خاص- سيريانديز- سومر إبراهيم
في ظل التباين الكبير بين مستوى الدخل ومتطلبات المعيشة يعيش المواطن السوري حالة من الترقب والانتظار لأي شائعة تتعلق بزيادة الرواتب والأجور بما يبعث في نفسة التفاؤل والأمل بتحسن وضعه المعيشي ، ولكن في كل مرة يخرج أحد أعضاء الحكومة الحالية بتصريح ينفي تلك الشائعات ويقطع أي أمل لدى المواطن بتحسن دخله ، فمرة وزير المالية وأخرى وزير التجارة الداخلية ومؤخراً رئيس مجلس الوزراء الذي صرح أمام مجلس الشعب "وأقتبس" « تمت مناقشة هذا المقترح مع لجنة السياسات الاقتصادية، وتبين أنه من الممكن زيادة الرواتب لكن ما هي النتيجة إذا لم يكن هناك تنمية اقتصادية تسعى في مضمونها إلى تحقيق الموارد؟».
مضيفاً: «من أهم عناوين تفعيل عملية التنمية هو الإنتاج أولاً والمحافظة على استقرار سعر الصرف والقيام بإجراءات تشريعية لإعادة تفعيل الإنتاج الأمر الذي سوف يسهم في تحسين دخل المواطن بشكل ملموس».
وقال خميس : إن الحكومة السابقة استخدمت خلال السنوات الثلاث السابقة ما يقارب 14 مليار دولار من الاحتياطي وازدادت معدلات التضخم بنسبة من مئة بالمئة إلى ألف بالمئة، في حين أن الحكومة الحالية «لم تصرف دولاراً واحدا منذ أكثر من عام، وذلك لأسباب استراتيجية تتعلق بالحفاظ على موارد الدولة» . انتهى الاقتباس.
وهنا نتساءل : هل يتحمل الوضع المعيشي للمواطن كل هذا... وفي حال تأخرت عملية التنمية والإنتاج ماذا سيكون انعكاسها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمواطن المنتظر ..؟ وهل تصريح رئيس الحكومة هو اتهام صريح للحكومة السابقة بالفساد وهو كان أحد أعضائها ..؟؟
«سيريانديز» سألت الخبيرة الاقتصادية ووزيرة الاقتصاد سابقاً الدكتورة لمياء عاصي التي أكدت أن تصريحات رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب تعكس رؤية الحكومة تجاه موضوع زيادة الرواتب , وتعبر عن قرار متخذ من قبل الحكومة بأنها لن تقوم بزيادة الرواتب حتى لا تسمح لمعدل التضخم أن يرتفع كثيراً , فبالرغم من منطقية المبررات التي تسوقها الحكومة للامتناع عن زيادة الرواتب للوهلة الأولى ولكن عدم زيادة الرواتب أيضاً له انعكاسات خطيرة وخصوصاً تأثير انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين على احباط النمو الاقتصادي وكذلك على مستويات الجريمة والفساد في البلد وغيرها من المؤشرات الخطيرة .
وأوضحت عاصي أن موضوع زيادة الرواتب يتعلق بإمكانيات الدولة وقدرتها على تمويل الزيادات على الرواتب بدون طبع أوراق نقدية بدون سند حقيقي وطرحها في الأسواق , لأن طبع الأوراق النقدية سيحدث تضخماً كبيراً ويجلب كارثة حقيقية على أصحاب الدخول المحدودة , ولكن ماذا فعلت الحكومة لزيادة حصيلة ايرادات الخزينة..؟؟ الجواب الذي يعرفه الجميع ... أن الحكومة لديها عشرات آلاف العقارات والمؤسسات وكلها لا تعود على الخزينة سوى بمبالغ زهيدة ...!!
وأوضحت عاصي أنه إذا بقي موضوع الرواتب المنخفضة إلى ما دون خط الفقر بدون معالجة فلن يكون بالإمكان معالجة الفساد والآثار الكارثية للفقر بالخطب الأخلاقية العصماء.... !!! وتجارب الدول تقول أنه لا يمكن الاستهانة بموضوع الفساد، وكلنا يعرف أن بعض موظفي الدولة ينفقون ما يزيد عن دخولهم بأضعاف المرات, حتى أنه بات مقبولاً اجتماعياً أن موظف راتبه 40 ألفا أو 50 ألف ومصروفه الشهري يبلغ على الأقل بين 400- 500 ألف ليرة سورية فمن أين يأتي بالفرق ؟؟؟؟
وبينت عاصي أنه ورد في تصريح السيد رئيس الحكومة موضوع آخر غاية في الأهمية , وهو اتهام الحكومة السابقة بصرف 14 مليار دولار بينما الحكومة الحالية لم تصرف دولار واحد, هذا الكلام يثير سؤالاً هاماً: كيف أنفقت الحكومة السابقة 14 مليار دولار .. ؟؟ والكل يعرف أنه منذ بداية الأزمة اتبعت سياسات تقشفية صارمة وعانى الناس الأمرين من هذه السياسات ، إذاً أين صرفت تلك الأموال ؟؟؟؟؟
وقالت عاصي في سياق الحديث عن الفساد, حدثني السفير الروسي في ماليزيا , أنه كان يحضر اجتماعاً بين رئيس وزراء سنغافورة " لي كوان يو" والرئيس الروسي "بوريس يلتسين " في أوائل عهد حكومة يلتسين في التسعينات، فسأله "لي كوان يو" طمني كيف تسير عملية الإصلاح الاقتصادي في روسيا وكيف هو أداء الحكومة في هذه المرحلة ,,, ؟؟
فأجاب يلتسين " اليوم مشكلتنا الكبرى هي الفساد الذي بات منتشرا جدا في روسيا, " فقال ليكوان يو " : أعتقد أنها حكومة رخيصة ...." بمعنى أن رواتب الموظفين فيها قليلة جدا .... "