سيريانديز
برعاية الرئيس بشار الأسد بدأت في مجمع صحارى السياحي اليوم أعمال الملتقى النقابي العمالي الدولي الثالث للتضامن مع عمال وشعب سورية في مواجهة الحصار الاقتصادي والتدخلات الامبريالية والإرهاب والتصدي لنزعات الهيمنة الهادفة إلى زعزعة أمن الشعوب وسيادة الدول.
وفي كلمة ممثل راعي الملتقى نقل رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس لضيوف سورية ترحيب السيد الرئيس بشار الأسد بهم وتمنياته للمشاركين بالتوفيق والنجاح بمهامهم النقابية والبحثية وبما يحقق خير ومصلحة الطبقة العاملة في جميع الدول.
المهندس خميس: الدول الرافضة لسياسة الإملاءات والهيمنة تتعرض لحروب عسكرية واقتصادية وإعلامية من قبل دول وأنظمة تعتبر نفسها وصية على العالم
وأوضح المهندس خميس أن الدول الرافضة لسياسة الإملاءات والهيمنة والحريصة على استقلالها السياسي والاقتصادي والراغبة باستثمار ثرواتها ومواردها الوطنية لخدمة شعبها تتعرض دائما لحروب عسكرية واقتصادية وثقافية وإعلامية من قبل دول وأنظمة تعتبر نفسها وصية على العالم ومستقبله وأن سورية تتعرض لعدوان يشن عليها منذ العام 2011 وتواجه حربا فريدة من نوعها وعلى الأصعدة كافة تهدف إلى تقويض مكاسب أربعة عقود من التنمية والازدهار وتحاول النيل من إرث حضاري يعود لآلاف السنوات.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن مقاومة الشعب العربي السوري بمختلف مؤسساته وفعالياته ومناطقه لهذه الحرب كانت مقاومة نوعية أسست أيضا لنصر نوعي واستراتيجي على الإرهاب الذي يتهدد خطره كل شعوب الأرض بما فيها شعوب الدول التي تدعمه وتموله وتستثمره لتحقيق غايات وأهداف سياسية قذرة وهذا ما حذرت منه سورية على الدوام منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا.
واعتبر المهندس خميس أن نجاح سورية قيادة وشعبا وجيشا في مقاومة المشروع العدواني الإرهابي وهزيمته يؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة نضال الشعوب ومقاومتها لكل أشكال الاستغلال والهيمنة ومحاولات السطو على الثروات والحقوق ويفتح آفاقا رحبة لتعاون الشعوب المحبة للسلام والاستقرار والساعية لبناء عالم يعم فيه الخير والاحترام بين جميع الدول والشعوب دونما تمييز أو انحياز.
وبين رئيس مجلس الوزراء أن السيد الرئيس بشار الأسد حدد منذ الأيام الأولى للحرب مكونات المرحلة التي تمر بها سورية بثلاثة مكونات رئيسية هي المؤامرة والإصلاحات والحاجات وتأسيسا على هذه الرؤية عملت الدولة السورية طيلة السنوات التسع من عمر الحرب على تلك المكونات موضحا أنه في الوقت الذي كانت فيه القوات المسلحة تواجه الإرهاب على امتداد الجغرافيا السورية بمسلحيه ومموليه وداعميه إقليميا ودوليا كانت الدولة تستكمل ما بدأته من إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية منذ سنوات ما قبل الحرب وكذلك كان الحال لتلبية احتياجات المواطن السوري رغم كل الظروف التي أفرزتها الحرب من تدمير ونهب للمعامل والمنشآت الإنتاجية وحصار اقتصادي خارجي شبه كامل.
