بقلم- نسرين حسن
عندما قررت أن أعود للكتابة، كنت أدرك أن المهمة لن تكون سهلة، لم أعرف في الحقيقة ما الذي دفعني لأقول لصديقي أيمن قحف رئيس تحرير موقع سيريانديز: إنني أرغب في أن يكون لي زاوية دورية في موقعه الإخباري
تركت الصحافة في نهاية 2011 عندما أيقنت أنه ما من جدوى.. وأن الأيام المقبلة صعبة وقذرة وستدمر كل شيء ولا تنفع معها أقلام ولا صحف.
من هذا المنطلق قررت يومها التفرغ للعمل المجتمعي الميداني مع الناس لأنه أكثر جدوى برأيي.
كنت أقول: هذه الحرب لن تجدي معها خرابيشنا التي نسطرها على ورق عن وطن جميل نطمح في تلوينه ليرتقي إلى مستوى أحلامنا.
فضلت أن أعمل بصمت بدل أن أطلق صوتا في الهواء لن يسمعه أحد، أن أحاول بيدي إصلاح ما يمكن إصلاحه بدل أن أطالب بذلك.
كان الطريق شاقا جدا بين عامي 2011 و 2015، و كان مؤلما .. وفي كل خطوة منه كانت تنهار صورة وطن جميل عشقناه ولم نسكنه فقط بل سكن منا الروح بشكل لا يوصف حتى وهو يتمزق ويمزقنا.
وكان علينا أن نبقى صامدين ومواظبين على العمل لأجل من وثقوا بنا ولأجل من لا حيلة لهم إن نحن تخلينا عنهم واستسلمنا.
آلاف من الأمهات والأطفال التقيتهم داخل وخارج سوريا، وعايشت معاناتهم عن قرب، تتجاذبهم القوى السياسية وتحاول تسخيرهم لصالح مصالحها.
موت .. جوع ..تشرد .. تطرف .. تجنيد .. استغلال .. وأكثر وأكثر ..
في الحقيقة لم يكن أحد بريئا من معاناتهم ولم ترحمني جهة وأنا أحاول حماية قضيتهم من أن تطالها الحرب وتسخرها كملف يستخدم للضغط السياسي.
تعرضت للكثير من الإساءات على مختلف الأصعدة والتزمت الصمت واحتفظت بحق الرد
لست نادمة على ما مر ولن أكون نادمة أبدا على سنوات قدمتها و سأقدمها في خدمة قضية آمنت بها.
ولن أكون نادمة اليوم لأني قررت أن أخرج عن صمتي وأن يكون لصوتي منبر، يحمل هموم أطفال وأمهات هذا الوطن.
هكذا أعود اليوم وفي جعبتي الكثير من الحكايا لتروى عن أطفال وأمهات ذنبهم الوحيد أنهم سوريون وسوريات جاؤوا في زمن الحرب.
هكذا فقط أتأكد أني لم أوفر وسيلة لخدمة قضيتهم التي نسيها الجميع وضاعت بين الرصاص تارة وأوراق السياسة تارة أخرى.
اعتبارا من هذا الأحد ستكون خرابيش مالحة هي زاويتي الأسبوعية التي تتجدد صباح كل أحد لتوثق وتحكي عن معاناة الأطفال والأمهات في سوريا، عسى أن أوفق في إيصال صوتهم بأمانة وكما يستحقون.