سيريانديز– تمام ضاهر
من حلب الى اللاذقية ، تستمر حكاية سورية ناصعة ، تكتبها الأيدي الماهرة ، التي كان خيارها البقاء في الوطن ، والعمل على قدمين ثابتتين ، وبخبرة تجاوزت 40 عاما" ، استطاعت رغم ظروف الحرب القاسية ، من شحّ المواد الأولية ، وصعوبة النقل ما بين المحافظات، وتأمين المشتقات النفطية ، انتاج ما تحتاجه السوق المحلية ، من أجود أنواع المفروشات السورية ، ذات المواصفات الفنية العالمية .
للمزيد حول هذا الموضوع، التقينا صاحب كاليري حسون السيد بسام حسون الذي أكد لسيريانديز : إن هذه الصناعة السورية العريقة ، التي تتميز بمواصفاتها الفنية العالية ، وجودتها المتميزة ، عادت لتنهض في اللاذقية ، بعد أن كانت تُنتج في حلب ، منذ 7 سنوات ومنها كانت تنتقل قطع المفروشات الجاهزة إلى اللاذقية ، وأنه خلال الحرب ونتيجة الصعوبات التي رافقت العمل ، والدمار الذي لحق بالمعمل الخاص بهم في حلب ، تم نقل الورشة الى اللاذقية ، ، وافتتاح 3 فروع في دمسرخو وشارع 8 آذار ، وطريق الحرش .
مشيراً إلى أنه تم افتتاح الورشة في 2013 باللاذقية ، ومتابعة العمل دون توسيعه بالشكل المطلوب ، نتيجة الأوضاع الأمنية والقذائف الصاروخية التي كانت تستهدف العديد من المنشآت وأحياء اللاذقية , مضيفاً ان الورشة بدايةً كانت متنقلة ومتعددة من نجارة وبخ وتلبيس ، وسواها .
حسون أوضح أنه ومنذ سنتين تم افتتاح المعمل الكبير الخاص بهم في اللاذقية ، وقد ضموا له الورشات الصغيرة ليصبح العمل متكامل , بحيث تدخل قطعة الخشب إلى المعمل وتمر بمراحل عديدة من نجارة وتلبيس وبخ وتنجيد وتركيب إلى أن تصبح جاهزة للبيع .
مؤكداُ على أن 90% من العمل هو إنتاج ورشات محلية سورية وبأيادٍ وخبرات محلية , لافتاً إلى استخدامهم خشب الشوح والزان في التصنيع ، وهو من أجود الخشب السوري مع توفر أنواع أخرى مثل الجوز – السنديان ولكنها غير مطلوبة تجارياً .
حول إمكانية توسيع العمل في المحافظات الأخرى , قال حسون بأنهم في بداية العمل كانوا يستجرون حوالي 90% من البضاعة من حلب ليتم البيع في بقية المحافظات , ولكن الآن يحدث العكس فالإنتاج أصبح باللاذقية والفائض يوزع بين طرطوس – حمص – مشتى الحلو – دمشق – السويداء .
لافتاُ إلى قيامهم بالتواصل مع بقية المحافظات لايصال منتجاتهم ، مع العمل الى فتح سوق لهم في بيروت ، خاصة بعد أن اكتشفوا أن بعض منتجاتهم التي تصل الى حمص وطرطوس تباع في بيروت وبأسعار مرتفعة .
حسون أكد أن المفروشات السورية مطلوبة عالمياً و تصل إلى السويد – فرنسا – السعودية - الإمارات – لبنان ، لما تتمتع به من جودة عالية ، وبراعة في التصميم ما يجعلها مطلوبة في الخارج بشكل كبير .
ولفت صاحب كاليري حسون ، إلى أن الحرب في سورية ، واغلاق الحدود مع تركيا ، أسفرت عن افتتاح العديد من الورشات المحلية ، بعد أن توقف وصول البضائع التركية ومنها المفروشات، موضحاً أن البضائع التركية ، غير موجودة نهائياً في الأسواق السورية ، و أن90% من المفروشات سورية .
مضيفاً : أنه رغم الحصار والتدمير نهضت صناعة المفروشات المحلية ، واستطاعت أن تضاهي ، وتتفوق بدرجات على البضاعة المنافسة ، خاصة الصينية ، نظراً لما تتمتع به من متانة وجودة عالية .
