"أنا أحصل على قوتي منه، إنه يجعل كل شيء أسهل أينما يذهب، وعندما تراه تشعر أنه يصرخ للعالم: "أنا هنا!"
هكذا وصفت هنادي ابنها عمر الذي يبلغ من العمر الآن 11 سنة والذي تم تشخيص مرضه بالشلل الدماغي قبل أن يبلغ عامه الأول، ولكنه رغم ذلك وبحلول عامه الخامس وبعد حصوله على المعالجة الفيزيائية المنتظمة، استطاع أن يقف ويمشي مع بعض المساعدة الطفيفة وكما أنه قادر على استخدام يديه لتناول الطعام واللعب والرسم. وكبر عمر ليصبح مراهقا واثقاً، عازماً ومرناً في التعامل. يبتسم دائما، ومع ابتسامته تشع من عيونه بريق الأمل في مستقبل أكثر إشراقا.
انتقلت عائلة عمر إلى محافظة اللاذقية الساحلية بحثاً عن الأمان، بعد تصاعد العنف بالقرب من منزلهم في حرستا في ريف دمشق منذ أربع سنوات، وواجه عمر وعائلته تحديات جديدة إذ فقد والد عمر عمله مما أدى إلى تراكم أعباء مالية جديدة على العائلة وخاصة بعد أن استنفذوا جميع مدخراتهم مما أدى إلى توقف العلاج الفيزيائي لعمر وانقطاعه عن الدراسة.
تقول هنادي: "تراجعت حركة عمر وأصبحت ضعيفة، بالإضافة إلى تدهور حالته النفسية بسبب انقطاعه عن الدراسة، إن التعليم أمر بغاية الأهمية بالنسبة له وبالنسبة لنا لأن عمر يحلم دائما بالتعلم"
وعندما استطاع عمر أخيراً من الانضمام إلى المدرسة بعد وقت لا بأس به من انتقاله إلى اللاذقية، كان عازما على عدم السماح لأي شيء بالوقوف بوجه تعليمه او يفوت يوما دون الذهاب إلى المدرسة، بغض النظر عن الجهد المضاعف الذي يبذله بسبب الشلل الجزئي في يديه مما يعني أنه يحتاج إلى الاعتماد أكثر على الاستماع والحفظ في عقله بدلاً من تدوين الملاحظات كغيره من الطلاب خلال الفصول الدراسية وقد تمكن بعد فترة من عودته إلى المدرسة من التقاط جميع تعليقات المعلم، وضمان درجات ممتازة في المدرسة.
ويقول عمر بفخر: "حصلت على 94 في المائة في الامتحانات الاخيرة في العام الماضي، لكنني أهدف هذا العام للحصول على علامة كاملة". حيث بدأ الصف السادس الأسبوع الماضي مع بدء العام الدراسي في جميع أنحاء سوريا.
ويرفض عمر بشدة أن يعامل بشكل مختلف عن رفاقه حيث تقول غالية، مدرسة عمر: "عندما يرفع يده للإجابة على سؤال، أحاول عدم إجهاده والسماح له بالإجابة وهو جالس ولكنه يصر على المشي إلى السبورة وكتابة الإجابة في كل مرة!"
منذ شهر أيار من العام الجاري، تتلقى أسرة عمر مساعدات نقدية مدعومة من اليونيسيف لمساعدتها على تحسين العناية باحتياجاته الخاصة مثل جلسات العلاج الفيزيائي لتحسين حالته، وشراء أي أدوات خاصة قد يحتاج إليها، مثل العكازات.