كتب د.هشام خياط
يعيش الشارع السوري تداعيات اجتماعية واقتصادية كارثية نتيجة انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية في ظل عجز عن كبح جماح هذه الظاهرة ولا يمكن أن نقول بأن هذه الحالة عرضية أو آنية وإنما نتيجة لتراكم عدة عوامل أدت مجتمعة لهذه النتيجة بعد سنوات من الحرب على سورية ومقدراتها وتواضع الحلول الاقتصادية للتعامل مع منعكسات الحرب.
ان قيمة اي عملة مرتبط بالعرض والطلب على هذه العملة وما من شك بأن الحلول يجب أن تنطلق من هذا المنظور ولذلك فإن السياسة المالية والنقدية تعتبر الوسيلة الوحيدة للمحافظة على العملة من الانهيار
ولنسأل بعض الأسئلة التي تحتوي بذور الحل: ماذا فعلنا لزيادة الصادرات وتخفيض المستوردات؟
وهل ارتفع الطلب على العملة السورية نتيجة ذلك؟
ماهي الحلول الاقتصادية والسياسية لاستعادة السيطرة على صادراتنا الاستراتيجية؟
وماذا فعلنا لتغطية العجز في ميزاننا التجاري؟
ما هي الإجراءات والسياسة المالية التي تم انتهاجها للتعامل مع عجز الموازنة للتعامل مع زيادة الإنفاق العام مع شح الموارد التي تغذي الميزانية العامة
هل كان المعروض من العملة المحلية متوازنا مع الطلب ام اضطرينا لإصدار كميات أكبر من العملة لتغطية عجز الموازنة وهل كان هناك أي إجراءات نقدية تشجع المواطنين على الاستثمار بالعملة السورية ..
هل كانت أسعار الفائدة للعملة السورية أكبر من العملات الأخرى لتزيد الطلب عليها ؟
هل كان الاحتفاظ بالعملة السورية ملاذا آمنا للمستثمرين والمدخرين ام بقي الادخار بهيئة عملة صعبة ومعادن ثمينة وعقارات هو البديل ؟
ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها لوقف تصدير العملة الصعبة خارج الحدود والمضاربة في سوق الصرف ؟
هل أدت حملات دعم الليرة السورية لخلق الثقة بالعملة الوطنية ؟
هل ظهرت أي من المؤشرات التي تفيد بأن الليرة السورية ستشهد تاريخا من ارتفاع القيمة مما يعزز الطلب عليها ان الوضع الذي وصلنا له أصبح كارثيا بالنسبة لشريحة كبيرة من السوريين الذين دفعهم انتماءهم ووطنيتهم لاتخاذ قرارهم بالبقاء في وطنهم رغم كل ويلات العقد الماضي وخصوصا تلك الشريحة من محدودي الدخل التي دخلت في مرحلة مابعد الشد على البطون.
لا يحتمل الوضع الحالي اللجوء للتبريرات وإلقاء المسؤولية على الأخر او التفكير بقرارات ارتجالية متسرعة تزيد الطين بلة .. فمفاعيل الضغط المجتمعي قد تتفاقم عندما يصل إلى الحاجات الرئيسية .. فالمواطن نسي مرغما كل مستويات هرم الاحتياجات (ماسلو) وبات يفكر في أدناها.. ان الشارع السوري ينتظر قرارات حاسمة تستند إلى رؤية ثاقبة لتصحيح مسار السياسات الاقتصادية وخصوصا المالية والنقدية منها واجتراح حلول وطنية لا تزيد الطين بلة .. كحلول الاقتراض الخارجي وتسنيد ما تبقى من أصول وسواها من إجراءات تنتقص من هيبة الدولة وسيادتها وخلاصة القول أن الحاضر الذي نعيشه هو نتاج ماصينا ولكنه في نفس السياق منطلق مستقبلنا.. فلنعمل على تصحيحه وتلك أمانة بأن نترك لأبنائنا وطنا يعيشون فيه بكرامة وعزة.
سورية أقوى من أن تذل او تزول