كتب: حسان النوري
حاول الكثيرون أن يستفزوني منذ سنوات حول أثر العقوبات السياسية التي تلقيتها ومنعتني من دخول دول كثيرة لسببٍ رئيسيٍ وهو حبي لسورية، كيف يتجرأ هولاء على محاولاتهم المستمرة استفزازي بأمورٍ محسومة وهو أيهما أولى وطني أم فيز العالم التي تسمح لي بدخول الكثير من البلدان كما كنتُ سابقاً.
حيث أنني قبل الأزمة، كنت أوروبياً بامتياز ولكن وطني كان أولويتي، ابتداءاً من الأزمة والمؤامرة الكونية التي عَصَفَتْ ببلادي، وقد كرّمني وطني بأن أعطاني فرصة للترشح لرئاسة الجمهورية. ومع قناعة الكثيرين بأنها كانت غير مجدية أو بالأحرى يتعاطون معها كتمثيلية ولكنني أؤكد أن ترّشحي كان انعكاساً لحبي لوطني مع علمي المسبق بأن حظوظي في الفوز كانت ضئيلة، ولكنني أؤمن بالممارسة الديمقراطية للتعبير عن آرائي وقناعاتي. فقد لا أؤيد الكثير من القرارات والإجراءات التي تقوم بها الدولة السورية ولكن علينا جميعاً أن لا نعارض من أجل المعارضة وإنما نصحح المسار بصفاء النوايا ومحبتنا لوطننا.
فأنا قَبِلْتُ الوزارة لسنوات (5 سنوات) وكنتُ عضواً في مجلس الشعب وأميناً عاماً لغرفة صناعة دمشق ومارستُ رئاستها آنذاك وأتيتُ مرشحاً رئاسياً.. فكيف للبعض أن يتجرأ ويقول أن وطني لم ينصفني وأنا أعلم أنني دخلت تاريخ وطني وكنتُ مساهماً في صناعة الحدث لا شاهداً لها.
أنا رئيس المجموعة الدولية للإدارة والموارد البشرية وهي من أفضل المجموعات الدولية التي تُعنى بقضايا تدريس الأعمال والاستشارات والدراسات الاقتصادية، وأمارس عملي من خارج سورية وفي دول تسمح لي بالدخول إليها كدولة بيلاروسيا الصديقة بسبب العقوبات التي زيّنت صدري بسبب حبي لوطني. ويأتي البعض ويقول لي: "لقد تأثر عملك بسبب شغفك في تبوأ المناصب" وكنتُ أضحك وأبتسم وأقول: "شرّفني وطني بكل هذه المناصب".
وصدقوني أنها بالنسبة لي أهم من الدولارات التي كنتُ أستطيع أن أحصل عليها بطرق معروفة لدى البعض وقد عُرِضَ علي الكثير من المغريات لكي أقف ضد وطني وقيادته. ولكنني رفضتُ ليس تردداً ولا خوفاً وإنما حباً وولاءاً لتراب وطني.
نعم، لا بنزين ولا غاز ولا كهرباء ولا إنصاف اقتصادي واجتماعي بدولةٍ يملكها عشرون شخصاً يتملكون مقدراتها على حساب مثقفيها وتجارها وصناعييها وأساتذتها وخبراءها لكنه يبقى الوطن، وترابه أغلى من مال قارون.
نعم أعاني أيها السادة، ومعاناتي أنني قادر على مضاعفة نشاطي واستثماري ودخولي إلى أسواق دولية عديدة ولكن حبي لوطني زيّن صدري بنياشين العقوبات السياسية التي لا تسمح لي حتى بدخول الدول التي يتواجد بها نشاطي ومكتبي فيها كوارسو على سبيل المثال لأن الاتحاد الأوروبي لا يسمح لي بدخول دول الشنغن رغم نجاحي وحبي لهذه الدول، والكثير من السفارات ترفض منحي الفيزا لا لأنني لستُ خبيراً وأكاديمياً بامتياز تشهد له الكثير من الجامعات العالمية، بل لأنني عاشق لوطني ولذكرى والدي وحب والدتي وإخوتي وأبناء عمومي و...إلخ
فأيها التاريخ اشهد..
نعم أعاني ولكنه وطني، فإن رفضني العالم فما أجملك يا وطني عندما تسمح لي بتقبيل ترابك.