وبين المهندس خميس أن التقديرات الأولية تشير إلى أن كلفة الأضرار التي لحقت بمؤسسات الدولة تجاوزت 45 ألف مليار ليرة سورية حيث تعرض أكثر من 28 ألف مبنى حكومي للضرر ونحو 188 معملا وشركة صناعية حكومية للتدمير الكلي أو الجزئي وحتى المواقع الأثرية لم تسلم من الفكر التكفيري والظلامي حيث تعرض أكثر من 1194 موقعا أثريا للتخريب والنهب المتعمدين أما في قطاع الطاقة بشقيه الكهربائي والنفطي فتعرضت 15 محطة توليد كهربائية للتدمير الكلي و10 محطات للتدمير الجزئي من بين 39 محطة كانت موجودة قبل الحرب كذلك الأمر بالنسبة لشبكة نقل الكهرباء إذ أن سورية كانت قبل الحرب تملك أكبر شبكة كهربائية وطنية موحدة في المنطقة تربط شمال البلاد بجنوبها، غربها بشرقها بطول يتجاوز نحو 48 ألف كيلو متر طولي تعرض نصفها تقريبا للتدمير والتخريب.
وأضاف إن قطاع النفط أيضا شكل هدفا للتنظيمات الإرهابية منذ اليوم الأول للحرب حيث تشير التقديرات الأولية اليوم إلى تضرر أكثر من ألف موقع وبناء نفطي منذ بداية الحرب فيما تعرض القطاع الزراعي الذي حقق لسورية على مدار العقود السابقة اكتفاء ذاتيا في أمنها الغذائي لضرر كبير جعل سورية التي كانت تنتج سنويا ما يزيد على 5ر3 ملايين طن قمح تلجأ إلى الاستيراد لتأمين احتياجات شعبها وذلك نتيجة لتخريب قطعان الإرهابيين المساحات المزروعة وحرقها وتهريب إنتاجها إلى الخارج.
وأكد المهندس خميس أنه رغم كل ذلك فإن الدولة استمرت في القيام بواجباتها تجاه مواطنيها فلم تتأخر يوما في صرف رواتب الموظفين وتقديم الخدمات وتأمين السلع في الأسواق وإعادة تأهيل وإصلاح البنى التحتية والمرافق الخدمية في المناطق المحررة.
ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن الأهم أن الدولة حافظت على سياستها الاجتماعية والاقتصادية الداعمة لحقوق مختلف الشرائح الشعبية ولا سيما الطبقة العاملة رغم التراجع الكبير في الموارد من خلال استمرار العمل ببرنامج الدعم الحكومي للسلع والمواد والخدمات الأساسية وبعمليات الإغاثة التي حرصت مؤسسات الدولة على إيصالها إلى جميع المحتاجين والمتضررين جراء الحرب مع العلم أن المساعدات الأممية لم تتعد نسبتها 10 بالمئة من إجمالي ما تم تقديمه.
ونوه المهندس خميس بدور الطبقة العاملة في المعركة ضد الإرهاب حيث وقف أبناؤها جنبا إلى جنب مع الجيش العربي السوري يواصلون عملهم في معاملهم ومنشآتهم ومكاتبهم ومؤسساتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومستشفياتهم ومخابرهم رغم القذائف الإرهابية ليسطروا ملحمة جديدة من الصمود والعطاء.
وبين المهندس خميس أن أكثر من 9 آلاف عامل من مؤسسات الدولة ضحوا بحياتهم لتستمر مؤسساتهم بالعمل وزاد عدد الجرحى على 14 ألف جريح فضلا عن 3 آلاف عامل مخطوف مشيرا إلى أن ما فعله الإرهابيون في مدينة عدرا العمالية من جرائم ومجازر لم يشهد له التاريخ مثيلا سوى في سجل الحركتين النازية والصهيونية.
وأعرب المهندس خميس عن تقدير الدولة للعمال الذين شاءت الظروف أن يبقوا في مناطق تواجد الإرهابيين لكنهم لم يتخلفوا يوما عن خدمة دولتهم ومواطنيها واستطاعوا حماية وثائق مؤسساتهم وممتلكاتها وخطوط إنتاجها والمحافظة على الخدمات المقدمة للمواطنين من تعليم وصحة وماء وكهرباء وغيرها.
