خاص– سيريانديز– سومر إبراهيم
يشعرك الدخول إلى معرض خان الحرير الذي ينهي أعماله اليوم في فندق الداماروز بدمشق، بالكثير من التفاؤل، وخاصة وأنت تتجول بين غرف العرض الصغيرة، وتسمع اللهجة الحلبية المميزة التي تصدح في الصالة بفرح، ومناظر المنتجات النسيجية التي تواكب أحدث الصرعات في عالم الأزياء وتنافس بجودتها منتجات أكثر الدول تطوراً، ليتبادر إلى ذهنك سؤال كبير .. كم هو عظيم هذا الشعب الذي استطاع أن يصنع المعجزات ويخرج شعلة مضيئة من تحت ركام الحرب، وأي ذهن تجاري وصناعي يمتلكه هؤلاء الأناس المتواضعين حتى صنعوا الحياة من عالم الموت .
ولكن ... لم يلق المعرض الاهتمام اللائق به في أول أيامه ، ولم يحتف تجار دمشق وصناعييها بأخوانهم الحلبيين الذين قطعوا مسافات كبيرة ونقلوا بضائعهم ليعرضوها في العاصمة حاملين رسالة السلام والصمود ، حتى تقرر الافتتاح الرسمي في اليوم التالي بحضور متأخر وخجول انفرد به وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ومعاونيه ، وغياب كامل للوزارة الأم ( الصناعة ) دون معرفة الأسباب ، حتى اتحاد المصدرين الذي يعد الراعي الغير مباشر لكل المعارض ويسجل حضوراً لافتاً في بقية المعارض، غاب أيضاً عن استقبال الأخوة الحلبيين، فهل هو اتحاد لمصدري دمشق وعراباً لتجارها فقط ؟؟؟ والسؤال الأهم : ماذا لو حضر رئيس الحكومة ورحب بالضيوف ..؟؟
حالة من الفرح خلقها التجار بعد الانتظار الممل والطويل للافتتاح الذي تجاوز ثلاث ساعات، فاستحضروا القدود الحلبية وبدأ بعض الشبان يرقصون على أنغامها لتعم البهجة على وجوه الحضور وينقشع الملل .
عضو غرفة صناعة حلب الصناعي محمد صباغ كشف لسيريانديز أن أكثر من 4000 صناعي يعملون الآن في حلب تحت كل الظروف الصعبة حتى أن بعضهم نقل مشاغلهم وآلاتهم إلى بيوتهم حتى لا تتوقف، مضيفاً أن مئات الصناعيين والمنتجين كانوا يرغبون بعرض منتجاتهم لو سمح المكان بذلك .
وأوضح صباغ أن الإنتاج انخفض نتيجة الأزمة في معظم المنشآت إلى حوالي 70 % ، قائلاً : بتنا نعمل بأدنى درجات مقومات الإنتاج حتى اليد العاملة صارت عملة نادرة ، منوهاً أنه تم البدء بتدريب الفتيات والنساء بمختلف الأعمار للقيام بمهام الرجال في المعامل النسيجية بهدف التأسيس لجيل من النساء يتمتعن بخبرات يمكن الاعتماد عليهن لاحقاً ، حيث يتم تخريج أكثر من 100 فتاة كل فترة قادرة على العمل ومكتسبة للخبرة وهذه خطوة مهمة لتفعيل دور المرأة وسد ثغرات نقص العمالة الذكورية ، حيث نسعى لتوجيه الذكور إلى الصناعات الثقيلة .
ودعا صباغ وزير الصناعة عبر موقع سيريانديز إلى القيام بجولة إلى حلب للوقوف على واقع الصناعة هناك والتعرف على الظروف التي يعيشها الصناعيين على أرض الواقع ، آملاً أن يتم تجهيز المدينة الصناعية في الشيخ نجار ذات المساحات الكبيرة بمنشآت مسبقة الصنع وتأجيرها للصناعيين ليتمكنوا من العودة للعمل وإعادة الحياة للصناعة الحلبية التي هي شريان الاقتصاد السوري ، منوهاً أن المنشآت في الليرمون تعرضت للتخريب والنهب الكامل ، ولا يقدر الصناعي أن يعيد منشأته إلى ما كانت عليه دفعة واحدة .
لتبقى الكلمة الأخيرة لنا : لو اردنا أن نعيد الحياة إلى الاقتصاد السوري فعلاً ويعود المواطن إلى مستوى معيشة مقبول ، يجب أن يعاد للصناعة الحلبية ألقها ، وتوجه كل أنواع الدعم لها ، لا أن تلق الاهمال كما لاقى معرض خان الحرير خريف وشتاء 2017 في دمشق .