سيريانديز- مريانا علي
في مكان يشعل الأمل بمن يحظى بالجلوس في أروقته، تسند جدرانه لوحات وصور لأعمال مسرحية ،وشهادات تكريم عبر سنوات من الكفاح لإعلاء صوت شكسبير وأنطون تشيخوف ،
في القسم المقابل لي، تجلس مجموعة من الشباب على شكل حلقة دائرية ،يدربون حبالهم الصوتية ،لخدمة أدائهم المسرحي ،
أهجس في نفسي :مكان في هذا الحجم ،يخرج طلاباً أكاديميين بمهارات عالية ،وينظم المهرجانات الثقافية والمسرحية ،ويكرم قامات كبيرة ممن أطفأتهم رداءة هذا الزمن المادي البحت، وتعيدهم إلى مكانهم الطبيعي الذي يليق بمقامهم الفكري ؟
من هذا المكان تتنشط الحركة الثقافية في مدينة اللاذقية وتشتد المنافسات لتقديم عروض مسرحية أرقى وأجمل؟؟
ومن هذا المكان نصل إلى قصر الأمم المتحدة ليتم ولأول مرة في العالم تقديم عرض مسرحي في أروقتها ويحصل على جوائز عديدة ومنها يرسل رسالة السلام من سورية إلى كل العالم ؟
ومن هذا المكان يتم ولأول مرة أيضآ إخراج الأساطير الأوغاريتية وهي ثلاثة :كاريت ،أقهت ،بعل.
ليتم عرضها في المتحف الوطني بالهواء الطلق ،مسرحآ صمم بما يتلاءم مع المكان،
إنه تجمع أبو خليل القباني للفنون المسرحية والموسيقية، كنت قد قصدته لإجراء حواري مع مؤسسه المبدع لؤي شانا ،اسم فرض نفسه في المسرح تمثيلآ وإخراجآ ، صنع الفارق في المشهد الفني و الثقافي في اللاذقية ،وجه وحيد حرك المياه الراكدة في المؤسسات الثقافية التي لانأخذ منها إلا الاسم فقط ،أما النتائج والانجاز فهو يكمن في عمل الفنان لؤي شانا.
أسس المسرح القومي في مدينة اللاذقية ،مسرحآ بدون خشبة عريضة ،وبناء ضخم ،ومكتب فخم تقصده الشخصيات النافذة في الدولة .
نعم إنه مسرح بدون خشبة !!
نحت في الصخر ،كانت رغبته العميقة وإيمانه الصادق ببعث الروح في الحركة الثقافية في مدينته هي الأقوى والأقدر على تحقيق ولو غرفة بسيطة صغيرة يطلق عليها المسرح القومي !!
وبدأت هذه الغرفة تكبر وتتسع لتصبح مبنى لابأس به ،رغم قناعة شانا أنه الفكر هو المكان الوحيد الذي ينطلق منه الإبداع ..
في حواري معه ..يسرد لي حكايته مع المسرح والتلفزيون ويعرض لي اللاذقية في هذا المشهد الدرامي والفني ..
غوص في الذاكرة
يقول : "بدأت مسيرتي الفنية في الثمانينات من خلال عروض مسرحية مختلفة، في تلك الفترة لم أكن قد تقدمت إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، كنت فقط من الهواة، حيث كنا ننشط في مسرح الشبيبة ،وكانت هناك مهرجانات باسم الشبيبة على مستوى القطر تدعى بالمهرجانات المسرحية المركزية ،تتضمن عروض مسرحية كثيرة.
شاركت شخصيآ بهذا المهرجان سنة 1986 بمسرحية (القضية والحل) كانت من إخراجي وتأليف سلمان قطايا .
كما شاركت بمسرحية مهمة جدآ بعنوان (بلاحدود) للمخرج العراقي عدنان علوان حيث كنت ممثلآ فيها.
في تلك الفترة تم الإعلان عن دورة إعداد ممثل في الشبيبة في اللاذقية ،قمت بالانتساب لها".
يتناول شانا فنجان القهوة ،مع الكثير من الرغبة في الحديث عن تلك المرحلة التي كانت الشرارة الأولى لانطلاقته إلى عالم المسرح والتمثيل..
يتابع بالقول : "أذكر في تلك المرحلة أنه أتى إلى اللاذقية مخرج تلفزيوني مهم يدعى(محمد عزيزية) ليتم تصوير أول مسلسل فيها،وذلك في استديو المركز الإذاعي والتلفزيوني في المدينة الرياضية، وكان اسمه(البركان)الذي يضم عدداً من الممثلين الذين أتوا من دمشق مثل (رشيد عساف،عبد الهادي الصباغ، نذير سرحان عبد الرحمن آل رشي) ،وكان المخرج يريد مجموعة من الشباب لأدوار ثانوية ،حيث شاركت فيه ولم أكن قد تجاوزت الصف العاشر في المدرسة .
إضافة إلى ذلك :الفيلم السينمائي ( آه يابحر) عن رواية (الدقل) للكاتب حنا مينا ،الذي أخرجه محمد شاهين وتم تصويره على شاطئ البحر ،وكانت أغلب مشاهده في حي العوينة في اللاذقية ،علماً بأن أدوار البطولة كانت تأتي من دمشق ،والأدوار الثانوية تترك للممثلين من اللاذقية!!
وبعد تخرجي من المعهد العالي شاركت في العديد من المسلسلات التي تم تصويرها بلدة مشقيتا في اللاذقية منها ( الفوارس) و(البواسل) للمخرج نجدة أنزور.
مسلسلات عديدة تم تصويرها في مدينة اللاذقية لم أشارك بها مثل : "الكواسر ،الجوارح"في بلدة مشقيتا أيضآ للمخرج نجدة أنزور.
