|
|
|
|
العسل الأصلي ضاع بين المغشوش والممزوج... المربون: غياب الرقابة يسيء للمنتج المحلي الذي يتفوق على المستورد |
|
|
أصحاب الخبرة فقط وحدهم الذين يستطيعون معرفة العسل المغشوش، ربما تكون ماراً من أحد شوارع المدينة فيستوقفك شخص ما، يبدو من هيئته أنه من الريف فيقول لك: لو سمحت ممكن أن تشتري مني هذا العسل، ويبدأ في شرح قصة طويلة مفادها أنه جاء من الريف البعيد إلى المدينة ليعالج زوجته، ونظراً لأن ما لديه من مال قد نفد بسبب ارتفاع أسعار العلاجات والفحوصات والتحاليل المخبرية والصور الشعاعية فإنه مضطر لبيع هذا النوع الجيد من العسل وبالسعر الذي تريده أنت. قد يغريك بالعسل وبقيمته الكبيرة، وفي الوقت ذاته المبلغ الزهيد الذي يضطر للبيع به وربما تنخدع وتشتري ولكن عندما تتذوق العسل تجده خليطاً من السكر والنشاء والشاي والليمون مزوداً بنكهة العسل الطبيعي. تتكرر مثل هذه القصة طوال أيام السنة وإن اختلفت الرواية، فأحد الأشخاص كان يعرض علبة العسل للبيع بحجة أن سيارته تعطلت واضطر لبيع هذه العلبة نظراً لحاجته للنقود كي يصلح سيارته فبادر أحدهم بالشراء بسعر العسل الطبيعي نفسه ليكتشف بها أنه عسل مغشوش. ونجد كثيراً من باعة العسل يفترشون الأرصفة أو يحملون بضاعتهم على ظهورهم ويلفون في أسواق القرى والمدن عارضين بضاعتهم من العسل المغشوش ويحلفون كذباً أنه من أجود الأنواع، مستغلين حب الناس للعسل وإيمانهم بأنه علاج وغذاء، وأيضاً مستغلين عدم معرفة الكثيرين للتمييز بين العسل الطبيعي والمغشوش.
طرق غش العسل وعن طرق الغش في العسل يقول حسين العبدالله أحد مربي النحل: يمكن أن يغش في العسل بعدة طرق، كإضافة محاليل سكرية أو نشاء أو قطع شمع لغرض زيادة الوزن، كما أن هناك ممارسات تؤثر على خصائص العسل وهي من أنواع الغش مثل التغذية الصناعية بمحاليل سكرية أو خلط أنواع معينة من العسل رخيصة الثمن مع أنواع أخرى غالية الثمن، إضافة إلى أنه قد يتعرض العسل إلى التسخين الشديد بقصد فك التبلور، وهذه العملية تؤثر على العسل بأن تحطم خواصه العلاجية وقد تحوله إلى عسل غير صالح للاستهلاك الآدمي. كشف الغش بين الطرق التقليدية والعلمية وحول الطرق التقليدية الشائعة بين الناس لكشف الغش في العسل يقول العبدالله: إن من الطرق السائدة بين الناس للكشف عن العسل الأصلي من المغشوش استخدام عود الثقاب، أو رفع جزء من العسل بالملعقة لمعرفة ما إذا كان ينقطع أم لا، إضافة إلى طريقة وضع العسل في الثلاجة لمعرفة هل يتجمد أم لا، وجميع هذه الطرق أو الاختبارات ومن منطلق علمي لا تعدو عن كونها اجتهادات وتخمينات لا تعتمد على أساس علمي لتحديد الجودة، ولكن تحدد صفة من صفات العسل، فعسل النحل عندما تكون رطوبته عالية فإنه سوف يختلط مع الرمل ولا يتكور وينقطع إذا رفع جزء منه بالملعقة، وكذلك وضعه على ورق الجريدة أو أي ورق شفاف فإن الورقة سوف تتبلل، إذاً هذه الاختبارات جميعها حددت لنا شيئاً واحداً هي نسبة الرطوبة، وهي لا تكفي كمقياس لجودة العسل، فقد يحدد الإنسان مدى نضج العسل نسبة الرطوبة من الرؤية أو تحريك الوعاء من دون اللجوء إلى مثل هذه الاجتهادات، ولكن طرق الغش والتغذية الصناعية كثيرة ولا يمكن تحديدها بمعرفة نسبة الرطوبة، أي إن هناك فحوصاً وتحاليل مخبرية علمية تجرى على عينة من العسل لتحديد النسبة المئوية لكل من: الرطوبة، السكروز، الجلوكوز، الفركتوز، الحموضة، مقدار الهيدروكسي ميثيل فورفورال، أنزيم الدياستيز، مصدر العسل الزهري إلى غيره من التحاليل فهذه التحاليل لا يمكن للإنسان العادي المستهلك أن يجريها بنفسه للتحقق من جودة العسل، وإنما يتم ذلك بالفحص