سيريانديز- نديم معلا
تميزت الندوة الحوارية التي أقامتها وزارة التنمية الإدارية اليوم في فندق الداما روز بدمشق بالالتزام ببرنامج الندوة الزمني وبسرعة العرض ومباشرته في التطرق إلى مواد القانون المقترحة بعيدا عن شرح الأسباب الموجبة لمواد القانون الجديدة أو المعدلة؛ وليكن السؤال البسيط في بداية الجلسة كيف نصنع جهازا حكوميا ينصف الكفاءات وينجز بسرعة ويلبي تطلعات المواطنين في سوريا الجديدة.
وتهدف الندوة إلى تعزيز صياغة مشروع القانون وبلورة ومقترحات تطويرية تسرع تحويل النصوص إلى أثر مؤسسي ملموس وتدعم منظومة الجدارة والشفافية والمساءلة بما يرفع كفاءة الجهاز الحكومي ويحسن بيئة العمل.
وزير التنمية الإدارية اكد في كلمته الترحيبية أن اللقاء هو خطوة عملية في طريق بناء إدارة عامة تحسن استثمار راس المال البشري وتسهم في تحسين جودة الخدمات للمواطنين؛ وقال: نحن الآن نعمل على معالجة تحديات الوظيفة العامة بما يعيد التوازن لها وينظم العلاقة بين المؤسسة والموظف على أسس عادلة وشفافية.
وأشار الوزير إلى ان القانون الجديد يرتكز على خمسة محاور متكاملة تبدأ بتنظيم عملية التوظيف ثم إدارة الموارد البشرية عبر مسارات مهنية تعتمد على التقييم والتدريب المستمر يليها تهيئة بيئة عمل حديثة دون المساس بجودة العمل وأخيرا الحقوق والواجبات المتوازنة؛ مشددا على ان يشكل القانون مرجعية تشريعية عامة بالتوازي مع اعداد أنظمة تنفيذية ولوائح تطبيقية بما يسرع تحويل احكامه إلى ممارسات عمل واضحة؛ مؤكدا على أهمية التوصيات والطروحات التي تقدم اليوم وتسهم في تحويل مشروع القانون إلى منظومة حية تبنى عليها الممارسات ويقاس بها الأداء.
وتحدث المشاركون عن أهمية اعداد قانون جديد في ظل مرور أكثر من عقدين على القانون السابق الذي عانى من ثغرات كثيرة تتلخص في جمود نصوصه أمام التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وضعف آليات التعيين والتوظيف وعدم منح فرص عادلة للكفاءات، وقصور في آلية تعديل الأجور والتعويضات بما يواكب التضخم وتغير الظروف المعيشية، وضعف أدوات تقييم الأداء وتحفيز بيئة العمل.
وركز المشاركون خلال المناقشات على اعتبار التدريب والتأهيل المستمر حقا للعمال وواجبا وظيفيا وأداة استراتيجية لتعزيز كفاءة الجهاز الحكومي وتطوير الأداء؛ ونال موضوع الأجور وربط التعويضات والحوافز، بطبيعة العمل والإنتاج وخصوصية أداء الخدمة جانبا مهما؛ حيث شددت بعض الطروحات على ربط آلية تعديل الرواتب مع الظروف المعيشية، وتصويب العلاقة مع الإدارات مع تعزيز الضمانات ضد التسريح التعسفي.
الباحث في الإدارة العامة فراس الحمادي بين أن القراءة المتأنية لبنود المشروع وطرحه للنقاش يسهم في وضع اللبنة الأولى في تعديل نصوص قانونية ضمن مسيرة إصلاح مؤسسي شامل، من خلال التركيز على بناء جهاز حكومي أكثر كفاءة وفاعلية، وتكريس مبدأ العدالة الوظيفية بين العاملين، وربط الترقيات والحوافز بمعايير تقييم الأداء لا الأقدمية فقط، إضافة إلى تصويب العلاقة بين المؤسسة والإدارة بما يخلق ثقافة تحفز على الالتزام والابتكار. ورأى الحمادى أن هذا القانون يعكس اهتماما كبيرا من الإدارة الجديدة بعمال القطاع العام كعنصر أساسي ومهم في إعادة بناء سوريا بعد التحرير عبر بناء جهاز إداري حديث يواكب التغييرات ويضمن تقديم الخدمات العامة النوعية للمواطنين.
ممثل الاتحاد العام لنقابات العمل في لجنة صياغة القانون طلال العليوي أكد ان مشروع القانون ما يزال في طور المناقشة واغناء مضمونه عبر الحوارات والنقاشات بما يكمل مهمة اللجنة واستشراق أفكار جديدة يبنى عليها في تطوير أداء المؤسسات العامة ويعزز حقوق العامل وواجباته وخاصة الأجور والتعويضات وقضايا الصحة والسلامة المهنية.
ويرى خبراء في الموارد البشرية ان تحديات حقيقية قد تواجه تطبيق القانون على ارض الواقع منها ارتباط تحسين الأجور والتعويضات بوجود تمويل واضح و موارد مالية مستدامة، كما يخشى وجود بعض الصعوبات البيروقراطية في بعض الإدارات لمقاومة للتغيير، خاصة مع إدخال آليات جديدة لتقييم الأداء والترفيعات والحوافز وغيرها. كما أن نجاح القانون مرهون بمدى قدرة الوزارات على تطبيقه بجدية لا أن يظل حبراً على ورق كتجارب سابقة.
ويشكل القانون بارقة أمل لتحسين ظروف العمل وتعزيز الحماية الوظيفية، وتحفيز العاملين للقيام بواجباتهم وتحصيل حقوقهم بعيدا عن المحسوبيات وشبكات الفساد والترهل الإداري؛ وفي النهاية يسهم تطبيق القانون بتحسين جودة الخدمات العامة من صحة وتعليم وخدمات عامة وغيرها، كما أن إنجازه كأول قانون في سوريا الجديدة يشكل بداية مرحلة الإصلاح الإداري ويفتح الباب أمام إصلاحات أوسع في مجالات اقتصادية وخدمية وغيرها.
شارك في الندوة أيضا رئيس مجلس الدولة عبد الرزاق كعدي، وعدد من معاوني الوزراء، وخبراء، وأكاديميون، وأعضاء اللجنة المكلفة بإعداد الصياغة النهائية لمشروع القانون