معد عيسى
ارتفعت الأصوات المطالبة بالسماح للقطاع الخاص لاستيراد البنزين أسوة بالمازوت، مع العلم أن الأمر متاح لأي شخص ولكن عن طريق مكتب تسويق النفط في رئاسة الحكومة، أما المطالبون بالاستيراد خارج هذا الإطار فهم يريدون الاستيراد والبيع المباشر دون المرور بالمؤسسات الحكومية، ما يعني البيع الكيفي وبالسعر الكيفي وقد لمسنا المشكلة في موضوع توريد المازوت للصناعيين، بالعودة إلى إمكانية توريد البنزين عن طريق مكتب تسويق النفط، فهذا الأمر متاح وبتسهيلات كبيرة مع الإشارة إلى أن الدولة تشتري البنزين من الموردين بسعر أعلى مما تبيعه للمواطنين التزاماً بتقديم الدعم، فعلى من يرغب بتوريد البنزين من مبدأ وطني مع حقه الشخصي بالربح فالأمر متاح ومرحب به مع التقدير، أما من يطالب من مبدأ تاجر الأزمة فالشارع لم يعد يحتمل مزيداً من الضغوط والتلاعب والإشاعات.
الأصوات التي ترتفع من هنا وهناك وتتبنى روايات وطروحات يخفي مُطلقوها الكثير من الجشع والاستثمار في الأزمة أوصلت الأمور إلى حالة كارثية والأمثلة كثيرة وموثقة، فالازدحام على المحطات سببه بجزء منه نقص المادة ولكن الإشاعات ساهمت بجزء آخر، ففي يوم واحد تم تعبئة 200 ألف سيارة 38 ألف سيارة منها تعبئتها أقل من عشرين ليتراً، أي قسم كبير من الناس ذهب إلى محطات الوقود تحت تأثير الإشاعة والخوف، كذلك الأمر تناقلت المواقع بالأمس مقطع فيديو لعدد من الصهاريج قيل إنها قادمة من العراق، ولكن هل فكر أحد بزمن دخول هذه الصهاريج؟ هل كانت بالأمس أم من العام الماضي؟ وهل يعتقد أن الجهات المعنية تتردد في الإعلان عن ذلك فيما لو كان الأمر صحيحاً لتخفف من حالة ضغط الشارع؟ وللعلم فإن احتياج سورية اليومي من النفط هو 1500 صهريج فما الذي يُمكن أن يفعله 20 صهريجاً أو أكثر فيما لو كان الأمر صحيحاً؟
من حق أي شخص أن يرفع صوته للمطالبة بحاجاته وليس لأحد أن يلومه ومن حقه أن يعرف الواقع، ولكن علينا ألا نكون صوتاً لمن يتلذذ في زيادة الضغوط علينا ليجني المزيد من المكاسب، ومن حق المواطن على الجهات المعنية أن توفر احتياجاته وإن لم تتمكن، تكون شفافة معه على الأقل، وأن تتحمل كافة الجهات الحكومية مسؤوليتها ولا تلقي باللوم على جهة معينة لأن البلد للجميع والواجب على الجميع.