اللاذقية..البيئة هي البطلة
وفي نظرة سريعة للأعمال التلفزيونية التي تم تصويرها في محافظة اللاذقية يذكر لنا شانا:
مسلسل (أنشودة المطر) للمخرج باسل الخطيب ،تم تصوير جزء منه على شاطئ الرمل الجنوبي.
ومسلسل (هولاكو)للمخرج باسل الخطيب حيث تم تصوير جزء منه أيضآ في بلدة مشقيتا..
ومسلسل (عطر البحر) للمخرج غسان جبري وتأليف وديع اسمندر على شاطئ جبلة "
ومسلسل (المصابيح الزرق) للمخرج فهد ميري ،تم تصويره على شاطئ البحر.
ومسلسل حضارة العرب للمخرج هيثم زرزوري،تم تصويره في استديو المركز الإذاعي والتلفزيوني في المدينة الرياضية
إضافة لمسلسل (أزهار في الوحل) للمخرج أسعد عيد ،تم تصوير بعض مشاهده على بحر قرية الشبطلية،ومشفى الأسد ،ومقر الأمن الجنائي في اللاذقية .
مسلسل (الجمل) إخراج خلدون المالح ،تم تصويره في صلنفة .
مسلسل ضيعة ضايعة بقرية السمرة في كسب ،للمخرج الليث حجو .
وبالنسبة للأفلام السينمائية التي تم تصويرها في اللاذقية أيضآ :أفلام (رسائل شفهية،ليالي ابن آوى، قمران وزيتونة )للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد حيث صورت جميعها في قرية البهلولية.
فيلم( الحدود) إخراج دريد لحام ،تم تصويره في اللاذقيه
المسرح ..عشق لا ينتهي
يتابع شانا :" بالنسبة للأعمال المسرحية ،كان أول عرض مسرحي ومن إخرجي بعد تخرجي من المعهد العالي هو مسرحية (موت موظف) حيث تم عرضه في اللاذقية لمدة 45 يوم،وشاركنا فيه بمهرجانات دولية ،حيث حصل على جوائز عالمية ،وخمسةجوائز ذهبية في مهرجان أصفهان المسرحي الدولي،بمشاركة فرق من آسيا وأوروبا ،وكانت سورية الدولة العربية الوحيدة المشاركة .
ومن الأعمال المسرحية أيضآ حفلة سمر من أجل أبو خليل القباني
و هي من الأعمال الهامة التي شاركنا بها في كثير من المهرجانات.
يتابع بالقول :"هناك مهرجانات مهمة جدآ كانت تقام في اللاذقية جديرة بالذكر "مهرجان ملامح أوغاريتية التي من ضمنه تم عرض المسرحيات الخاصة بالأساطير الأوغاريتية التي قمت بإخراجها وهي"كاريت ،أقهت،بعل"
حيث كان من أهم المهرجانات في سورية يتضمن (مسارح ،معارض،سينما ،محاضرات)
إضافة إلى مهرجان الكوميديا المسرحي،حيث كنا نستضيف عروضآ مسرحيةكوميدية ،من سورية وخارجها من الوطن العربي،وأوروبا ،
وهو برعاية وزارة الثقافة وخاص بتجمع أبو خليل القباني.
وكان يتضمن أيضآ: تكريم رواد المسرح الكوميدي في سورية والوطن العربي،حيث قمنا بتكريم قامات كوميديةفي سورية مثل(دربد لحام،رفيق الدين سبيعي ،ياسين بقوش ،حسام تحسين بك،نبيل خزام ،ناجي جبر ).
ومن لبنان تم تكريم( فيلمون وهبة ،شوشو)
ومن أهم أعمالي المسرحية أيضآ يقول شانا (الممثل) وهو عمل مسرحي مأخوذ عن قصة لأنطون تشيخوف ،تم عرضه في أكثر من دولة عربية وفي مهرجانات دولية ،حيث تلقيت دعوة من الأمم المتحدة في جنيف وقمنا بعرضه هناك .
وفي الحديث عن مساهمة اللاذقية في المشهد الدرامي يقول شانا:"اللاذقية بطبيعتها الخلابةاستديو متكامل، يكمل قيمة العمل الدرامي أو الفني..
والبطل فيها للمكان ،فاللاذقية تقدم مالا تستطيع أن تقدمه المدن الأخرى من بيئة وجمال ساحر للطبيعة ،ومن ملائمة المكان للحدث الدرامي.
يضيف شانا :إن المكان يكمل قيمة العمل، وللأسف هناك مخرجين يعتمدون على المكان الجميل لتغطية العيوب سواء في النص أو في الأداء" وكأنهم يصورون فيلم وثائقي -سياحي ، وللأسف أيضآ عندما يراد تصوير أعمال تلفزيونية أو حتى سينمائية في اللاذقية ،يتم توزيع أدوار البطولة للممثلين القادمين من دمشق وتترك الأدوار الثانوية للممثلين في اللاذقيه، حتى لوكان العمل يتطلب بالضرورة اللهجة المحلية اللاذقانية !!ففي إحدى المسلسلات ذات البيئة البحرية، بدلآ من أن يعتمدوا على ممثلين يجيدون اللهجة اللادقانية ،أتوا بممثلين من حلب ودمشق ،فحدثت المفارقة المضحكة!! حيث أن بعض الشخصيات مثل الرياسة أي الريس أو البحار ،كانوا يتكلمون بلهجة الممثلين ذاتهم ، وهي لهجة حلبية أو شامية وهذه كانت مفارقة مضحكة جدآ !!ا