذاكرته مخزنا لصور غير اعتيادية، سيبقى تأثيرها مستمرا لسنوات وسنوات.
كم الفرق شاسع عندما يصبح عقاب الطفل الإرشادي لتقصيره في دراسته، الاعتقال والجلد والتعذيب وحرق الأصابع، بدلا من الحرمان من الذهاب إلى المركز الثقافي أو المسرح أو حتى مشاهدة أفلام الكرتون على التلفاز،حينها يأخذ الأمر منحاً مختلفاً وخطيراً على الفرد وعلى المجتمع.
في الفترة الأخيرة كثر الحديث بين الناس وفي وسائل الإعلام عن تجنيد الأطفال السوريين في المعارك اليومية الدامية التي تشهدها البلاد، وانتشرت بعض الصور الغير واعية التي دل على الانحطاط الفكري والجهل لمن قام بتصويرها ونشرها، براءة الطفل لا يمكن لأي مصور مهما كان محترفاً، أو لصاحب فكر معين أن يغيرها أو يسيطر عليها، فكم رأينا من الصور التي تصدم الضمير والوجدان لأطفال يتباهون بحمل البنادق والرشاشات والسيوف، وفي بعض الأحيان الرؤوس المقطوعة، مناظر مصطنعة لا علاقة لبراءة الأطفال بها، بل تعبر عن أيديولوجية دخيلة لهدم المجتمع السوري، من خلال العبث بأساساته, وهي الطفل!
صدرت عدة تقارير عن منظمات دولية تعنى بحقوق الطفل، بعضها حيادي وبعضها الآخر له أهداف معينة، وغايات مبيتة مستورة، التقارير تخللها بعض التباين والاختلاف، لكنها أجمعت على عدة أمور أهمها ازدياد عدد الأطفال المجندين، و أن بعض هؤلاء يجري تجنيدهم قسراً في النشاطات العسكرية أو قد يستخدمون دروعا بشرية وتشير التقارير أيضاً إلى أن أكثر من مليوني طفل في سورية اليوم هم ضحايا أبرياء تعرضوا لخطر الموت و الاعتقال والاستغلال والعنف الجنسي والزواج المبكر والحرمان من التعليم ونقص التغذية فالواقع الأليم فرض عليهم أن يبتعدوا عن طفولتهم البريئة وأن يحولوا لعبوهم المصنوعة من البلاستيك والكرتون والإسفنج إلى ألعاب مصنوعة من الحديد الثقيل، و بعضهم انخرط مرغماً في القتال الدائر بحجة الدفاع عن بيته وأهله، وبعضهم شحنته أجواء المعارك، فأصبحت الأسلحة وحركات الاختباء والكمائن لعبته المفضلة، بينما يكسب بعضهم الآخر عيشه اليومي من بيع الذخيرة وملحقات السلاح، فيما وجد قسم رابع نفسه يشارك في التظاهرات حتى في أشد الظروف خطراً، حيث يعتبر المجتمع الدولي تجنيد الأطفال جريمة حرب، وتضاف أسماء أطراف النزاع التي تجندهم إلى قائمة العار التي تصدرها الأمم المتحدة سنوياً. وفيما يحظر القانون الدولي تجنيد الأطفال واستخدامهم تحت سن الثامنة عشرة للعمل بوصفـهم جنوداً، يبقى حلم تحييد الأطفال عن الواقع المؤلم بعيد المنال. كيف لا، والعنف يغيّر الأولويات ويجعل من العدالة الدولية ضرباً من المستحيل، واستمرار أعمال الإرهاب اليومية يلغي أي فرصة للاهتمام بمستقبل الأطفال وأمانهم الجسدي والنفسي؟ تجنيد الأطفال يدل على انخفاض مستوى الوعي والجهل فلم يسبق لمجتمعنا أن شهد مثل هذه الظواهر، فقد تمت زراعة الحقد و فكرة القتل في عقل الطفل حيث رأى في القتل والعنف ما يحقق مصالحه، وهنا نحذر من النتائج الكارثية المترتبة على مثل تلك الظواهر في حال انتهاء الأحداث في سورية، باعتبار أن العنف سيترسخ في عقل الطفل وأن العنف يحقق المحظور وهذا ما قد يدفعه إلى الجريمة فضلا عن الاضطرابات النفسية والاجتماعية". فمثل تلك الممارسات قد تشجع الطفل كي يأخذ حقه بيده متجاوزاً كل القوانين والأعراف والتقاليد"،
