دمشق-سيريانديز
برعاية رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس أقامت وزارة المالية اليوم ورشة عمل حول السياسة الضريبية ودورها في التنمية بمشاركة مختصين ورؤساء اتحادات غرف التجارة والصناعة والحرفيين.
وخلال أعمال الورشة بين المهندس خميس أهمية أن تخرج اللقاءات والندوات وورشات العمل المتعلقة بمختلف مفاصل العمل الحكومي وخاصة في مجال التأمين والسياسة المالية والضريبية والمصارف والخدمات والإسكان والقضاء بمخرجات حقيقية تسهم في وضع رؤية تطويرية لهذه القطاعات بالتعاون مع الشركاء والخبراء والمختصين من القطاع الخاص والاتحادات والمنظمات والنقابات.
وأشار إلى أن الحكومة مستعدة لإصدار التشريعات والقرارات اللازمة لتطوير العمل الحكومي واستنهاض القدرات البشرية ذات العلاقة بكل ملف من الملفات التي تديرها الحكومة بالتعاون مع الشركاء من مختلف القطاعات مبينا أنه بعد سنوات الحرب الإرهابية على مكونات الدولة السورية والتخريب الممنهج للاقتصاد الوطني والبنية التحتية يجب العمل على تطوير البنية الإنتاجية والاقتصادية وهذا يتطلب تضافر جهود مختلف الجهات لتصويب مسار العملية التطويرية لتكون على أسس صحيحة تحقق النتائج المرجوة منها.
ووجه المهندس خميس تساؤلا للخبراء والمختصين حول إن كانت السياسة الضريبية في سورية بالاتجاه الصحيح وتحقق الغاية المرجوة منها أو أنها عبء على الحكومة والمواطن وتعيق التنمية وهل يمكن للسياسة المالية أن تحقق رؤية تنموية حقيقية ما لم تتكامل مع السياسات الأخرى تحت مظلة اقتصادية واحدة وما مدى صحة السياسات المصرفية وهل الرؤية النقدية تتكامل مع السياسة المالية مطالبا المختصين والخبراء بوضع إجابات حقيقية على هذه الأسئلة ضمن فعاليات ورشة العمل من أجل وضع سياسة مالية متطورة بكل مكوناتها تحقق الرؤية التطويرية للحكومة في هذا المجال.
وقال رئيس مجلس الوزراء: من غير المقبول لنا اليوم أن نمضي بعشوائية في عملنا فنحن أحوج ما نكون لتصويب خطواتنا لتكون ضمن استراتيجية واحدة للعملية التنموية الاقتصادية بكل مكوناتها داعيا جميع المختصين في مجالات التنمية الاقتصادية للمشاركة في اللقاءات والندوات للوقوف على مختلف الآراء والخبرات التي تؤدي إلى وضع السياسة المالية في الطريق الصحيح.
وأشار إلى أن الحكومة منذ أيامها الأولى أعلنت عناوين مهمة تتعلق بالعملية التنموية حيث تم وضع رؤية جديدة تتناول جمع الملفات التي تتعلق بمكونات التنمية وبدأت بتفعيل مشاركة مختلف الفعاليات وخاصة الراغبين والمهتمين للوصول إلى رؤية ناضجة في جميع مجالات العمل مؤكدا وجود ملفات كثيرة منها ملف السياسة الضريبية ستطرح ضمن ورشات عمل ولقاءات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي أو اللقاءات المباشرة للوصول إلى صيغة متطورة في هذا الملف.
حمدان: إعادة النظر بمعايير التكليف لتكون أكثر عدالة
بدوره أوضح وزير المالية الدكتور مأمون حمدان أن الهدف من الورشة الاطلاع على الأفكار الجديدة وآراء المستثمرين والصناعيين والتجار أصحاب الفعاليات الاقتصادية وأستاذة الجامعات بشأن السياسة المالية والضريبية للدولة ومناقشة هذه الأفكار لتطوير هذه السياسة لتكون أكثر فاعلية في تحقيق أهدافها.
