سيريانديز - مكتب اللاذقية- رشا ريّا
دخلوا نزولاً من بين الجماهير على مدرج دار الأسد للثقافة في اللاذقية, مختبئين خلف أقنعتهم على أنغام إحدى الأغاني الوطنية مرددين معها "حامل عطر بلادي عتيابي وين ما بروح", وصلوا المسرح، و بإيماءة تحمل شيئاً من القوة من الكوتش "سامي نصير" (عضو لجنة الرقص الرياضي في محافظة اللاذقية، ومدير مدرسة نرقص لنحيا), خلعوا أقنعتهم , فظهرت الوجوه الواثقة بقدرتها على زرع الابتسامة أنّى حلّت، ومنذ الوهلة الأولى استطاعوا لفت أنظار الحضور
. ثمانون راقصا ٍ وراقصة, بأعمارٍ متفاوتة استطاعوا إشعال المسرح برقصاتٍ فرديةٍ، وأخرى جماعية، لم تترك أمام الجمهور من وسيلة تعبيرٍ سوى الوقوف لفنٍ طالما قاطعوه, فأتى إعجابهم به ولو متأخرا،ً دليلاً على أنه استطاع إثبات رقيّه وقدرته على فتح أبواب القلوب المغلقة, ً بمشاركةِ "كابي صهيوني" المميزة مع عددٍ من العازفين والمؤدين بفقرة مهداةٍ لحلب الشهباء. سيريانديز حاورت المدرب "سامي نصير" بالسؤال عن الرسالة التي أراد إيصالها من خلال هذه الرياضة الراقية فأجاب :
"في الأعوام السابقة لم يكن مجتمعنا الشرقي يتقبل فكرة الراقص الشاب، أو بالأحرى كان الرقص لدى الكثيرين رغبةً تقف أقاويل الناس والبيئة في طريق تحقيقها, فحاولت من خلال "سوريا لك السلام 1" تقديم صورةٍ عن الرقص تنافي الصورة السلبية السابقة التي كانت لدى الناس، والآن بعد تقديم عدة عروض أستطيع القول أني قد أحدثت انقلاباً، ولو بالمعنى المجازي على ثقافة مجتمع "القيل والقال", فالرابط الذي ينشئ بين الراقصين هو رابط روحي يتجاوز الحركات والتقنيات المستخدمة في الرقص".
. وقد عبر بشغفٍ واضح عن تبنيه لكل فرد من أفراد مدرسته, ليس فقط على صعيد تدريبه على الرقص بل أيضاً بتعامله معهم كأفراد لخلق جوٍ عائلي. "سوريا لكِ السلام" عنوان لا يخفي انتمائه, بل يصرُّ على تأكيد هويته الحضارية من خلال الموسيقى والخطوات ليشكل حالةً متميزة وأصيلة في آنٍ معاً, فبغض النظر عن الخلفية السورية القومية الاجتماعية للعنوان.
يعتقد نصير: أنَّه بالإمكان إهداء سوريا السلام برقصة. سامي نصير المعروف بسعيه نحو الكمال في كل عروضه أصر على اعتبار الأخطاء التي قد يرتكبها المشاركون الأطفال في العروض "مجرد هفوات ".
سيريانديز التقت الثنائي "نديم قدسي و رزان مرعي" الحاصل على الميدالية الذهبية بالتانغو الأرجنتيني على مستوى سوريا ، فكان الحديث عن الصعوبات و العوائق ،وقد لمسنا شغفاً لا يمكن حده بالرقص لدى سؤالنا عمّا إذا كانا يريان نفسيهما في المجال إياه بعد عدة سنوات حيث أجابت رزان : " سأبقى أرقص حتى أخر أيام حياتي " ، و أكدَّ نديم أن عزيمته لن تلين خصوصا بعد أن تجاوز فكرة قبول أو عدم قبول المجتمع لحبه للرقص . أمّا خالد وزان, الشاب الذي لديه تجربةٌ سابقة في الرقص، ولكنَّ "سوريا لك السلام3" هي أولى تجاربه مع "نرقص لنحيا", تحدث عن ما يميّز هذا العرض عن سواه: " التنظيم, الملابس, اختيار الموسيقى, العمل على كل هذه التفاصيل الصغيرة كان دقيقا،ً وعلى مستوى عالٍ من الحرفية إلا أنَّ الاختلاف الأبرز والأهم، يكمن في دعمنا لبعضنا حيث كنا في الكواليس نقفز فرحاً لنجاح رقصة كل واحد مِنّا, وقد غابت روح المنافسة عن المشهد تماماً".
العشق للرقص جعل الجمهور ينجذب لإحدى الشابات المشاركات للمرة الأولى ، " بتول علي " لا تكفيها أبجديات الكون لتعبر عن أحاسيسها على المسرح وهي ترقص "التشاتشا ولا تردد سوى كلمة واحدة : "الفرح " . رقص الجميع لأجل سوريا وبين الحضور كانت تصفق لهم فخورة بأبنائها أبناء الحياة و اليقين، وهي تنشد " كل من وما فيَّ جميل .