من الغريب عدم وجود عدد من التحاليل الطبية في مشافي الدولة التي تقدم خدماتها بأجور رمزية، على حين يستطيع المريض إجراءها في أحد المخابر الخاصة المنتشرة في العاصمة لكن بأجور كبيرة جداً وبأضعاف مضاعفة عن الأسعار الرسمية.
وفي الوقت الذي تعاني منه عدد من المشافي بوجود نقص في بعض التحاليل المخبرية وخاصة الهرموني «الغدد» وغيرها، بسبب الحصار الاقتصادي والتوريدات وتأخرها وواقع المناقصات التي تحتاج إلى وقت لتأمينها، نجد بإمكان القطاع الخاص تأمينها في المخابر بأساليبه وطرقه الخاصة، وذلك حسب تأكيد مدير أحد مشافي الدولة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، وفي بعض الأحيان يتم تأمينها عن طريق «التهريب».
ارتفاعات كبيرة تشهدها التحاليل الطبية في العاصمة، حيث يختلف ذلك حسب طبيعة المنطقة إن كانت شعبية أو في المالكي أو أبو رمانة، وبحسب أيضاً حجم العمالة والتكاليف التي يتكبدها المخبر ومستلزمات عمله خلال الوقت الراهن.
وفي رصد لواقع الأسعار بعدد من المخابر نلحظ عدم وجود سعر ثابت لدى المخابر، لكن وسطياً تتراوح تكاليف تحاليل الدم بين الـ5 آلاف ليرة والـ10 آلاف، وتحاليل الغدة بين الـ30 ألفاً إلى 40 ألفاً، فيما تتجاوز تكلفة التحاليل الهرمونية الـ 60 ألف ليرة والفيتامينات الـ200 ألف، مع ارتفاع واضح لعدد كبير من التحاليل التي يتكلفها المريض.
وأكد عدد من العاملين في بعض المخابر أن هناك تأثيرات كبيرة على المخابر نتيجة ظروف الأزمة، ما دفع العديد من المخابر إلى تغيير المهنة، أو رفع الأسعار نتيجة التكاليف والمستلزمات التي يؤمنونها على صعيد ارتفاع تكاليف العمال، وحوامل الطاقة، والإيجارات، والارتفاع الكبير للمواد الأولية، والتجهيزات وكافة التفاصيل المتعلقة بعمل المخابر وتقديم خدماتها للمرضى.
وأوضح أحد العاملين أن الرفع الذي يطرأ على التحليل المخبري لا يغطي الكلف الحقيقية، خاصة أن عدداً من المخابر أغلقت خلال الفترة الماضية، ومنهم من فكر بتغيير مهنته نتيجة للأعباء الكبيرة، مبينين أن تسعيرة وزارة الصحة بالنسبة للتحاليل الطبية لم تعدل منذ عام 2011.
ويفهم من هذا الأمر أن المخابر العاملة تسعر حسب وضع كل منها (أي على هواها) دون أي تقيد بالأسعار الرسمية الصادرة نتيجة عدم مواءمتها للظروف الراهنة وواقع التكاليف الكبير، وبحسب المخابر فإن الزيادة هي بهامش ربح بسيط، مع وجود تفاوت واضح بالأسعار.
عدد من المواطنين أكدوا لـ«الوطن» أن هناك معاناة في إنجاز كل التحاليل في مشافي الدولة في ظل عدم وجودها كاملة، ليضطر المريض إلى اللجوء مباشرة إلى المخابر الخاصة للحصول على التحليل المطلوب من الدكتور المختص أو من المشفى ذاتها، أو هذا الأمر يدفع ببعض الأطباء إلى الطلب من المريض اللجوء إلى مخبر معين دون غيره تحت مبرر أن هناك دقة بتحاليله.
وفي تصريح لـ«الوطن» أكد مدير عام مشفى دمشق «المجتهد» الدكتور أحمد عباس أن 90 بالمئة من التحاليل متوافرة في المشفى ويتم تنفيذها بشكل يومي، مع وجود نقص بنسبة من التحاليل (المناعية والهرمونية) وخاصة في الحصار الاقتصادي والمناقصات وعدد من الإجراءات المتخذة، وخاصة أن أسعار المواد الأولية لهذه التحاليل كبيرة في ظل ارتفاع أسعار موادها الأولية.
وبين عباس أنه يتم شهرياً إجراء 40 ألف تحليل مخبري، مبيناً أن تكلفة التحاليل في المشافي رمزية وتتراوح بين الألف ليرة والألفي ليرة سورية، مضيفاً: على سبيل المثال مازالت المشفى تتقاضى 800 ليرة على تحليل الــ(TSH) على حين تكلفة التحليل في المخابر تفوق الـ 8 آلاف ليرة.
وفي السياق بين مدير عام مشفى المواساة الدكتور عصام الأمين أن معظم التحاليل المخبرية متوافرة في المشفى، مع حصول انقطاع بعدد منها في بعض الأحيان نتيجة تأخر التوريدات، منوهاً بأنه يتم شهريا إجراء نحو 160 تحليلاً.
من جانبه بين نقيب الأطباء في سورية الدكتور غسان فندي لـ«الوطن» أنه منذ سنتين صدر قرار عن الصحة بحل هيئة المخابر، على أن يتم إحداث البديل، لكن لغاية تاريخه لم يتم الأمر، علما أن هذا الأمر برسم وزارة الصحة.
وقال النقيب: منذ عام 2005 لم تصدر تسعيرة جديدة للأطباء، وكذلك الأمر بالنسبة للمخابر لم تصدر تسعيرة خلال الأزمة، مضيفاً: هناك مخابر توقفت عن إجراء جزء من التحاليل بسبب الكلف الكبيرة.
وأشار فندي إلى أنه من المفترض إجراء تعديل على الأسعار كل 3 سنوات بمواءمة الظروف والتغيرات، خاصة مع استيراد المواد وتأثير سعر الصرف.
وكشف نقيب الأطباء أن العمل جارٍ في وزارة الصحة عبر لجانها لوضع تسعيرة جديدة عادلة ومنصفة، ومن المتوقع أن تصدر خلال الفترة القريبة القادمة، مع مراعاة واقع العمل ومختلف التكاليف والمستلزمات.