عن أبرز منتجات غاليري حسون بيّن محمد مدراتي شريكه في العمل : أنه يتم إنتاج كل ما يتطلبه فرش المنزل ما عدا القطع المكتبية , فالمعمل ينتج غرف النوم العصرية ، وغرف الجلوس والضيوف والطعام، وسواها من الطاولات الصغيرة والتحف ...الخ .
مشيراُ إلى أن الإنتاج أفضل من السابق ، من ناحية الجودة ، والنوعية وهو في تطوّرمستمر، مع التأكيد على عراقة الصناعة السورية ، في حين أن الصناعة التركية عبارة عن شكل خارجي فقط .
حول الأسعار والارتفاع الكبير الذي عاد بالضرر على المواطن والتاجر أو صاحب المهنة ,لفت حسون إلى أنه بالرغم من ارتفاع الأسعار عشرة أضعاف عن السابق , لكن تبقى أسعار المفروشات في سورية مقبولة ، ومناسبة ، فهي لم ترتفع سوى 7-8 أضعاف مع العلم انه يجب أن ترتفع حوالي 12 ضعفاً لتغطية تكلفة إنتاجها مع الربح .
وتابع : قبل الحرب كنا نبيع بأسعار أقل ونحصل على ربح جيد جداً ، ولكننا الآن نبيع بسعر قليل بالرغم انه لا يتناسب مع راتب الموظف أحياناً أو بنسبة ربح قليلة جداً , مع الحفاظ على الجودة في الصناعة .
بالانتقال إلى صعوبات العمل ، أكد حسون على موضوع العمّال وقلة عددهم ، خاصة أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين (18- 42) ، بسبب السفر والهجرة والخدمة الإلزامية.
الأمر الذي يشكّل عائق كبير في عملهم ، ما يضطرهم لرفع أجر العامل الموجود كي لا يخسروا إنتاجه , إضافة الى صعوبات الكهرباء وتأمين البنزين اللذان شهدا تحسناً كبيراً خلال الآونة الحالية .
وأضاف : صناعتنا ساهمت في تأمين فرص عمل للكثيرين ، ونحن نعمل بمجهود شخصي وبإمكانياتنا ، لذلك نطلب من الحكومة والمسؤولين التساهل قدر الإمكان في موضوع الضرائب، والتراخيص والأمور المالية ، مع تقدير التضحية التي قدمناها بإعادة انطلاق العمل رغم كل الظروف .
حول مستقبل صناعة المفروشات السورية ، قال مدراتي : ان اللاذقية أصبحت مدينة صناعية للكثير من الصناعات والمهن ووجود المرفأ يساعد كثيراً في ذلك ، لكننا بحاجة لاهتمام ورعاية من قبل الدولة ، خاصة بعد افتتاح منشأتين في طرطوس .
مضيفاً : إن اللاذقية تستطيع ان تضاهي حلب بالصناعة، إذا لاقت الرعاية والاهتمام المطلوب ، وأهل اللاذقية تقبلوا فكرة الصناعة والكثير منهم امتهنوها .
حول أسعار المفروشات و الغاليري قال حسون : تترواح أسعار المفروشات حسب تعدد الموديلات ، وفق الأسعار الرائجة ، مع التأكيد على جودة هذه الصناعات ، واحتفاظها بمتانتها في المنازل لأكثر من أربعين عاماً .
وطالب حسون بضرورة ضبط وتشديد الرقابة من الجهات المعنية لحماية التصاميم ، من التقليد ما يسيء للصنّاع الأصليين , مع الإشارة إلى أن سورية ، وخلال مرحلة التعافي التي تشهدها أصبح من الضروري افتتاح أسواق خارجية وتقديم التسهيلات ، نظراً للقدرة الشرائية الضعيفة لدى المستهلك في السوق المحلي ، الامر الذي سيعود بالفائدة على التجار والمواطنين معاً.
لافتاُ إلى أنهم في غاليري حسون مستعدين للعمل بشكل أوسع وأضخم ، وعينهم على التصدير ، ولكنهم ينتظرون تأمين اليد العاملة وتقديم التسهيلات للانطلاق بشكل أقوى .