سيريانديز- آية قحف
استطاعت السينما السورية رغم ظروف الحرب تذليل الصعوبات و العقبات الماثلة أمامها واحتلت مكانها إلى جانب الفنون الأخرى ، وظلت مرآة تعكس ثقافة الشعوب وتعمل على تنميتها.
وتعقيبا على ذلك أعلن عن قيام مبادرة تطوعية تحت عنوان " كلوز شوت " تعنى بتعليم صناعة الأفلام السينمائية القصيرة ، و شارك فيها العديد من المبدعين لبلورة السينما كفن حقيقي وأصيل ، وكانت ممولة من قبل صندوق الأمم المتحدة للسكان "UNFPA" ومحتضنة من مركز الأعمال السوري " SEBC " ، والشركة المنفذة للأفلام هي كراون ميديا .
وفي تصريح لسيريانديز اوضح كاتب السيناريو بلال بوظو أحد المدربين المشاركين في المبادرة ، بأنه تمكن خلال جلسات مدتها لا تتجاوز الساعتين من اعطاء هؤلاء الشباب حصيلة خبرته ومهاراته بتحويل القصة المكتوبة إلى سيناريو وتعريفهم أسس كتابة الحوار ورسم الشخصيات ، ليكون العمل جاهزا للعرض أمام الجمهور بشكل احترافي ، مبينا أن استجابة الطلاب كانت جيدة رغم وجود تفاوت بين مستوياتهم .
وذكر بوظو بأن المبادرة هي بمثابة خطوة أولى في طريق صناعة الأفلام السينمائية ، لافتا إلى أن استجابة الجمهور في العرض النهائي كانت ملفتة جدا ولا سيما بحضور المخرج محمد عبد العزيز وممثلين شباب منهم رشا بلال ومؤيد الخراط الذين أبدوا إعجابهم بما قدم.
وأوضح المخرج سدير مسعود بأنه عمل على نقل ما يملكه من معرفة أكاديمية عن الإخراج اكتسبها في مصر ولبنان إلى هؤلاء الشباب ، ولكن من دون التأثير على طريقة تفكير كل شخص منهم ، حيث أفسح المجال أمامهم ليشكلوا رؤيتهم البصرية والفكرية الخاصة بهم ، وتحويل هذه الفئة الشبابية المجتمعية من مشاهد سلبي يتلقى المادة ويقبلها إلى مشاهد إيجابي يحلل ويعرف ما يدور في خبايا الصورة .
ونوه مسعود بأن المبادرة كانت صعبة نوعا ما ولا سيما في ظل التعامل مع جيل ذكي ومتطلع يملك الحس النقدي تجاه أي شيء يراه بحكم العولمة والانفتاح الثقافي ، لافتا إلى أن بعض الطلبة يملكون خلفية ثقافية تؤهلهم ليكونوا ضمن المباردة .
وبين المخرج خالد عثمان بأن المبادرة شملت محاور عدة بين كتابة السيناريو والمونتاج والإخراج والتصوير ، وكان دوره تدريب شباب لا يمتلكون معلومات كافية عن الإخراج على معالجة المواضيع المقدمة لتحويلها إلى سينما و توظيف أفكارهم في الفيلم ، لا سيما أن الإخراج حسب قوله هو فكر وابداع وليس تعليما ، لافتا إلى أنه لمس عند المشاركين الشغف للاستمرار في هذا المجال .
وأوضح عثمان ، أن المنهاج الذي أعطي تضمن معلومات نظرية وتطبيقية تمت على 3 مراحل ( مرحلة ما قبل التصوير – مرحلة التصوير – مرحلة ما بعد التصوير ) ، أعطى فيها المعلومات الاساسية التي تمكنهم من صناعة فيلم بمستوى جيد ، ورأى أن فترة الشهر غير كافية لتغطية خبرته الكاملة بهذا المجال ، وأكد بأن الرحلة متواصلة و يأمل استمرار مثل هذه المبادرات لدعم السينما وتطويرها في سورية .
ولفت رامي الحميدي مدرب المونتاج بأنه ركز على إعطاء المونتاج الفكري المتعلق بتاريخ السينما وتحليل الأفلام واللقطات التي لا يستطيعون تعلمها من الانترنيت أكثر من المونتاج التقني المتعلق بالعمل على البرنامج ، إذ واجه صعوبات بسبب تفاوت مستويات الطلاب في استخدام برنامج المونتاج ، ولكنه راض عن النتيجة النهائية في ظل مجموعة من الصعوبات كان أهمها ضيق الوقت وبساطة أدوات الشباب و إنها المرة الأولى لهم في مجال صناعة الأفلام .
واعتبر حميدي ان تجربته كانت مهمة جدا له ، وتمكن من إيصال جزء من دراسته لهؤلاء الشباب ، لترسيخ البذرة الأساسية لبداية مشوارهم السينمائي .
وأشار سماح الحسين أحد الطلاب المشاركين في المبادرة من ( فريق مشاكل ) والذين قدموا فلم "بلا تذكرة " الذي يوضح آثار المخدرات على الإنسان ، بأن هدفه الأساسي من المشاركة أن يصبح قادرا على صناعة الفلم بكافة مكوناته ، وبين بأن روح التعاون كانت موجودة بين أعضاء الفريق ، والعلاقة مع المدربين كانت مميزة إذ قدموا لهم الدعم الكامل وأشرفوا على عملهم واعطوا ملاحظاتهم للوصول إلى نتاج نهائي احترافي ، وأكد بأنه رغم القذائف الإرهابية المحيطة بمكان التدريب كان لديهم اصرارا على المتابعة بسبب شغفهم وحبهم لهذا المجال .
ونوه ذو الفقار ديب العضو في فريق ( خام ) الذين قدموا فيلم باتاشا المتمحور حول نظرة الشفقة للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وكيف يمكن ان تفسر من قبلهم ، بأنه شارك ليطور مهاراته في صناعة الأفلام ، وبالرغم من أن الدورة كانت مكثفة ولكن استفاد منها بشكل كبير وتغيرت مفاهيمه وأفكاره حول الأفلام فقد امتلك خبرة تخوله لصناعة فيلمه الخاص فيما بعد المبادرة..
ولفت عبد الرحمن عبد الفتاح العضو في فريق ( اللامستحيل ) المقدم لفيلم شباك الذي يتحدث عن مراحل نمو البنت ، بأن مشاركته في المبادرة كانت لتطوير نفسه ، إذ تحول من شخص هاو إلى محترف في صناعة الأفلام السينمائية والتي هي مجال واسع ويلزمه المتابعة بشكل دائم ،بالإضافة لكونه يهدف لإيصال رسالة خاصة ممكن أن تغير مجتمعا أو فكرا ، وعن محاور الدورة فقد كانت شاملة من حيث التواصل مع الصورة والحركة والزاوية والصوت والموسيقا والألوان والمونتاج والسيناريو .
بقي أن نقول بأنه رغم الحرب التي استنزفت طاقات الشباب وأضرت البشر والحجر إلا أن شبابنا السوري يثبت يوما بعد يوم أنه يمتلك العزيمة والإرادة ويسعى دائما لتطوير طاقاته وقدراته ليسهم في تنمية مجتمعه .