كتب: أيمن قحف
في مركز طبي ، الوحيد في سورية الذي يقدم خدمة تخصصية محددة، وبالتالي عليه ازدحام شديد رغم أن الجميع يأتون بموعد مسبق .. أجلس الآن أنتظر دوري في المرحلة الثانية من الانتظار ، أتأمل في وجوه المرضى المتعبة ، ومرافقيهم الذين يجسدون معنى العائلة والإنسانية .. سوريون من مختلف المناطق و الأعمار والطوائف ، المشهد لا يحتاج لكثير من الذكاء لمعرفة الفسيفساء السورية الجميلة .. إدارة المركز تنظم الدور بطريقة رائعة ، والجميع هادئ ومنضبط وملتزم .. الجميع يتعاطفون مع بعض و يعرضون المساعدة وتبادل الخبرة ..
بالنسبة للجميع هو وقت عصيب ، وهنا تظهر الإنسانية والنبل والمعدن الأصيل للشعب السوري .. لم أجد أحداً يخاف ممن بجانبه ، ولا أحد مستريب بالآخر ، مرضى ولكن نبلاء وواعون ومحترمون ، لأنفسهم و للآخر ..
أسأل نفسي ، هل نحن بحاجة لهذا الاختبار لننسى خلافاتنا الدينية والعقائدية والسياسية والمناطقية؟! ليكن .. سورية مريضة ، هي مركز طبي كبير اليوم ، ألا يمكننا أن نكون في حينا ومدينتنا وعملنا بنفس أخلاقياتنا في هذا المركز الطبي حتى لو لم نكن مرضى؟' أ
نظر للطفل النائم بحضن والده و أدعو له بالشفاء وكانّه ابني ، أنظر لسيدة محجبة وأخرى غير محجبة تضع قلادة الصليب تتحدثان كأختين جمعهما المرض.. و أقول : هذا هو الشعب السوري الحقيقي .
كم أتمنى أن نستعيد الوعي ونوقظ ذكريات الحب والعشرة مع من أحببناهم لدهر قبل أن ينخر السوس الطائفي عقول بعضنا ! أيمن قحف