والتحليل المخبري في المختبر، سواء في مختبرات وزارة التجارة أو المختبرات الحكومية الأخرى، أو مختبر جودة العسل إن وجد. ويضيف قائلاً: أريد أن أوضح للمستهلك أيضاً أن الطرق القديمة التي يتداولها الناس تختلف من نوع لآخر من العسل، فعلى سبيل المثال هناك نوع من العسل فاخر يسمى قوقازي متبلور كتلة واحدة، فهذا النوع لا تنطبق عليه معظم الاختبارات أو الطرق السائدة بين الناس. العسل المستورد يلاحظ المراقب والمطلع على حركة السوق أننا نستورد كميات كبيرة من العسل الخارجي مثل العسل التركي والباكستاني والكشميري، والعسل الكشميري قريب من العسل السوري الموجود عندنا من حيث نكهته وقوة رائحته، ولكن قيمته الغذائية كما يقولون ضعيفة للغاية، فالكيلوغرام من العسل السوري يضاهي أكثر من أربعة كيلوغرامات من العسل الكشميري، واستيراد هذه الأنواع من العسل بغرض البيع للمستهلك وهذا شيء لا غبار عليه، ولكن ما قاله لنا السيد عبد القادر العمر هو أن بعض أصحاب المحلات يبيعون العسل الأجنبي على أنه عسل سوري وهذا يعتبر غشاً لا يرضاه أحد، وهناك من يبيعه باسمه الحقيقي وهذا هو الأصل، وهناك من يخلطه بعسل سوري وهذا أيضاً غش يجب أن يعاقب فاعله، وأكد لنا العمر أن العسل السوري هو أفضل أنواع العسل على الإطلاق، ولا يوجد عسل يضاهيه، وأضاف: إن على أصحاب محلات العسل ألا يبيعوا الشمع (أقراص العسل فارغة) على من يظنون أنهم يقومون بصناعة العسل في المعامل لأن هؤلاء يضعون هذا الشمع في العسل المغشوش حتى يعطيه نكهة العسل الطبيعي، وعليهم أيضاً أن يبيعوا كل نوع من أنواع العسل حسب طبيعته بدون خلط في الأنواع، حتى يكونوا على مستوى الثقة التي يمنحها لهم المستهلك وهذه الثقة هي الضابط الأخلافي الوحيد بين البائع والمشتري. ويتساءل الكثير من المواطنين عن دور الرقابة ولماذا تغيب الجهات ذات العلاقة عن متابعة مثل هذه القضية، وتمنع هذا الغش في العسل وتضع حداً لمن يخدعون الناس بهذا العسل المصنوع، ولا يتركوهم يسرحون ويمرحون في مراكز المدن والأرياف يغشون الناس البسطاء ويبيعوهم عسلاً ليس له من صفات العسل الطبيعي إلا الاسم، وهؤلاء لا يشوهون سمعة العسل السوري الأصيل فحسب بل قد يتسببون في الإضرار بصحة المواطنين. الفرق بين العسل المحلي والمستورد وعن الفرق بين العسل المحلى والمستورد وأيهما أفضل يقول محمد العاصي: إن العسل المحلي أفضل أنواع العسل بصدق إذا لم يكن فيه تغذية، فالعسل الطبيعي ممتاز جداً لجميع أجزاء الجسم علاجياً، وبالنسبة لعسل الشوكة والطلح فإنه فعال ومفيد بالنسبة لعسر الهضم وللبطن والمعدة، وهذا مثبت بتجارب، أما بالنسبة لعسل البرسيم فإنه مناسب جداً للعين وللوجه بالنسبة للتجميل وفيه نسبة حديد مرتفعة جداً على الرغم من أنه أرخص أنواع العسل، وعسل المجرى يفيد في حالات السعال والكتم. وحول هذه النقطة يقول عبدو لول: إن عسل النحل سواء أكان طبيعياً محلياً أم مستورداً هو عسل، ولكن تختلف خواصه حسب الغطاء النباتي والبيئة وظروف تربية النحل، وقد نجد بعض أنواع العسل المستوردة أجود من المحلي والعكس صحيح، فالعينة تمثّل نفسها، فالمهم أن يكون العسل ناتجاً من نحل تغذى على رحيق زهور مرغوبة ولم يعرض لحرارة وسوء تخزين يؤثر على خواصه العلاجية. من جهته يقول المزارع عبدالله البكور: إن العسل المحلي أفضل بكثير من العسل المستورد بحكم طبيعة التربة السورية فهي تربة عالية الجودة. أساليب خاطئة في البيع والإنتاج وحول بعض الأساليب الخاطئة في بيع العسل وإنتاجه يقول اللول: بعض محلات العسل للأسف الشديد تقوم بعرض البرطمانات على واجهة المحل المقابلة للشمس سواء الشرقية أو الغربية لجذب الزبائن ولفت الانتباه، ولكن ماذا يحدث للعسل؟ إن أشعة الشمس تعمل كثيراً من الأكسدة للعناصر الغذائية وحرارتها العالية خصوصاً في فصل الصيف، فننبه المستهلك إلى ذلك وننصح صاحب المحل بأن يتجنب عرض العسل على الواجهة حفاظاً على العسل من التغييرات السلبية وحفاظاً على صحة المستهلك، فعسل النحل يكون طبيعياً ودواء إذا لم يتعرض النحل المنتج له لأي عمليات تغذية صناعية، وفرز العسل بعد نضجه بطريقة صحيحة، ودون تعريضه لأي معاملات حرارية أو أشعة الشمس وتخزينه في أوعية صحية، والزجاج هو أفضلها، بينما المعدن المتآكل يتفاعل مع الأحماض الموجودة في العسل ويصبح العسل ملوثاً ببعض المعادن الثقيلة والتي لها تأثير ضار على الجسم على المدى البعيد بما يسمى الأثر التراكمي. ويستطرد قائلاً: كما أن بعض أعسال المزارع قد تتلوث بالمبيدات الحشرية والتي تجمعها النحلة من رحيق الأزهار التي تم رشها بالمبيدات، وتذوب في الشمع أكثر من العسل بسبب القطبية، فبعد فرز العسل تكون أغلبية المبيدات قد تم التخلص منها في الشمع، لذا نحذّر من أكل الشمع الناتج من خلايا النحل في مزارع ترش بالمبيدات الحشرية. إنتاج متواضع حققت إدلب نجاحاً كبيراً في عمليات إنتاج عسل النحل رغم أنها متواضعة حيث بلغت كميات العسل التي تم حصادها من مناحل مديرية الزراعة والثروة الحيوانية في منطقة إدلب والقرى والمناطق التي تشرف عليها مصلحة تربية النحل في مديرية الزراعة التي تقدّر سنوياً بحوالى 571 طن عسل، وهذا الرقم قابل للزيادة والنقصان ويعود ذلك لجودة المناخ والأمطار، وإن عدد الخلايا الحديثة في إدلب يبلغ 42456 خلية تنتج سنوياً 424560كغ، أما عدد الخلايا القديمة فيبلغ 36589 خلية تنتج سنوياً 146356كغ عسل، ولكن تبقى بدائية التسويق والتعبئة وعدم نقاء العسل عائقاً نحو تسويقه وتدني أسعاره وكذلك العائد الاقتصادي. ويأتي هذا الاهتمام بتربية خلايا عسل النحل في إطار الدعم المتواصل والتشجيع المستمر من قبل وزارة الزراعة والسمعة الطيبة التي يتصف بها العسل السوري ومذاقه ذو الخصوصية، وخاصة الجبلي منه، وتصل أسعاره ما بين 1000 ليرة و1200 ليرة سورية بما يتميز من وجود مراع حيث يجد كل الاهتمام والرعاية وما يمثله من اقتصاد مناسب وتسويق مستمر على مدار العام ودخل ثابت للأسر المهتمة بتربيته الذي يرتبط بالعمل الزراعي بجهد وتكلفة قليلة، وأولت الوزارة الاهتمام الكبير في التشجيع للمواطنين لتربية النحل وخلايا العسل والتوسع في هذا النشاط ليشمل مختلف المحافظات السورية، وخصصت العديد من البرامج الإرشادية من أجل النهوض بالثروة النحلية وذلك لأهداف تعظيم العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لتربية نحل العسل ونشر الفكر الاستثماري التنموي في مجال تربية نحل العسل والاستفادة من الموارد الطبيعية ومعطيات التقنيات الحديثة وصولاً إلى تحقيق العائد الاقتصادي بالمنتج وتنظيم العديد من الدورات والبرامج بهدف تربية وإكثار العسل سواء النظرية منها أو العملية وتأهيل مربي النحل لإنتاج الملكات والطرود وعمليات النحالة وفق الطرق الحديثة وتحسين نوعية المنتج في وصف لمدى الاهتمام بتربيته ورعاية خلايا عسل النحل. المزارع فهد البكور أحد المهتمين بهذه الحرفة المهنية أشار إلى أن الإقبال كبير من المزارعين بتربية نحل العسل بما يجدونه من تشجيع ودعم وبرامج هادفة حققت مكاسب عديدة من الإنتاج ووفرة العسل بصفة دائمة على المستوى المحلي وتسويقه في الأسواق وهذا هو سر النجاح المتواصل في تحقيق إنتاجية من كميات العسل في قرى ومناطق إدلب.
|
تشرين |
|
الجمعة 2012-08-24 12:46:31 |
|
|
|
|
|
|
|