وأشار إلى أن السياسة الاقتصادية للحكومة تهدف إلى تحقيق معدلات نمو واقعية مستدامة وتحسين الوضع المعيشي للمواطن وتعزيز موارد الدولة وإيجاد فرص عمل جديدة من خلال تكييف وتطوير السياستين المالية والنقدية والتجارة الخارجية وتحفيز القطاع الخاص للمساهمة في الاستثمار وتعميق التعاون مع غرف الصناعة والتجارة للوقوف على الواقع الفعلي لشركات القطاع الخاص لجهة تحديد الصعوبات التي تعترضها لإيجاد الحلول وزيادة كفاءة الانفاق العام وتحفيز النمو والحد من الهدر وتخفيف كلف الإنتاج.
ولفت وزير المالية إلى أن السياسة الاقتصادية للحكومة تركز على إيجاد مصادر للإيرادات وإعادة النظر بمعايير التكليف لتكون أكثر عدالة وإنجاز التراكم الضريبي مع البدء بتكاليف كبار المكلفين ومتابعة إصلاح النظام الجمركي والاستمرار بمكافحة التهرب الضريبي موضحا أن هذه المحددات الأساسية هي المنطلق لتطوير النظام الضريبي والتي سعت الحكومة منذ بداية عملها حتى اليوم لتحقيقها.
وذكر الوزير حمدان أن الوزارة تسعى إلى الانتقال في جباية الضريبة من التقدير الشخصي إلى الاعتماد على وسائل علمية وعملية حديثة مشيرا إلى أنه توجد لجنة بالوزارة مهمتها اعادة النظر في كل التشريعات المالية والضريبية.
وأكد وزير المالية أن الورشة ستركز على السياسة المالية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لافتا إلى أن الحكومة قدمت العديد من الإعفاءات الضريبية للصناعيين والمستثمرين بهدف تشجيعهم على الإنتاج وزيادته كما ونوعا.
المداخلات تركز على ضرورة إعادة النظر بالإجراءات الضريبية والسعي لتحقيق العدالة فيها
وتركزت المداخلات في الجلسة الأولى من الورشة حول ضرورة إعادة النظر بالإجراءات الضريبية والسعي لتحقيق العدالة فيها ورفع الوعي في هذا المجال وضرورة تكامل الأدوار بين القطاعين العام والخاص ودعم خزينة الدولة وبحث وضع اقتصاد الظل ومعالجته وتكليفه ضريبيا وتعديل التشريعات وأتمتة المحاسبة والانتقال لتطبيق الفوترة وتدريب الموارد البشرية ومكافحة الفساد وتشجيع القطاع الخاص لتسجيل عمالهم في التأمينات الاجتماعية.
ودعا المشاركون إلى إعادة النظر بقانون ضريبة الدخل وتطوير السياسات المالية لتواكب التطور في السياسات الاقتصادية واستخدام أدوات استثنائية لجباية الضرائب والوصول إلى الرقم الدقيق لعمل القطاع الخاص ومراجعة التراكم الضريبي وإدخال ضرائب موحدة على الإنتاج والقيمة المضافة ومعالجة تنازع القوانين وتطبيق سياسة ضريبية لا تسمح بالتهرب الضريبي.
القلاع: القطاع الخاص لا يرغب إطلاقا بالتهرب الضريبي
بدوره أوضح رئيس اتحاد غرف التجارة السورية محمد غسان القلاع أن القطاع الخاص لا يرغب اطلاقا بالتهرب الضريبي لكون الضريبة هي حصة الحكومة كشريك في العمل والأرباح مؤكدا أن العملية التنموية تهدف إلى توجيه جميع القدرات الاقتصادية المتاحة لزيادة الدخل وتحسين مستوى المعيشة ورفع معدلات النمو.
وقال القلاع: “لا معنى لأي سياسات تنموية إذا لم تصاحبها زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وتحسين شروط توزيعه بين الأفراد” لافتا إلى التراجع الذي أصاب الاقتصاد السوري نتيجة تداعيات الأزمة وبالتالي انخفاض الإيرادات التي تعتمد عليها الحكومة لتمويل البرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية وهذا الأمر يتطلب تضافر جهود جميع القطاعات الوطنية عامة وخاصة لتكون شريكة في إعادة استمرار بناء الاقتصاد السوري وترميم الأضرار التي لحقت به.
