سيريانديز
طوال ثماني سنوات طالت اعتداءات التنظيمات الإرهابية المنشآت السياحية والمناطق الأثرية في درعا في محاولة لتشويه وجهها الحضاري ما خلف ألماً عميقاً لدى أبنائها يترجمونه بعد أشهر من تحرير الجيش العربي السوري لها من الإرهاب بعملهم بهمة ونشاط لتأهيل وترميم ما دمر والبدء باستقبال وفود سياحية خارجية وداخلية.
الشاب حمد محاميد طالب سنة أولى بالمركز العربي للعلوم السياحية يحلم أن يصبح دليلاً سياحياً ليروي لزوار المحافظة قصة حضارة تغوص في عمق التاريخ الذي حاول الإرهابيون تدميره.
ويقول حمد لمراسلة سانا: “كنا نشاهد صور تدمير الإرهابيين للآثار على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية كيف استهدفوا بصرى الشام وتدمر بطريقة وحشية وعمليات تهريب الآثار خارج البلاد وهو ما جعلني أشعر بمسؤولية أكبر للاهتمام بالآثار والحفاظ عليها.
المركز العربي للعلوم السياحية واحد من مؤسسات تعليمية ومنشآت سياحية كثيرة في درعا تعرض لاعتداءات الإرهابيين لكن هذا لم يمنع القائمين عليه بالتعاون مع مديرية سياحة درعا من إعادة تأهيليه وفتح بابه أمام طلاب العلم بمشاركة الطلبة الذين لا يتوانون عن المساهمة إلى جانب دراستهم في إعادة صورة المركز الجميلة ويقول الطالب حمد: “نخصص جزءاً من وقتنا لمساعدة العمال والمساهمة بإصلاح المركز ليعود كما كان وأحسن” معرباً عن أمله بعودة الحياة لجميع المنشآت السياحية ورؤية الوفود السياحية تزور درعا.
عمار الزعبي طالب في المركز يبدي حماساً للمشاركة بأعمال الترميم وإن كانت بسيطة ويقول:”يجب أن نكون يداً واحدة نشارك العمال عملهم ليعود المعهد جميلاً” لافتاً إلى أنه رغم أعمال التأهيل الجارية إلا أن وضع التدريس بالمعهد طبيعي مع وجود كامل الكادر التدريسي.
أنشئ المركز العربي للعلوم السياحية عام 2011 وشهد تسجيل أول دفعة لكن الإرهاب الذي ابتليت به المدينة أدى إلى إغلاقه مع تعرضه لاعتداءات بقذائف الهاون ألحقت أضراراً بالمبنى.
المهندس جهاد ابراهيم عطيفة مدير المركز أوضح أن المركز ظل مغلقاً بين 2012 حتى 2018 وهذا العام بدعم من وزارة السياحة بدأنا أعمال الصيانة وتم إصلاح 90 بالمئة مما لحق به من أضرار جراء الاعتداءات الإرهابية بالتوازي مع استقبال دفعة من 20 طالباً في القسم الذي تم إصلاحه حيث كان الطلاب جزءاً من الجهود المشتركة للخروج بصورة متألقة للمركز الذي نطمح لتحويله إلى منشأة متكاملة بعدة اختصاصات.
ويشير عطيفة إلى أنه يتم وضع الطلاب بصورة ما تعرض له القطاع السياحي والمواقع الأثرية من اعتداءات إرهابية لربطهم بالتاريخ الحضاري لمحافظتهم كما ننظم لهم جولات على المتحف الوطني والمواقع الأثرية لاطلاعهم على الأضرار التي لحقت بالآثار وليكونوا أمناء عليها في المستقبل.
ويستعيد القطاع السياحي بعد بضعة أشهر من تحرير الجيش العربي السوري للمحافظة من الإرهاب وترسيخ الأمن في درعا مدينة وريفها مكانته الطبيعية بشكل تدريجي واستقبلت مدينة بصرى الأثرية في السابع من آذار الجاري مجموعة سياحية أجنبية من فرنسا وكندا وسويسرا في زيارة لقلعتها ومسرحها وأوابدها الأثرية.
ومن المؤشرات على تعافي القطاع السياحي وفق مدير السياحة بدرعا ياسر السعدي عودة أصحاب المنشآت إلى الترويج والتأهيل وطلبات الترخيص والبدء بترميم وتأهيل منشآت تعرضت للإرهاب فضلاً عن الوفود السياحية التي تؤم المحافظة مع الانتهاء من وضع برنامج زمني لمهرجانات الربيع والصيف والتي من المتوقع أن تنعش السياحة الداخلية.
ويبين السعدي أن شهري شباط وآذار شهدا عودة أربع منشآت سياحية إلى الخدمة مع إقبال ملحوظ للحصول على تراخيص لمكاتب السياحة والسفر وهناك خمسة مكاتب بطور منح التراخيص النهائية بالتنسيق مع وزارة السياحة كما يجري العمل على إكمال تراخيص منشآت سياحية إطعام ومبيت.
مؤشرات بدء تعافي القطاع السياحي بالمحافظة واضحة بقدوم العديد من الوفود السياحية خارجية وداخلية ووفق السعدي فإنه خلال الأشهر الأولى من هذا العام أم المحافظة ثلاثة وفود زارت مدينة بصرى الشام وخلال الأسبوعين القادمين هناك مجموعات سياحية داخلية ستزور المدينة الأثرية في خطوة عملية لعودة طبيعية للسياحة الشعبية إلى كل الأماكن ومنها المقاصد السياحية الطبيعية كبحيرة مزيريب وشلالات تل شهاب وزيزون.
ويشير السعدي إلى أن المديرية وضعت برنامجاً ترويجياً للمناطق السياحية بالمحافظة يتوزع على أيام العام وإقامة المهرجانات التي تبدأ مع نيسان بالمناسبات التراثية كيوم التراث السوري ومهرجان الصناعات الحرفية التقليدية لافتاً إلى أن قلعة بصرى ستستضيف مهرجاناً للسياحة يتزامن مع احتفالات رأس السنة السورية في نيسان.
المنشآت السياحية والمواقع الأثرية التي تزخر بها المحافظة تعرضت لاستهداف ممنهج من التنظيمات الإرهابية من خلال الحفر العشوائي ومحاولات تهريب اللقى الأثرية ويقول السعدي: إن الجهات المختصة أفشلت أكثر من محاولة تهريب بضبط لقى أثرية في مناطق عدة.
المديرية مقبلة على مشاريع إعادة تأهيل واستكمال بناء مؤسسات تعليمية كانت هدفاً لاعتداءات متكررة ويقول السعدي: إن الإرهابيين خربوا مركز استعلامات معبر نصيب ومخفر الشرطة السياحية في مزيريب والثانوية الفندقية بدرعا التي يجري حالياً إعداد دراسة لتأهيلها كما أن الإرهاب أوقف العمل بالمعهد الفندقي السياحي الذي يمتد على مساحة 4000 متر مربع ويجري العمل على رصد الاعتمادات المالية لاستكماله ليكون مؤسسة تعليمية لطلاب المحافظة ومحافظات أخرى مشيراً إلى أن المديرية تأخذ بيد أصحاب المنشآت السياحية الخاصة وتعمل على تذليل الصعوبات وتسهيل الإجراءات من أجل تأهيل وترميم منشآتهم.
شهيدي عجيب