كتب: مجد عبيسي
أنا الدمشقي، شاهد على العصر، أرى آثار العاصمة وهي "تتجمل" بدعوى التطوير والحداثة، مطعونة بشعارات النجوم الخمسة!
اليوم، على كتف شارع خالد بن الوليد، وقفت أشهد "عملية تجميل" مقهى الحجاز الأثري والذي قد تم هدمه عن بكرة ابيه بعد وعيد استمر أكثر من عشر سنوات!
كثيرة هي مقاهي دمشق الشعبية الأصيلة التي تلاشت قبله!! مثل "مقهى البرازيل" الواقع في شارع بورسعيد، الذي تحول قبل أربعين عاماً إلى محلات تجارية، كما أخذ الاسم نفسه مقهى "الكوفي شوب" في فندق الشام، ذي تصنيف النجوم الخمس، ولكن بأسعار خدمات سياحية تبعا لتصنيف الفندق.
"مقهى الرشيد" أيضاً تحول هو الآخر إلى محلات تجارية، و"مقهى الهافانا" الذي كاد في ثمانينات القرن الماضي أن يلحق بسابقيه، فيغدو مجموعة دكاكين، قبل أن تتدخل وزارة السياحة لتتملكه، وتحوله لاحقا إلى مقهى سياحي تديره سلسلة فنادق الشام.
كذلك "مقهى السياحة" الشعبي في شارع 29 أيار، قرب المركز الثقافي الروسي، أول المقاهي الكبيرة التي تحولت إلى بنك خاص!!
ومؤخرا، جاء الدور على "مقهى الحجاز" قرب محطة سكك حديد الحجاز بوسط دمشق، الذي تعود ملكيته إلى المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي. إذ أعلنت إدارة المقهى قبل نحو عشرة سنوات، عن التعاقد مع مستثمر سعودي، من أصل سوري، لتحويل المقهى مع محطة الوقود المجاورة والدكاكين الملاصقة، الممتدة على مساحة نحو 5600 متر مربع، إلى مجمع فندقي بتصنيف خمس نجوم وسوق تجارية.
واليوم تم الهدم لتنفيذ هذا المشروع، حتى لو كان من قبل مستثمر آخر!
اليوم لم يتبق من مقاهي دمشق الشعبية الكبيرة إلا البعض، أمثال "النوفرة" و"مقهى الكمال" الذي يشبه "مقهى الحجاز" بالمساحة والبراحة..
وتناهت إلى مسامعي وشوشة أن هذا الأخير ينتظر دوره أيضا للاستثمار كفندق بتصنيف خمس نجوم، نظراً لمساحته الكبيرة، وموقعه في منطقة مهمة بالقرب من فندق الفور سيزونز.
وهذا يفتح أمامنا سؤالاً مؤلماً: ما دامت القرارات بتدمير الملامح الاثرية قائماً، لماذا لا يتم إنشاء مشروعات إنتاجية بدل الخدمية التي لا تخدم سكان العاصمة؟! ونحن بأمس الحاجة للإنتاج بعد هذا الحصار؟!
السؤال ليس برسم أحد.