ضرورة تضامن الشعوب الحرة مع بعضها وتكاتفها في وجه المشروعات المشبوهة
وأكد المهندس خميس ضرورة تضامن الشعوب الحرة مع بعضها البعض وتكاتفها في وجه المشروعات المشبوهة لبلورة رأي عالمي جديد ضاغط لوقف ممارسات وسياسات الدول التي تسعى لزعزعة استقرار دول أخرى وسلبها استقلالية قرارها السياسي وسيادتها لافتا إلى أهمية المواقف المشرفة للطبقة العاملة في جميع دول العالم ومعتبرا أن وجودهم اليوم في دمشق هو التأكيد الأمثل على استمرار تمسك الحركة النقابية العالمية بمبادئها وقيمها الإنسانية التي تأسست وناضلت واستمرت لأجلها.
واختتم المهندس خميس كلمته بالتأكيد على أن هذا الملتقى التضامني يمثل حلقة مهمة في مسيرة كفاح الحركات والمنظمات والاتحادات النقابية على الساحة الدولية وفرصة لتبادل الآراء ووجهات النظر نحو توحيد المواقف والقرارات التي يمكنها أن تحدث التغيير المطلوب في المواقف الدولية الرسمية والنقابية والشعبية لجهة التنبه إلى خطورة ما يحاك ويروج من مشروعات لا تخدم حقوق الشعوب وتطلعاتها المشروعة مرحبا بكل تعاون نقابي ودعمه بجميع الإمكانيات لأن المستقبل تصنعه إرادة الشعوب وحركات تحررها.
القادري: سورية واجهت حربا اقتصادية شكلت إرهابا بحد ذاته تمثل بالحصار الاقتصادي والإجراءات القسرية الجائرة أحادية الجانب
بدوره أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري أنه إلى جانب الحرب الإرهابية التي واجهها الشعب السوري واجهت سورية حربا اقتصادية شكلت إرهابا بحد ذاته تمثل بالحصار الاقتصادي والإجراءات القسرية الجائرة أحادية الجانب التي فرضت عليها في تناغم واضح مع ممارسات الإرهاب في الداخل من استهداف المعامل والمواقع الانتاجية والخدمية وسرقة موارد الاقتصاد السوري.
وأوضح القادري أن عمال سورية أدركوا مرامي الهجمة الإرهابية وكانوا خلال الحرب مقاتلين حقيقيين توجهوا إلى معاملهم وشركاتهم ومواقع عملهم رغم الاستهداف والمخاطر التي كانت تنتظرهم مصرين على إدارة عجلات مصانعهم ومنشآتهم لينتجوا لسورية أسباب الحياة مضيفا إنه “رغم الصعاب والتحديات وظروف الحرب استطاع شعب سورية خلال سنوات الحرب أن ينسج أسطورة صمود سيتحدث عنها التاريخ بأحرف من نور في سبيل تحقيق نصر كنا واثقين منذ الأيام الأولى للحرب أنه سيتحقق ونحن اليوم قاربنا تحقيقه على امتداد ساحات الوطن”.
وشدد القادري على أن الملتقى هو تأكيد على أن السوريين ليسوا وحيدين في معركتهم مع الإرهاب ويمثل رسالة تضامن بالغة الدلالات مع سورية وفي الوقت نفسه رسالة إلى المعتدين والمتغطرسين الذين مولوا واستجلبوا الإرهاب ويفرضون الحصار والعقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري ضاربين بشرعة الأمم المتحدة عرض الحائط في محاولة يائسة لكسر إرادة هذا الشعب.
جورج مافريكوس الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي أشار إلى دعم الاتحاد لنضال الشعب السوري ضد التدخلات الخارجية والإرهاب معبرا عن الفخر بالوقوف إلى جانب عمال سورية منذ اللحظات الأولى للحرب الارهابية عليها.
وأكد مافريكوس وقوف الاتحاد مع الشعوب في فلسطين وكوبا وفنزويلا وروسيا.
