كتب: مجد عبيسي
الحق يقال، والمنكر يقال، لماذا أوجد المرسوم 8 ؟
هذا لسان حال الكثيرين من التجار والعاملين في النشاطات الاقتصادية الذين استمرؤوا المال الحرام والعمل في الظل والسواد، أما من يعمل في النور، فلا يعرف أصلاً ما هي سياط هذا المرسوم لأنها لا تعنيه.
أعلن الوزير د. عمرو سالم أمس عن الحالة الثانية الملفتة للنظر في قطاع المحروقات والتي يتم فيها ضبط سرقة وتلاعب.
الاولى كانت ضبط جهاز تلاعب بمضخة البنزين عن بعد، وأمس ضبطت مسروقات بكميات ضخمة من مادة المازوت تعادل مستحقات أكثر من ألفي اسرة!
الملفت في حادثة الأمس، أن الدورية التموينية التي ضبطت السرقة لم تقبل الرشوة ! نعم، لم تقبل الرشوة يا سادة - بموجب تصريح الوزير د. سالم- رغم أن الحكم في تلك القضية سيتجاوز السبع سنوات سجن، - بموجب المرسوم 8 - إذا يتجاوز ثمن المازوت المسروق الـ 400 مليون ليرة، فما بالكم كان مبلغ الرشوة ؟!
والملفت هو ثناء الوزير على مدير التجارة الداخليّة في ريف دمشق وأعضاء الدّوريّة الذين قاوموا الضغوط ورفضوا المغريات الكبيرة التي عرضت عليهم.
صحيح أنهم قاموا بعملهم على أكمل وجه، ولكنهم يستحقون مكافأة مالية مجزية كذلك، أم زيادة ثابتة أو ترقية.. أي أن تكون لهم خصاصة ما، وأن يتم الإعلان عنها لتكون حافزأ لغيرهم من الشرفاء المخفيين.
يقول وزير التجارة الداخلية عمرو سالم -الذي أعلن في وقت سابق عن ملاحقة السرقات وتطبيق المرسوم 8 بيد من حديد-، أنه تمّ بعد المراقبة والرصد ضبط مركز توزيع مازوت في جبعدين يسرقة مخصصاته ويبيعها في السوق السوداء بسعر يتراوح بين ٣٠٠٠ و ٤٠٠٠ ليرة سوريّة لليتر بدلاً من بيعها إلى مستحقّيها من اسر وانشطة زراعيّة وصناعيّة، وقد سرق كميّة ١١٣ الف ليتر محقّقاً دخلاُ يبلغ ٤٠٠ مليون ليرة سوريّة ، علما ان كميّة المسروقات هذه تعادل مستحقّات التدفئة ل ٢٢٦٠ اسرة سوريّة.
وأشار في منشوره إلى تنظيم ضبط بموجب احكام المرسوم ٨ والذي يتضمّن عقوبات تصل إلى ٧ سنوات سجن إضافةً إلى التحقيق لمعرفة جميع الشركاء، وتحصيل المال المسروق.
وهنا نقول: إن في كوادرنا الوظيفية أناس غيرهم صحاة الضمير، ولكن العوز قد يقودهم إلى الانخراط في تيار الفساد، وهنا المكافآت المادية والمعنوية والتكريم ضرورة حتمية لغرس ثقافة مكافحة الفساد من جديد بشكل معلن وواضح.. وهذه أعتقد مسؤولية وزارة التنمية والإعصلاح الإداري لتجد منهجية جديدة لدعم الشرفاء والمتميزين.
مشكورة جهود وزارة التجارة الداخلية والوزير د.سالم على هذه الأحداث الغريبة على مسامعنا والتي تزرع فينا الأمل فعلاً بأن الإصلاح والمحاسبة ممكنة رغم التيار.