بقلم الرفيق يوسف أحمد
عضو القيادة القطرية للحزب
يصعب على أية مشاعر مهما كان صدقها أن تجد ألفاظاً تعبر عنها إزاء الزيارة التاريخية التي قام بها القائد بشار الأسد لأبنائه من القوات المسلحة والدفاع الوطني مساء اليوم الأخير من عام 2014.
هذا اليوم الذي أصبح أثيراً على نفوسنا، عزيزاً على قلوبنا، أسبغ فيه القائد على رجاله ومقاتليه شرفاً عظيماً بزيارتهم في عرينهم في جوبر واللقاء بهم في هذا الحمى، مضيفاً إلى نضالنا مواقف بطولية يصبح تراكمها أرصدة توفر للوطن وللشعب طمأنينة يحتاجها في يومه وغده.
اللقاء كان إسهاماً نضالياً في صد الغارات العدوانية الشرسة التي تتدافع موجاتها بلا انقطاع على سورية الحبيبة.. وضعنا من حيث لا نحتسب على أبواب عصر جديد وبدايات فجر مجيد .
لقد ترجم القائد الأسد بمفردات الفعل والتصرف ، بمفردات الشجاعة والإقدام والتواضع أنه نوع فريد من القادة…له تتوق لغة الضاد ، وتبتسم بحور الشعر وتنعقد ألوية النصر وتتفتح أكاليل الغار وترتفع رايات الفخار، وتلمع سيوف حطين وتصهل خيول اليرموك وتبحر سفن طارق بن زياد ، وتسطع نجوم تشرين.
لقدنسي بعض العرب مكانة سورية وموقعها وتأثيرها وقوتها وظن أنه بات يملك وجوداً حقيقياً ومؤثراً في المنطقة، وأنه يستطيع بأمواله ونفطه وبدعم أمريكي وغربي أن يخلق لنفسه نفوذاً ودوراً وهميين في المنطقة والعالم، وأن يتفرد بصناعة قرارات تلبس الهوية العربية زوراً وبهتاناً، وأن يتدخل في شؤون سورية بهذا الشكل السافر ليرسم لها مستقبلاً وفق ما هو مخطط في عواصم غربية دأب على الحج إليها لاعتماد دور ووجود له في المنطقة.
ولكن أكثر ما يثير السخرية والحزن معاً أن منظومة الأخلاق قد سقطت في مستنقع السياسة إلى درجة بات معها بعض العرب يتحدث عن إرساء دعائم الديمقراطية وإجراء الانتخابات وتغيير الحكم وإقامة حكومات الوحدة الوطنية ووضع دساتير جديدة في البلاد العربية الأخرى، في الوقت الذي يرفض فيه أي انتقاد لنظام الحكم الشمولي والعائلي القائم في بلاده ويقاوم التغيير، متذرعاً بأن مشيئة الله اختارته لحكم الشعب وأن أي خروج على طاعته هو خروج على الشريعة والدين.
إن على من يستمرىء رؤية القواعد والقوات الأمريكية على أرضه، ويغمض العين على احتلال العدو الإسرائيلي الغاشم للأراضي العربية والمقدسات الإسلامية والمسيحية أن يعلم أن هناك شعوباً علىوجه الأرض – وأولها الشعب السوري- تعيش بكرامتها وتعيش باستقلالها وترفض كل تدخل خارجي في شأنها ولا ترضى تحت أي مسمى أن تطأ أرجل قوات غريبة ترابها الحر والمقدس..
من هنا كانت صلابة الدولة السورية ، من هنا كانت صلابة قائدها وصانع انتصاراتها رمز الأمل العربي بشار الأسد…
أما أنت ياسيدي الرئيس..
لا أعرف ماذا أقول لك، ولا كيف أقوله ، لأن الكلمات تصبح نادرة وعاجزة عندما تود أن تعبر عن شجاعتك وبطولتك.
إن زيارتكم وسام يزين صدور المقاتلين، ولفتة سامية تعمق في نفوسهم روح التضحية والفداء روح البذل والعطاء، ولسوف يجسدون هذه الروح عملاً مضاعفاً، وجهداً أوفر، واستعداداً وتأهباً لتظل ثقة القائد في مقاتليه ثقة في مكانها الصحيح، وليؤكدوا جدراتهم بهذه الثقة.
منكم ياسيادة الرئيس يستمد أبناء سورية، عسكريين ومدنيين، الثقة بكل معانيها لأنكم عنوان الثقة.
أنتم ياسيادة الرئيس تثيرون فينا العزم وتستنهضون الرجولة والعزة.
ولسوف تبقى هذه الزيارة أبداً مصدر إلهام لكل فرد منا تزيد عزائمنا قوة، وإيماننا بواجبنا رسوخاً وإقبالاً على أدائه اندفاعاً وحماسة.
واليوم ونحن نعيش مرحلة من أخطر المراحل التي عرفها صراع سورية مع أعدائها من الخارج والداخل تصبح مهمتنا مراجعة مسيرة السنوات الأربع الماضيات مراجعة أمينة ودقيقة، والتعرف إلى مواطن الخلل فيها والاهتداء إلى أسباب القوة والنجاح، والتي توفرها زيارتكم بغزارة.
وسورية الحبيبة منذ اليوم الأول للأزمة وحتى الآن أثبتت قدرتها على امتصاص الصدمات والتغلب على التحديات، وأثبت رجالها أنهم أشداء وجنودها مغاوير، جميعهم نذروا نفوسهم وحياتهم لسورية ولكم ياسيادة الرئيس، عاهدوا الله وعاهدوكم يا رمز الإباء والشمم يا رمز البطولة والفداء أن يسلكوا الدرب الذي رسمته بقيادتك الحكيمة لشعبنا ووطننا ، وأن يكونوا أوفياء لمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي.
وإذا كان هناك من سورية شباب كثر يضحون اليوم بأرواحهم في سبيل مجد سورية وعزتها وتحقيق أهدافها، فأقل ما يطلبونه منا هو أن نضحي ببعض راحتنا ووجاهتنا وعاداتنا الفكرية والنفسية في تنظيم الجهد وتنمية الطاقات النضالية والتنظيمية والعلمية والأخلاقية، وأن نشارك حقاً في صنع العقل السوري الجديد وفي تعويده صفات الشجاعة والتفتح وحرية الفكر ومواجهة مسؤوليات التحدي.