سيريانديز
مازال ملف التأمين الصحي خيار الحكومة الذي لم تجد بدا من منحه أولوية اهتماماتها، إلا أن تطوير هذا الملف وتحسين خدماته على أرض الواقع يمثل معادلة صعبة، طرفاها رفع التغطيات الشهرية وتردي دخل العاملين في الجهات العامة، وما بين ذلك لا مفر من تأمين مليارات الليرات سنوياً حفاظاً على هذه الخدمة، في حين تتراوح معظم التوجهات الحكومية حالياً حول ضبط هذه الملف ومنع التجاوزات الحاصلة به وخاصة ظاهرة سوء الاستخدام.
وفي متابعة لهذا الموضوع بين مدير عام السورية للتأمين إياد زهراء أنه لا يوجد تقديرات دقيقة حول ظاهرة سوء الاستخدام، وأن معظم الأرقام التي يتم تداولها هي تقديرات وليس هناك ما يدعمها من أرقام وبيانات، وأن معظم المؤشرات لدى المؤسسة تفيد بضيق نطاق هذه الظاهرة ومحدوديتها، وأن المؤسسة تتابع هذه الحالات وتتخذ كل الإجراءات الممكنة للتعامل معها.
وبلغة الأرقام أوضح الزهراء أنه في العام 2018 تم ضبط 242 مزود خدمة نفذوا حالات سوء استخدام، بلغت قيمتها نحو 6.8 ملايين ليرة، وهي لا تمثل ظاهرة، ونسبتها بسيطة قياساً لإجمالي التغطيات والتعويضات في التأمين الصحي، مبيناً أن معظم حالات سوء الاستخدام الحاصلة تكون لدى الطبيب والصيدلاني، وأن المؤسسة تتشدد في التعامل مع مثل هذه التجاوزات.
وبين أن إجمالي عدد المطالبات خلال العام الماضي تجاوز 3.6 ملايين مطالبة في التأمين الصحي، فاقت قيمتها 11.2 مليار ليرة، في حين كان إجمالي عدد المطالبات المسددة فعلياً 3.2 ملايين مطالبة بقيمة 9.9 مليارات ليرة، ومنه فإن عدد المطالبات المرفوضة التي تمثل حالات مستثناة من التغطية تجاوز 4 ملايين مطالبة بقيمة نحو 1.3 مليار ليرة.
وأكد أن المطلوب اليوم تحسين هذه الخدمة وضرورة توحيدها خاصة بين القطاعين الإداري والاقتصادي لدى الجهات العامة، بما يحقق عدالة أفضل بين العاملين المؤمن لهم، كاشفاً عن بعض الإجراءات التي يتم التوجه نحوها لضبط بعض النفقات وتوظيفها لتحسين جودة الخدمات الأخرى، مثل الاستغناء عن بعض التغطيات الإضافية لمصلحة دعم التغطيات الأساسية والتوسع بها، كتغطيات النظارات والأسنان وتركها تغطيات اختيارية للجهات المؤمنة بقدر مساهمة العامل لديها والصناديق المهنية والنقابية وفق استطاعتها.
وحول حالة عدم الرضا الواسعة لدى المؤمن لهم عن الخدمات الصحية المقدمة خاصة لدى الأطباء المتعاقدين والذين بات البعض منهم يتعامل مع المرضى المؤمن لهم درجة ثانية إضافة للمعاناة عند صرف الوصفات لدى الصيدلية، اعتبر المدير العام أن المسبب الأساس لمثل هذه الحالات هو التعرفة المعتمدة من وزارة الصحة التي يعتبرها الكثير من الأطباء المتعاقدين مع التامين الصحي متدنية ولا تتناسب مع طبيعة التعرفة الفعلية التي يتقاضونها من المريض غير المؤمن له.
وعن سبب تعاقد مثل هؤلاء الأطباء غير الراضين عن قيمة التعرفة مع المؤسسة وتعريضهم للمرضى المؤمن لهم ممن يراجعوهم لمعاملة غير لائقة، بين المدير العام أن هناك بعض الأطباء استفادوا خلال السنوات الماضية من حالة التعاقد مع التأمين الصحي لقلة العمل وانخفاض عدد المراجعين، في حين بدأ البعض منهم بتعليق تعاقده مع التأمين الصحي بعد تحسن عمله، في حين تعمل المؤسسة على التدقيق في أي شكوى ترد لها والتحقق منها واتخاذ الإجراءات الملائمة بما يضمن حق المؤمن له، وفي بعض الحالات إنهاء حالة التعاقد مع الطبيب، كما يجري العمل على تحديث برامج العمل بشكل دائم خاصة مع شركات إدارة النفقات الطبية لرفع جودة الخدمة وتحسينها خاصة أن هناك بعض التجاوزات التي يمكن معالجتها عبر برامج العمل المعتمدة وبعض التجاوزات الأخرى تحتاج للعامل البشري حيث يتم رفع كفاءة العاملين لتمكينهم من التعامل مع مختلف الحالات وتصويبها بما يحقق مصلحة العمل والمؤمن له