ودعا القلاع إلى إحداث شركات مساهمة صناعية وتجارية وخدمية ليكون جميع المواطنين شركاء ولو بمبالغ بسيطة لافتا إلى حرص القطاع الخاص على المشاركة في العمل الاقتصادي والذي لا يتوانى عن أخذ دوره الفاعل في جميع الظروف وهو مؤمن بحق الدولة في استيفاء الضرائب والرسوم ضمن سياسة مالية وضريبية واضحة المعالم بما يحقق الفائدة للمجتمع على أن تكون هذه السياسة أكثر عدالة وتوازنا وتكليفا غير مرهق.
سليمان: الارتقاء بقانون الضريبة إلى مستوى القانون الوطني العام
وفي محاضرته حول الجانب الاقتصادي والاجتماعي للضرائب في سورية اعتبر الدكتور عدنان سليمان الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق أن الضريبة مورد أساسي من الموارد المالية تستخدمها الحكومة لتمويل التنمية والتأثير على الاستثمار والإنتاج والاستهلاك والادخار والتشغيل داعيا إلى تمكين الدولة من ممارسة دورها التنموي باعتبار الضريبة واجبا وطنيا وأخلاقيا وانتماء والتزاما ومساهمة في الأداء العام والقيام بالمسؤولية والشراكة الاجتماعية.
ولفت الدكتور سليمان إلى ضرورة ربط الإصلاحات بالسياسات المالية اقتصاديا بحيث لا تبقى إجرائية لجهة تعديل الأنظمة والقوانين وتكريس العدالة الضريبية وتبسيط النظام الضريبي واستبعاد الفقراء وأصحاب الدخول المنخفضة من العبء الضريبي مؤكدا أهمية الارتقاء بقانون الضريبة إلى مستوى القانون الوطني العام كقانون خدمة العلم باعتبار دفع الضريبة واجبا وطنيا وأخلاقيا مقدسا وعدم دفع الضريبة يعد جريمة وضرورة إصلاح النظام الضريبي ليكون واضحا وعادلا ومساويا للجميع ويخدم الأهداف التنموية.
خضور: هناك محفزات ضريبية أفضل من الإعفاءات الضريبية
من جهته اعتبر أكد الدكتور رسلان خضور أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق أن هناك محفزات ضريبية أفضل من الإعفاءات الضريبية كالشفافية واستمرارية ووضوح عدالة النظام الضريبي لأن الهدف من المحفزات هو توجيه الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال مبينا أن قطاع الاعمال في سورية يطالب بمزيد من الإعفاءات الضريبية وهذا قد يكون مطلبا مشروعا لكن الإعفاءات الضريبية حتى تكون مبررة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا لا يجوز على الإطلاق أن تمنح دون أن تكون واضحة ولها مبرراتها ويجب أن ترتبط بفوائد مشيرا إلى أنه دون التعاون بين الجهات المختلفة في المجتمع لا يمكن أن تنجح أي سياسة ضريبية.
وفي تصريح للإعلاميين بين المهندس خميس أن السياسة الضريبية تشكل جزءا مهما من العملية التنموية وتسهم في تحقيق الرافعة الاقتصادية لافتا إلى ضرورة مكافحة التهرب الضريبي وتحقيق العدالة الضريبية لتأمين إيرادات حقيقية تعزز المساهمة في العملية التنموية بكل مكوناتها.
وأشار خميس إلى أن كل ما هو مطلوب من مشاريع حقيقية لتطوير آلية عمل النظام الضريبي سيكون محط اهتمام وهناك لجنة مشكلة في وزارة المالية لهذا الغرض وانجاز كل ما ينتج عن ورشة العمل من رؤى تطويرية وهي مكلفة بإعداد التشريعات والهيكلية والبنية الإدارية إضافة إلى الأتمتة والمعلوماتية.
حضر الافتتاح وزراء الصناعة والصحة والعدل والاقتصاد والتجارة الخارجية والدولة لشؤون الاستثمار ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي وحاكم مصرف سورية المركزي وعدد من أعضاء مجلس الشعب وأساتذة الجامعات وممثلو عدد من الفعاليات الاقتصادية.
(الجلسة الثانية).. النظام الضريبي ودوره في تحقيق التنمية على صعيد المنشآت الصناعية والحرفية
وناقش المشاركون في أعمال الجلسة الثانية من الورشة دور النظام الضريبي السوري في تحقيق التنمية على صعيد المنشآت الصناعية والحرفية والرواتب والأجور.