ولا نستغرب أن "تكون الأرياف السورية من أكثر المحافظات إيواءً وتجنيدا للأطفال، فالمحافظات الريفية الزراعية هي الأشد تأثراً بالجهل والأمية، ومن الطبيعي أن يكون أبناؤها من الأطفال هم الأشد انجذاباً إلى العنف لإظهار الوجود وإثبات الذات وتقليد الكبار، حيث هناك ارتفاع ملحوظ في مستويات الأمية والبطالة وفق الإحصاءات الرسمية السورية". التعلم من المحيط الخارجي ويشير المختصين في علم النفس إلى أن الطفل قادر أن يكتسب تعلمه الإنساني من خلال ما يلتقطه من محيطه الخارجي لأنه يتمتع بشدة الملاحظة والتقليد فرحلة الطفولة تتميز بمرحلة حساسة للغاية حيث تتشكل عند الطفل أنماط الشخصية التي سيكون عليها بالمستقبل من خلال تقليده لأعمال الكبار وسلوكيات الراشدين في بيئته, وهذا ينطبق على السلوك العدواني فالأطفال بقصد أو بدونه سيتخذون نماذج من سلوكيات « العنف والقتل وحمل السلاح»
من خلال ما يرونه أو ما يشاهدونه ما يقوي الرغبات المنحرفة والميول المريضة ويولد الاستعداد لارتكاب أعمال العنف بأشكاله المختلفة والتعزيز الايجابي المستمر لتلك السلبيات سيحولها لعادة ملازمة لشخصية الطفل الذي سيخلق نفسية مهمشة مضطربة نفسيا وانفعاليا وما يزيد الأمر خطورة أن الطفل يبقى صامتا أو يرفض الحديث لعدم قدرته على الشرح أو التفسير لكن هذا لا يعني عدم قدرته على تذكر الحدث الذي ستتجلى معاناته على شكل كوابيس لا تلبث أن يستعيدها عن طريق العقل من خلال اللعب الذي يرتبط بالحدث, لذلك تجد العاب الأطفال مسدسات وبنادق وهنا يأتي دور الأهل في ملاحظة أي تغيير على سلوك أطفالهم وإعطاء هذا التغيير ما يستحقه من الأهمية لتلافيه ويمكن ذلك من خلال الانخراط في النشاطات المجتمعية والمدرسية والنوادي الرياضية بقصد تفريغ الطاقة و الضغط النفسي إضافة إلى نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتفكير بأهمية الوحدة المجتمعية
وضرورة إعادة علاقات الأفراد ببعضهم, بغض النظر عن أي انتماءات أو تيارات والتفكير بمصلحة المجتمع والوطن الذي تكالب أعداؤه لاغتيال براءة الأطفال ومستقبلهم وأحلامهم . خرق القانون... من جهة ثانية يقول نقيب المحامين نزار سكيف، إن "قيام الخلايا الإرهابية بتجنيد الأطفال الأحداث القاصرين للقتال يعتبر خرقاً أخلاقياً قبل أن يكون خرقا قانونيا"، مضيفاً: "تجنيد الأطفال يعتبر إساءة كبيرة للوطن وأيضا خرقا للمعايير الأخلاقية لأنه يفترض أن يولى هذا الطفل القاصر كل الاهتمام والتأهيل ليكون عضواً نافعاً في المجتمع بعيداً عن الجريمة والقتال وحمل السلاح، لأن السلاح بالمفهوم الدستوري والقانوني محصور بيد جهة معينة وهي الجيش العربي السوري". وأما على الصعيدين التشريعي والقانوني، فبين سكيف أن "اتفاقيات حقوق الإنسان والاتفاقيات التي تتعلق بالأطفال لدى منظمة الأمم المتحدة، منعت وحذرت من مخاطر تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة، فضلا عن تأكيدها على ضرورة الاهتمام بالأطفال ورعايتهم وتأمين سبل العيش الكريمة لهم، لذلك فإن ما تقوم به المجموعات المسلحة مخالف لكل المعايير الدولية والتشريعات الوضعية والإلهية والوجدانية". ودعا سكيف إلى "ضرورة معالجة هذه الظاهرة السلبية لحماية هذا الجيل من الانخراط في هذه الأجواء البعيدة عن أجواء المجتمع السوري على اعتبار أن الأطفال هم الرصيد المستقبلي"، ورأى نقيب المحامين أن "ظاهرة تجنيد الأطفال شكل من أشكال التجارة بالأشخاص والقصّر والأحداث". ظروف الحرب ترمي بظلالها السوداء على الأطفال في سورية فتضعهم على أطراف الهاوية دون أن تسمع نحيبهم وصوتهم المرتجف الذي يصرخ من قلبهم البريء اتركوني أمارس حقوقي ،من حقي أن أعيش طفولتي وأتعلم وأن ألعب، فليس من حق أحد أن يسلبني حقوقي وأن يسرق بهجتي لكي يدخلني لعبة السياسة والحرب ليس من حق أحد أن يجعل من جسدي جداراً يحتمي به من الرصاص وكفي الصغيرتان لا تقويان على حمل البندقية وجسدي النحيل لا يقوى على الوقوف في المعارك .. الطفولة تناديكم ... أين أنتم يا أصحاب الحق من هذا الكلام ؟؟؟
|
syriandays |
|
الثلاثاء 2013-11-12 14:59:56 |
|
|
|
|
|
|
|