فداء شاهين
تواجه الحرف اليدوية التراثية التقليدية في سورية تحدياتٍ وصعوبات في خوض معركة البقاء والانتماء فإلى جانب عدم الاهتمام في تعلم هذه الحرف و ضعف التسويق ومنافسة المكنات الحديثة لها، تعرضت هذه الحرف للسرقة من قبل بعض الدول التي هاجر إليها الحرفيين السوريين لتنتقل معهم هذه الحرف العتيقة لتستغل هذه الدول تواجدهم على أراضيها بتشجيع تصنيعها وعرضها في صالتها واعتبارها من تاريخ بلدها و بالرغم من وجودِ مديرية حماية الملكية الفكرية في وزارة التجارة الداخلية!.
الحرفيُّ بحاجةٍ للدعمِ
ومع أن الجميع يجمع على أن الحرف التراثية التقليدية هي جزءٌ من الهوية الوطنية والإرث الحضاري والتاريخي والحفاظ عليها واجبٌ وطنيٌّ إلا أن بعض الحرف اندثرت وأخرى في طريقها للاندثار!.
يقولالحرفيٌّ مأمون حلاق المتخصص في صناعة المنحوتات الخشبية التراثية والرسم على الخشب:إن المعارض مهمة جداً وتفيد في اطلاع السياح والمواطنين على تراث البلد في ظل وجود أجيالٍ جديدةٍ لا تعرف شيئاً عن التراث القديم، ولكن الحرفي بحاجة إلى دعم ومساعدة حتى تستمر الحرفة، علماً أن المخرطة الخشبية البدائية التي يعمل بها على طريق الانقراض وهو لا يريد استبدالها بالمكنات ويحاول قدر الإمكان الحفاظ عليها من الانقراض بتعليمها للأولاد.
تموتُ وتندثرُ مع وفاةِ صاحبها!
ولم يُخفِ الحرفي شيخ الكار جوني غربيان قيام دول الجوار لسورية والخليج العربي وقرية التراث في دبي بعرض المصنوعات اليدوية التراثية السورية بأنها تعود لتاريخ بلدها ، كونه تسربَ الحرفيين السوريين وانتقلوا إلى الخارج بسبب الحرب التي تتعرض لها البلاد التي أثرت على التراث السوري، في وقت أن بعض الحرف التراثية السورية تموت وتندثر مع وفاة الحرفي لعدم الإقبال على تعلمها كما أن الدورات التدريبية لا تنتج حرفي بل تُعرف الشباب بالحرف فقط، وهنا يجب إخضاع الحرفي لبرنامج حتى يتعلم بشكل جيد ،علماً أنه يتم حالياً تعليم جيل الشباب والشابات على رسم الأيقونات والتطعيم على الخشب و الحفر على الزجاج والنحاس والحرق على القماش وغيرها من الحرف.
وبيّن غربيان أن الأزمة أثرت بشكلٍ كبيرٍ على واقع الحرفيين كون التسويق مرتبط بشكلٍ مباشرٍ بالسياحة، مؤكداً على ضرورة رعاية الحرفيين الذين أصبحوا قليلين و تقديم التسهيلات وتأمين الأسواق الخارجية لمصنوعاتهم.
رعايةُ القلّة القليلة!
وطالب غربيان بحماية القلّة القليلة المتبقية من الحرفيين واستثمار حرفهم سياحياً وثقافياً واقتصادياً وتطويرها وأخذ أهداف تعليمها لأجيال الشباب بجديّة بحيث تصبح ذات معنى ومضمون يجمع بين جمال الماضي وألق الحاضر، تطوير الحرف اليدوية عن طريق إنشاء مركز للتعليم على الحرف اليدوية، مضيفاً:نحنُ
أصحاب تجربة تعليمية عملية موجودة على الأرض كنا على تماس مباشر مع الشباب السوري الراغب في تعلم تراث بلده ، علماً أنه تمّ ضمن الإمكانات المتاحة احتضان عدد من الشابات السوريات من مختلف المحافظات السورية اللواتي اضطررن لمغادرة بيوتهن ومناطق إقامتهن جراء إجرام العصابات الإرهابية.
وأوضح غربيان أن الوضع السلبي الذي أجبر السوريين على تغيير أماكن إقامتهم بإمكاننا تحويله إلى عامل إيجابي نتيجةً لوجودهم المؤقت في دمشق عاصمة الفن اليدوي والأعمال التقليدية التراثية، بالاستفادة من كون مدينة دمشق الحاضنة الأكبر والأشمل التي تحتضن السوريين القادمين من كل المحافظات بسبب الإرهابعن طريق تجهيز فرق من كل المحافظات والمناطق السورية متقنة للأعمال والحرف اليدوية قادرة بعودتها لمدنها وقراها من إكمال ما بدأناه في دمشق.
