لغة الشعوب حضرت في اليوم الثاني من أيام “الوردة الشامية.. من سورية إلى تورينو” عبر رحلة موسيقية مستوحاة من الوردة الشامية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان احتضنتها القاعة السويسرية في القصر الملكي في مدينة تورينو الإيطالية.
وحملت الأمسية عنوان “قصيدة إلى الوردة”، وشارك فيها موسيقيون من سورية وإيطاليا لتعبق منها أجمل المعزوفات الموسيقية والأغاني التراثية التي شكلت الذاكرة الحية للشعوب.
برنامج الأمسية كان رحلة موسيقية عبر الزمن بدأها الموسيقيون بتقديم أنشودة “نيكال”، وهي أقدم تدوين موسيقي سوري عرفه العالم، اكتشف على لوح طيني يعود لأكثر من 1400 عام قبل الميلاد في مدينة أوغاريت على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
هذه التجربة الموسيقية جاءت بصوت مغنية الأوبرا ميرنا قسيس، لتنتقل بعدها بصوتها الأوبرالي لتقديم مجموعة من الترانيم السريانية التي تعد أقدم أشكال الغناء الجماعي في سورية.
الموسيقيون الذين حرصوا على ارتداء البروكار الدمشقي الذي يعد من الحرف السورية العريقة قدموا مقطوعات موسيقية متنوعة منها “غنية إيرلندية تقليدية” وميدلي “أغاني فيروز” وموشح “لما بدا يتثنى” و أغنية أعطني الناي وغني.
وأثناء الرحلة توقف الجمهور قليلاً في بيت سوري جميل، يحكي قصصاً اجتماعية عن الحب والمحبوب والزواج بطقوس تشكل إلى اليوم لحظات مهمة في حياتنا الاجتماعية كسوريين مع الأغاني التي وصلتنا من أجدادنا والتي تعتمد آلة العود والإيقاع كعنصر أساسي لأدائها، ليقدم الموسيقيون مجموعة أغان تراثية سورية.
الجمهور الذي تفاعل مع الأمسية بشكل كبير عبر عن تفاعله بالوقوف مدة دقيقتين تقديراً للأداء العالي للموسيقيين الذين قدموا عبر الرحلة أيضاً أغنية شعبية إيطالية، وليستمتع بعدها على إيقاع الرومبا مع أغنية يا عاشقة الورد وأغنية باللغة الأرمنية.
واختتمت الأمسية بتقديم أغنيتين، وهما “يا زهرة في خيالي.. ونقيلي أحلى زهرة”، وقدمتا إهداء للسيدة السورية الأولى أسماء الأسد تقديراً لدعمها الدائم للوردة الشامية ومجتمعها.
وفي تصريح لـ سانا قال المايسترو باغبودريان: إن هذه الحكايات هدفها اصطحاب الجمهور لقصة الوردة لتعرفهم على تأثيرها على الناس الذي بدأ من الجذور العميقة إلى أوغاريت التدوين الموسيقي الأول، وصولاً إلى الموسيقا السريانية مروراً بالعصور اللاحقة والعصر الحديث.
وأضاف المايسترو باغبودريان: إن هذه الرحلة تجمع أربعة موسيقيين عرب هم ثلاثة سوريين وفلسطيني واثنان من الإيطاليين، مؤكداً أن الموسيقا لغة يفهمها الجميع وهي لغة تصل إلى القلب، وهو ما عكسته ردة فعل الجمهور على الأمسية، ناهيك عن كونها تعكس حالة إنسانية وثقافية وموسيقية عشناها في سورية التي أهدتنا الوردة وأهديناها للعالم أجمع.
ومن المقرر أن يتضمن اليوم الثالث من أيام “الوردة الشامية.. من سورية إلى تورينو” التي تنظمها المتاحف الملكية في تورينو والأمانة السورية للتنمية، بالتعاون مع منظمة “سانتاغاتا” لاقتصاد الثقافة، مؤتمراً عن التراث الثقافي السوري بعنوان “جسور السلام”.