سيريانديز - نور ملحم
أزمة السير الخانقة والازدحام ليست جديدة على سكان العاصمة دمشق وخصوصاً عند الصباح الباكر وعند انصراف الموظفين من عملهم والطلاب من مدارسهم وجامعاتهم، لكننا لاحظنا أنه لا انفراج قريب لمعاناة المواطن، ولا حلول جذرية للمشكلة تلوح في الأفق، وهناك أراء مختلفة لسبب أزمة النقل، وأهم توقف نحو 65% من السرافيس في بعض الأوقات عن عملها ضمن خطوط المدينة الداخلية وريفها حسب مصادر محافظة دمشق، وانخفاض الدخل الشهري لسائق السرفيس، لعدة أسباب أهمها عدم توفر مادة المازوت بشكل منتظم، وصرف ساعات طويلة من أوقات العمل على أبواب الكازيات، حيث المحسوبيات و تقاضي أسعار لا علاقة لها بالسعر الحقيقي للمادة, وكذلك الأزمة المرورية الخانقة التي تعم شوارع العاصمة، وكذلك الطرق الخارجية التي توصل المدينة بالريف.
لذلك نجد أن الأمر أثر على معظم شرائح المجتمع، المالك والسائق والراكب، لأن الباصات والسرافيس لا تزال وسيلة النقل الأول والمفضلة للموظف والطالب واصحاب المهن الحرة وذوي الدخل المحدود، الذين لا قدرة لهم على ركوب التكسي الذي تضاعفت أجورها عدة أضعاف, ودون حسيب أو رقيب، وكذلك عدم التشديد على سائقي التكسي لتشغيل العداد، ونضرب مثلا لذلك أن أجرة التكسي من المزة إلى كراجات العباسيين كانت قبل ثلاثة أعوام مع الاكرامية وبوجود العداد تبلغ فقط مائة ليرة سورية، أما اليوم فهي تتراوح مابين 600 إلى 750 ليرة وذلك يعتمد على جشع السائق أو قناعته.
يقول السيد أبو منذر مالك سرفيس على خط مزة جبل- كراجات العباسيين لموقع سيريانديز: أصبح مردودنا المادي قليل جداً بسبب ارتفاع اسعار الوقود، لذلك بحثنا عن بدائل مضمونة مثل التعاقد مع العمال التابعين للجهات العامة أو مع المدارس الخاصة ورياض الأطفال لنقلهم، وهذا العمل مربح ومجدي أكثر من العمل ضمن خطوط المدينة .
ونحصل على راتب متفق عليه و مقطوع كل أول شهر قدره 50 ألف ل.س بعد أن كان سابقاً 20 ألف ل.س، قبل الأزمة ليرتفع تدريجياً إلى 30 و40 ليصبح 50 ألف ل.س شهرياً، ثم يصرف منه ما بين وقود وصيانة وبعض الأمور الأخرى المتعلقة بالرسوم وغيرها من 20 إلى 25 ألف ليبقى لنا ما نعيل به عائلتنا.
من جهة ثانية وجد بعض سائقي السرافيس طريقة جيدة للعمل ربما تستطيع إبقاءهم على رأس عملهم مع الحصول على دخل جيد، وهي اختصار خط السرفيس وعدم الوصول إلى نهايته، وكمثال على ذلك خط سرافيس مزة جبل- كراجات ، حيث أن السائق حدد نهاية خطه بمنطقة البرامكة فقط مع رفع التسعيرة لكي يهرب من الأزمة المرورية الممتدة من وكالة سانا إلى نهاية الخط قرب كراجات العباسيين مرورا بجسر الثورة، لأنه إذا أخذ من الراكب 25 ل.س، والسرفيس مليء بالركاب لا يمكن أن تنفعه كما قال أبو منذر، لأن الوقوف المتكرر والسير لأكثر من ساعة أو ساعتين للوصول لنهاية الخط مع ذات الركاب خسارة بوجود بمعادلة 12 راكباً بمبلغ 25 ل.س يساوي 300 ل.س وخط السرفيس ذهاباً يكلف مازوتاً ما يعادل 300 ل.س ناهيك عن صرف ثلاث ساعات على أقل تقدير بكل رحلة، حينها يصل السائق إلى نهاية الشهر بخسارة كبيرة ودون تحقيق الربح المطلوب، لاسيما بوجود أكثر من سائق على السيارة الواحدة يتقاسمون الأرباح مع المالك، أضف إلى ذلك أن ساعات العمل أصبحت أقل لأن حركة السير وكذلك الركاب تتوقف بعد غروب الشمس بقليل.
كافة الأطراف تبحث عن حل، ومطالبها محقة، ويشترك الجميع بالشكوى والتذمر، المالك والسائق والراكب، فأين الحل ومن ينصف الجميع؟
هناك أمر واقع لا مفر منه ولا يمكن نكرانه، وفرض على كافة الأطراف فأين الحل؟
الحل ينتظر اهتمام المسؤولين والتوجه لوضع قواعد وأسس وتسعيرات جديدة لتعرفة الركوب بالسرفيس والباصات والعمل على توفير المزيد من الباصات الكبيرة على جميع الخطوط وتوفير الوقود اللازم لها بالأسعار النظامية المحددة، وقمع كافة المخالفات.
نصف راتبي للمواصلات
قرب نهاية خط مزة جبل «دوار جامع الهدى» التقينا بأبو نضال حيث كان ينتظر سرفيس وسألناه عن رأيه بالمشكلة فقال: أدرك أن البلاد تمر بأزمة وعلى الجميع المشاركة في دفع الضريبة، لكن مشكلتي ليست مع السرفيس، مشكلتي مع البولمانات التي تعمل بين المحافظات، فأنا من محافظة طرطوس وأنوي مع عائلتي تمضية فترة الأعياد مع الأهل في طرطوس ولدي ثلاثة اولاد وتبلغ تعرفة البولمان من دمشق إلى طرطوس 1200 ل. س بذلك يكون علي دفع مبلغاً قدره 6000ألاف ليرة لخمسة أشخاص للذهاب وللعودة 6000 ألاف ليرة ليصبح المجموع 12000 ألف ليرة سورية أجور نقل فقط للبولمان، فهل من المنصف ومن العدالة أن أدفع نصف راتبي أجور سفرة واحدة لتمضية بضعة أيام مع الأهل والعودة لعملي.
وسؤالي هل يعلم المسؤول الذي يجلس على الكرسي بهذا الأمر، وهل عجز عن الحل، وهل يفكر بنا المسؤول عند اطلاق قراراته, وهل تتم دراسة آثار هذه القرارات على المواطن وعلى أرض الواقع!!؟؟