تتواصل المعاناة جراء إصرار الاحتلال التركي على جريمته بحرمان أكثر من مليون مواطن من مياه الشرب في مدينة الحسكة، والتجمعات السكانية الممتدة على خط جر المياه من علوك حتى منطقة الحمة مروراً بمنطقة تل تمر.
للشهر الرابع على التوالي يقطع المحتل التركي المياه عن أبناء مدينة الحسكة وسط معاناة كبيرة في تأمين المياه الصالحة للشرب والخاصة بالاستخدامات المنزلية، رغم كل الإجراءات الحكومية والأهلية والخيرية للتخفيف من المعاناة، إلا أنها تبقى حلولاً إسعافية كون الحاجة أكبر من ذلك بكثير.
أبو بشار سبعيني يقطن في حي غويران يقول لمراسل سانا: إن “قطع المياه والتلاعب بمصير مليون مواطن جريمة بحق الإنسانية”، داعياً إلى ضرورة “تدخل هيئات الأمم المتحدة حيث لا يوجد مصدر بديل يتم الاعتماد عليه غير محطة علوك.. وهذا الوضع أرهق الأهالي في ظل الظروف الحالية والارتفاع الكبير بدرجات الحرارة”.
ويقول الشاب باسل الذي يقطن وسط مدينة الحسكة: “بات الأمر مرهقاً على الأهالي، يومياً تشاهد أطفالاً وكبار سن ونساء من جميع الأعمار لا عمل لهم سوى نقل كميات قليلة من المياه من الخزانات إلى منازلهم، وسط ارتفاع كبير بدرجات الحرارة.. فالمياه المنقولة بالصهاريج الخاصة مكلفة ومجهولة المصدر”.
وأشار صاحب أحد مناهل المياه الخاصة في منطقة الحمة غرب الحسكة إلى أن مستوى المياه الجوفية “انخفض بشكل كبير نتيجة الاستجرار المرتفع للمياه، وهذا بدا واضحاً خلال عمليات التعبئة والزمن الذي يحتاجه خزان الصهريج.. والأمر عام في جميع مناهل المنطقة الموجودة التي يتم الاعتماد عليها بشكل أساسي لتعبئة الصهاريج، ما يشكل خطراً يهدد جفاف هذه الآبار في حال استمر الاستجرار الكبير للمياه”.
ونوه عدد من الأهالي إلى أن المبادرات وما يتم نقله خففت بشكل جزئي، لكن الحاجة إلى المياه كبيرة والغالبية يجدون أنفسهم مجبرين أمام الغلاء لنقل المياه من الخزانات في الشوارع، وخاصة مع الارتفاع الكبير بأسعار المياه المباعة من أصحاب الصهاريج، مطالبين بضرورة مراقبة المياه والتأكد من تعقيمها وصلاحيتها للاستهلاك البشري.
ومع استمرار الاحتلال وإصراره على قطع المياه عن أبناء الحسكة، تستمر الإجراءات الحكومية لإيصال مياه الشرب النظيفة ونقلها عبر الصهاريج من خلال المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية والمبادرات الخاصة التي تنفذ بإشراف لجنة الإغاثة الفرعية في المحافظة.
وأكد نائب محافظ الحسكة حسن الشمهود في تصريح لمراسل سانا استمرار مبادرة قطرة ماء التي تنفذ بالتعاون مديرية الشؤون الاجتماعية ومجلس مدينة الحسكة، حيث يتم يومياً إدخال 6 صهاريج من الحجم الكبير بإشراف اللجنة الفرعية للإغاثة، إضافة إلى مبادرات الدوائر الرسمية في المحافظة والتي تسهم يومياً بنقل كمية من المياه في ظل السعي للوصول إلى كل المنازل”.
وأشار الشمهود إلى أن إجمالي ما يتم إدخاله يومياً عبر مبادرة مياه يقارب 400 متر مكعب، وهذه الكمية قليلة إذا أخذ بالاعتبار الكمية التي كانت تضخ من آبار علوك والتي تصل إلى 60 ألف متر مكعب يومياً في الأوضاع الطبيعية، لذلك نواجه صعوبة كبيرة في الوصول إلى كل المنازل، وخاصة في ظل الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة والتي تفرض زيادة في استجرار المياه”.
من جانبه مدير عام المياه في الحسكة المهندس محمود عكلة لفت إلى استمرار الإجراءات الخاصة بتأمين مياه الشرب لأبناء مدينة الحسكة من خلال محطات التحلية التي تم تركيبها خلال الفترة الماضية، والبالغة 20 محطة 16 منها في مركز مدينة الحسكة و 4 محطات في الأحياء، إضافة إلى الإشراف على المياه التي تقوم المنظمات الدولية بنقلها وتعبئتها في الخزانات التي تم تركيبها في مركز المدينة والأحياء.
وأضاف عكلة: إن “كل الإجراءات المتخذة تبقى في إطار الحلول الإسعافية لتخفيف المعاناة عن الأهالي، والحل الوحيد هو السماح لعمال المؤسسة بالدخول إلى محطة علوك لإجراء أعمال الصيانة والتشغيل وهذا الحل الوحيد لديمومتها واستمرار الضخ، ولا بد من تدخل المجتمع الدولي وهيئات حقوق الإنسان لوقف هذه الجريمة بحق مليون مواطن يعانون قطع المياه منذ عدة سنوات”.