أيمن قحف
في القاهرة،بدأ المزاج الشعبي يتغير تجاه ما فرحوا به وأسموه"الثورة"...
يمكنك أن تسمع في كل مكان شتيمة الحكام الحاليين والبلاء الذي حل بمصر العظيمة بسببهم!!!
بل يمكنك أن تتلمس أصواتاً خافتة،بدأت تعلو، تترحم على أيام حسني مبارك والأمن والواقع الاقتصادي الذي كان "أقل سوءاً"!!!
لا أريد أن أخوض في الجانب السياسي، ولكن من المفيد الإشارة إلى أن حديث الساعة اليوم هو الشأن الاقتصادي والخطر القادم، وأكبر" إنجاز"لحكم الإخوان أنهم قرروا فتح الباب لعودة رجال الأعمال الهاربين لاتهامهم بالاستفادة من حكم مبارك!
يقدرون أن هؤلاء يمكن أن يعيدوا 180 مليار جنيه أي حوالي 30 مليار دولار معهم، وهذا من شأنه أن ينقذ الاقتصاد المصري ويؤمن فرص عمل للشباب العاطل عن العمل، وهناك نقاش واسع ولكن الغالبية مع فتح باب العودة وتجاوز الماضي...
التجربة المصرية،اقتصادياً وسياسياً،قد تعطيناً درساً بعدم التصلب والتعنت،فما نرفضه اليوم ونجعل البلد وأهلها يدفعون ثمناً غالياً سنقبله لاحقاً فقط لنسدد خسائر فترة الرفض السابق!!!
في الهند قال لنا رئيس وزراء إحدى الولايات التي يبلغ عدد سكانها 120 مليون "فقط"أن المعجزة الاقتصادية التي حصلت عندهم سببه أن"الدولة رفعت يدها عن الاقتصاد"!!!
ولما سأله النائب الاقتصادي عبد الله الدردري آنذاك:هل تثقون بالقطاع الخاص؟أجابه:سأفترض أن نصفهم"لصوص"يسرقون الدولة والشعب،ولكن بالنتيجة لقد نهضت البلاد!!!!!
حيث أكتب افتتاحيتي الآن في العاصمة النمساوية فيينا،وقف الرئيس هانز فيشر منذ قرابة الأربع سنوات بجوار الرئيس بشار الأسد وقال له:سيدي الرئيس ،تسعة أعشار الحكمة أن تكون حكيماً في الوقت المناسب...
الكلام لم يكن موجهاً فقط للرئيس الأسد بل لنا جميعاً،وهو حكمة ساقها الرئيس ليستعجل الاصلاحات الاقتصادية التي بدأتها سورية في تلك المرحلة والتي"قضت الثورة عليها بكفاءة"!!!
هذه العبارة تصلح اليوم في زمن غياب العقل والتحكم للغرائز وقبول الكثيرين أن يكونوا مجرد أدوات بيد الخارج على حساب أرواح وبنية البلد!!
كما يراجع المصريون والليبيون والتوانسة حساباتهم –متأخرين-علينا أن نختصر طريق الدمار والقتل لأنه لا حل سوى الحوار و حقن الدماء و وقف خراب البلد..
لقد استهلكت الحرب الأهلية اللبنانية ربع قرن من عمر الشعب،وعادوا أخيراً للمصالحة والحوار ومازالوا حتى اليوم يدفعون الثمن سياسياً واقتصادياً..
الناس كلها تعبت،باستثناء أعداء سورية وشعبها،وكل العقلاء يتحدثون عن أهمية الحوار كضرورة قصوى لوقف العنف وبدء الحل السياسي..
الحل يحتاج لمبادرات جريئة من طرف الحكومة والمعارضة بعيداً عن تبادل الاتهامات،يحتاج لرجال يمحون الذكرى السيئة لحرب البسوس،لرسل لا يخافون أن يموتوا "بشسع نعل كليب"بل عسى الحضارة السورية تغلب قصص الأعراب وخياناتهم وثاراتهم...
عسى الشهامة السورية تغلب النزعات العدوانية..
هل لي أن أتخيل مثلاً أن تهبط طائرة في مطار دمشق الدولي تحمل رجالات المعارضة السورية ويجربون نوايا الحكومة السورية هل ستقتلهم أو تعتقلهم أم سترحب بهم أبناء بلد شرفاء يريدون الحل قبل أي اعتبار؟!
هل لي أن أتخيل خمسين وزيراً وعضو مجلس شعب وضابطاً يقتحمون"بالمحبة"مجلس معارضة في القاهرة أو استانبول ويقولون أننا لن نخرج دون اتفاق يحمي البلد،بل لن نعود إلا معكم؟!!!!
أعرف الشعب السوري،لذلك أعتقد أن الأمر يستحق المحاولة،و"الحكمة"اليوم وقتها المناسب!!
فيينا –رئيس التحرير
فيديو لمن لا يعرف قصة"شسع نعل كليب"
http://www.youtube.com/watch?v=SWI-YVard7c