بدوره الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن أشار إلى أن ما تتعرض له سورية من حصار وإجراءات قسرية أحادية الجانب مرده إدراك الولايات المتحدة فشل مخططها في هذا البلد وقال: “بعد هزيمة الإرهاب في سورية ومعه مشغلوه وممولوه وداعموه وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وحلف الناتو وأنظمة الرجعية العربية عملت الإدارة الأميركية على استكمال الحرب على سورية تحت عنوان آخر يتمثل بالحرب الاقتصادية”.
غصن: أهمية وضع خطة لدعم صمود شعب وعمال سورية وكسر الطوق وتخفيف القيود المفروضة عليها
وأكد غصن أهمية وضع خطة لدعم صمود شعب وعمال سورية وكسر الطوق وتخفيف القيود المفروضة عليها ودعم المقومات المعيشية والحياتية اليومية وإعادة دوران مواقع الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي واستنفار كافة الخبرات الوطنية وتشكيل خلية اقتصادية لمواجهة الحصار والعقوبات.
ودعا غصن إلى القيام بحملة إعلامية وتحركات نقابية عملية ومخاطبة الرأي العام العالمي لفضح سياسة الحصار الذي تمارسه الولايات المتحدة وحلفاؤها على الدول المستقلة والحرة بذرائع كاذبة مجددا دعم الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وتضامنه ووقوفه جنبا إلى جنب مع عمال وشعب سورية في مواجهة الإرهاب والعقوبات والحصار الاقتصادي.
من جانبه أكد الأمين العام لمنظمة الوحدة النقابية الأفريقية أرزوكي مزهود أن الشعب السوري قدم للعالم درسا في المقاومة والصمود ومواجهة الشدائد بالانتصار الذي حققه على الإرهاب وفروعه وبفضل عزيمته وإرادته التي لا تقهر وسواعد عماله ستسترجع سورية عافيتها الاقتصادية ومكانتها بين الأمم مشيرا إلى أن وجودهم اليوم في الملتقى يعبر عن دعمهم لسورية.
وبين مزهود أنه رغم كل ما رصد من وسائل وإمكانات من أجل تفكيك سورية ومسح حضارتها المتجذرة في تاريخ البشرية بهدف تخريبها وزرع التكفير والحقد بين أبنائها إلا أن الشعب السوري وعماله الابطال بشجاعتهم أثبتوا للعالم أن بذور الفتنة لا تستطيع أن تنبت فوق أرض التسامح والتعايش والسلم.
ويشارك في الملتقى نحو100 منظمة نقابية عربية وأجنبية وعشرات الشخصيات من مفكرين واعلاميين وناشطين سياسيين واجتماعيين من الدول العربية والاجنبية.
ويناقش الملتقى على مدى يومين عددا من المحاور المتعلقة بعدم شرعية الإجراءات القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري من منظور القانون الدولي والانعكاسات السلبية لسياسات الحصار والعقوبات المتناغمة مع الإرهاب على عمال وشعب سورية إضافة إلى دور المنظمات النقابية والأهلية والإعلام في تعرية الفكر التكفيري والنفاق السياسي للدول التي تدعى محاربة الارهاب إعلاميا فيما تدعمه على أرض الواقع.
ويبحث المشاركون خلال جلسة مخصصة للتضامن مع عمال وشعب سورية إمكانية ممارسة المنظمات النقابية وقوى المجتمع المدني الضغط على الدول والحكومات الداعمة للإرهاب وتعرية انخراط هذه الدول والحكومات في الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب السوري إضافة إلى أهمية التضامن بين الشعوب في محاربة الإرهاب.
حضر افتتاح الملتقى نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية محمد ابراهيم الشعار وعدد من أعضاء قيادة الجبهة الوطنية التقدمية وعدد من الوزراء وعضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي محمد شعبان عزوز ومحافظا دمشق وريفها وعدد من أعضاء مجلس الشعب والسفراء ورؤساء وممثلي الاتحادات النقابية والمنظمات الشعبية العربية والدولية وحشد من ممثلي النقابات العربية والأجنبية.