وأشار رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور عابد فضلية إلى أن تطوير وتعديل السياسات المالية لتكون الضريبة” عادلة أفقيا وشاقوليا ونظامها مرن وتحصيلها شفاف” يسهم بدفع سيرورة إعادة الإعمار وعملية التنمية المستدامة مؤكداً أن الإعفاء الضريبي إذا كان صحيحا يؤدي لأهداف إيجابية.
وقال فضلية: إن “الضريبة حق للدولة وواجب على المواطن لأنها تعود في حصيلتها على النفع العام” مبينا أنها “ليست مجرد تحصيل للأموال بل لها أدوات تستعملها الجهات الحكومية لتحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية”.
وفي كلمته حول أثر الضريبة في المنشآت الصناعية والتجارية أشار فارس الشهابي رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية إلى وجود خلل بالثقافة الضريبية معتبرا أن تقديم المحفزات الضريبية من الحكومة يسهم بجعل العمل على مبدأ “الرعاية أساس الجباية التي تحفز النشاط الاقتصادي والتشغيل منبع التحصيل” مشددا على ضرورة إعادة تأهيل الصناعة الوطنية نظرا لأنه “من دون إنتاج لا يوجد اقتصاد ولا ضريبة ولا دخل أو موارد للخزينة”.
وقدم الشهابي عددا من المقترحات المالية والضريبية لإعادة تأهيل الصناعة الوطنية والتريث في تحصيل الذمم للمنشآت المتراكمة عن السنوات السابقة واعفائهم من كل الغرامات وفوائد التأخير والإسراع بتعديل القانون 26 لعام 2015 الخاص بالقروض المتعثرة واعطاء أصحابها فرصة جديدة لجدولة ديونهم، مقترحا اعتماد ضبط الشرطة لإثبات ضرر وتوقف المنشآت الصناعية واستصدار قانون جديد للاستثمار يلبي متطلبات الواقع الحالي ويحفز على الاستخدام الذكي للطاقة ودعم التصدير واستصدار قانون للتقييم الصناعي للوقوف على أضرار الآلات ومنح الصناعيين المتضررين قروضا طويلة الأجل لإعادة البناء والترميم من المصارف العامة والخاصة.
بدوره بين مدير الهيئة العامة للضرائب والرسوم عبدالكريم الحسين أن النظام الضريبي السوري يهدف إلى الحصول على الإيرادات وإنفاقها على المشاريع والخدمات وضبط سياسة الاستهلاك وحماية الانتاج المحلي مشيرا إلى أن نظام الضرائب المطبق في سورية يقوم على فرض ضريبة على كل نوع من أنواع الدخل.
واعتبر الحسين أن رؤى تطوير النظام الضريبي تتمحور حول الانتقال بنظام الضرائب النوعية إلى الضريبة العامة الموحدة على الدخل واستكمال بناء الثقة بين الادارة الضريبية والمكلفين وزيادة الوضوح والشفافية في التشريعات الضريبية ونشر ثقافة الوعي الضريبي وزيادة تدريب العاملين في هذا المجال.
وخلال محاضرته عن الضريبة على المنشآت الحرفية والمهنية رأى رئيس اتحاد الحرفيين ناجي الحضوة أن الاتحاد يضم أكثر من نصف مليون حرفي لافتا إلى أن أسس الضريبة المتعلقة بالمنشآت الحرفية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار دخل الحرفي لتحقيق العدالة الضريبية وخاصة أن معظم الحرفيين يدفعون ضرائبهم مقطوعة.
واعتبر الدكتور عقبة الرضا أستاذ المحاسبة بجامعة دمشق خلال حديثه عن الضريبة على الرواتب والأجور أن أسعار السلع في سورية ارتبطت بعدة عوامل منها العقوبات الاقتصادية والفساد وأن النظام الضريبي في سورية لم يواكب التغيرات الحاصلة بالواقع على الرواتب والأجور مبينا أن ضريبة الرواتب والأجور عام 2017 تشكل 7ر8 بالمئة من إجمالي الضرائب والرسوم وهذا الرقم “غريب نسبياً عند مقارنته بعام 2010 حيث كان 2ر3” أي أنه زاد ولكن بسبب انخفاض الحصيلة الضريبية بشكل عام.
وأكد الرضا أن الحد من التهرب الضريبي يتطلب الإسراع بتطبيق نظام الفوترة والاعتماد على الوثائق الرسمية لمعاملات مكلفي الضرائب النوعية.