مخاطرٌ وصعوبات
وأشار الحرفيّ المجاز القانوني حسين الحمد إلى المخاطر والصعوبات التي تتعرض لها الحرف التقليدية و تهدد استمرارها وتعرضها لخطر الاندثار والزوال منها محاولات البعض سرقة هذا التراث وتزويره لصالح تحقيق مكاسب مادية نتيجة عدم توثيقه و منها محاولات دولة بلغاريا سرقة التراث السوري عبر تسجيل" الوردة الشامية " بأسمائهم، إضافةً إلى قيام دول خارجية عدة مثل "الصين" بتصوير كل ما يتعلق بالتراث السوري من حرف وصناعات، والعمل على استنساخ هذه الحرف ومن ثم بيعها في الأسواق العالمية الأمر الذي يسيء لصناعتنا المحلية، ويشوه ماضيها العريق، ويجعلها عرضةً لمنافسة شديدة تصبّ في مصلحة الدول الخارجية، يضاف إلى ذلك ضعف الترويج لصناعتنا حيث يعاني الحرفي السوري الماهر الأمّرين تجاه هذه السلع لعدم قدرته على تسويق منتجاته خارج القطر، عدا عن ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في الصناعة الحرفية، والمنافسة الشديدة من المنتجات الخارجية الوافدة للقطر حيث تباع بأسعار أقل من المحلية.
من أجلِ حمايةِ الحرف
أما الأسس الواجب إتباعها لصون وتوثيق الحرف بحسب (الحمد)فهي متمثلة بجمع المعلومات وفق تسلسلها المنطقي واستناداً إلى بيئاتها المناسبة، و تحليل ما يتم جمعه من معلومات مختلفة بطريقة واقعية ومثلى، بالاعتماد على المعايير الواضحة والصادقة في عملية الفرز، و تدوين المعلومات بدقة وفق بطاقات البحث الميداني المتعلقة بكل بيئة من البيئات، و توثيق مصدر المعلومة مهما كان نوعها ومصدرها، واستخدام برامج تقنية مناسبة وسهلة تعين في أرشفة المعلومات وفق معايير التكنولوجيا الحديثة وتساعد الباحثين والمهتمين في الحصول على المعلومات بسلاسة، ووضع قوانين وتشريعات لحماية المعارف التقليدية والتراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي على المستوى المحليتكون العامل الأساسي والمساعد في عملية التوثيق والصون والحماية، بالإضافة إلى إنشاء سجلٍ وطني لحماية المعارف التقليدية وأشكال التعبير الثقافي والموارد الوراثية، وربط المهارات والمعارف المرتبطة بالصناعات التقليدية بالكيان العام للحرفة كجزء مكمل لتسجيل الحرف وتوثيقها أو دراستها، مع الدعوة إلى ضرورة التعاون بين المنظمات العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) وكذلك المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) فيما يتعلق بحماية وتوثيق التراث غير المادي والمعارف التقليدية بما يضمن الحمايتين المعنوية والمادية معاً.
المرأةُ السوريةُ شريكاً أساسياً
ولفتت المهندسة ربى محمد عرب صاصيلا ماجستير في التخطيط وإدارة التنمية السياحية المستدامة أن المرأة السورية تعد شريكاً أساسياً في العمل الحرفي، و يمكن في هذا الخصوص إنشاء قرى ومجمعات وحاضنات للصناعات لعرض المنتجات النسائية، والتعريف بها وتسهيل تسويقها والترويج لها،وجعلها مجال لتأطير عمل المرأة الحرفية وتدريبها.
أما دور اللجنة الوطنية لليونسكو بحسب الأمين العام للجنة في سورية الدكتور نضال حسن بأنها تساهم في حفظ المهارات والمهن التقليدية التي تشتهر فيها سورية بتدريب المجموعات التي لا تقل عن 250 شخصاً، وتساعد الدول الأعضاء في الحفاظ على التراث الإنساني الكبير، و رسم الاستراتيجيات على المستوى الوطني وبناء قدرة موظفي هذه الدول لتنفيذ الخطط الوطنية التي تضمن صون التراث للأجيال القادمة.
ضرورةُ تبادلِ الزيارات
ورأت الفنانة التشكيلية ريم الحمش ضرورة تبادل الزيارات الميدانية بين الحرفيات في الأقطار العربية وتشجيع المعارض المحلية والاشتراك في المعارض الدولية وإيجاد حوافز لتشجيع الإبداع في الميادين وتنسيق الجهود بين اتحاد الحرفيين والجمعيات النسائية وغيرها من الجهات للاهتمام بالصناعات التقليدية والعمل على تطويرها مع الحفاظ على أصالتها.