دمشق- سيريانديز
لا تزال مديونية المقترضين مشكلة حقيقية أمام المصارف السورية التي عانت الأمرين بسبب هذه المشكلة وخسرت مرتين اثنتين بسببها أيضاً.
الخسارة الأولى حسب صحيفة الثورة كانت بقاء كتل مالية متفاوتة الحجم (بحسب تمويلات كل مصرف) في ذمة المقترضين من تعثر منهم ومن عثّر نفسه على حد سواء، والخسارة الثانية هي إيقاف القروض ما حرم المصارف من قنوات تسليفية جديدة تحصل منها الفوائد لتعويض بعض ما فاتها من أرباح، على الرغم من أن الركود الاقتصادي والوضع العام فرض إيقاف القروض ذات المبالغ الكبيرة لانعدام الجدوى الاقتصادية منها، وبالتالي تلافي تعثر جديد ترزح المصارف تحت عبئه.
وإن كانت المصارف قد أصدرت رؤيتها وكيفية منح القروض التشغيلية (قروض رأس المال العامل) إلا أن أغلبها يرى أن من غير الممكن تفعيل هذه القروض تخوفاً من الظرف الاقتصادي والحد الأعظمي لسداد مبلغ القرض ما يفتح المجال مجدداً أمام تعثر جديد أو إحجام الراغبين بالاقتراض عنه نتيجة المحددات التي تحكم عملية الإقراض.
مصرف سورية المركزي وفي كتاب وجهه الى الحكومة اعتبر أن التعامل مع القروض المتعثرة وإدارتها يعد من أكثر المواضيع المصرفية تعقيداً وحساسية ما يستدعي وجوب دراسة تحليلية للحلول الممكن طرحها لتسهيل عملية معالجة تلك القروض، بالنظر إلى أن مشكلة القروض المتعثرة تعتبر من المشاكل الرئيسية التي تواجه القطاع المصرفي في سورية، وبناءً على ذلك فقد عمل مصرف سورية المركزي خلال الفترة الماضية على متابعة العملاء المتعثرين بشكل حثيث، بالتوازي مع السعي لتسوية مديونيتهم وتذليل الصعوبات - ما أمكن - في سبيل ذلك بما يضمن سلامة القطاع المصرفي واستمرارية الأنشطة الاقتصادية.
واستكمالاً للخطوات التي قام بها المركزي لمعالجة هذا الملف فقد تم العمل على إعداد مشروع صك تشريعي لتعديل أحكام مرسوم تسوية الديون لدى المصارف العامة (رقم 213) لمعالجة نقاط الضعف التي اكتنفت هذا المرسوم والتي حالت من دون تحقيق الاستفادة القصوى منه، إضافة إلى بعض النقاط الإيجابية التي تضمنتها مراسيم الجدولة السابقة التي صدرت خلال الأزمة والتي كان آخرها المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2014 المحدد بموجب القانون رقم 30 لعام 2014، وفي هذا السياق لفت المركزي إلى أن مشروع التعديل قد تضمن العديد من النقاط الإيجابية لإعطاء المزيد من المرونة للمصارف في التعامل مع ملف الديون المتعثرة، إضافة إلى وضع قواعد عامة للسداد يمكن الرجوع إليها من قبل المصارف، كما تضمن مشروع المرسوم إعفاء الأقساط المستحقة وغير المسددة من كافة فوائد التأخير والغرامات من دون الفوائد العقدية بهدف تشجيع المدينين المتعثرين حسني النية على الاستفادة من أحكام هذا النص التشريعي.
بعض المصارف العامة اعتبرت التعديلات ضرورية ومحفزة للمقترضين المتعثرين حسني النية في تسوية الذمم المترتبة عليهم تجاه المصارف العامة، مقترحين في السياق نفسه إدخال تعديلات إضافية محدودة على مشروع المرسوم الجديد لتحقيق الاستفادة الأمثل مثل مسألة المتدخل والذي يمكن تعديل تعريفه ليصبح أي شخص طبيعي أو اعتباري يتقدم بطلب تسوية عن المدين على أن تحمل التسوية توقيع المدين لتكون النتيجة أموالاً تدخل المصارف عن طريق التسوية مهما كان المتدخل، إضافة إلى مسألة الجدارة الائتمانية والتي يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار عند المنح لا عند التسوية وجدولة الديون لأن الجدارة الائتمانية عندها تكون ضعيفة ولكن ضعفها لا يتعارض مع قبول دفعات التسوية