أيمن قحف
يبدو المهندس عهد ادريس من جيل الشباب المنتمي لعصر جديد من الإدارة ذات العقلية المنفتحة والمتمكنة من تطورات العصر التقنية والإدارية..
وعلى الرغم من جسامة التحديات التي تواجه المدير العام الجديد لشركة اسمنت طرطوس والتي تعاني من "جبل"من الصعوبات الفنية والانتاجية والبيئية والإدارية إلا أن ملامح التفاؤل لا تغادر وجهه ولا تبارح كلماته..
من يتابع الأسابيع الأولى للعمل لا بد أنه سيلحظ ملامح الصورة القادمة للشركة،ولعل أكثر ما يستحق الاحترام في حديث المهندس ادريس أنه ينظر إلى السماء لكن قدميه على الأرض....فهو واقعي جداً ولا يعول على حصول معجزات!!!
كيف تبدو صورة شركة اسمنت طرطوس اليوم،وكيف نتوقعها في الغد،هذا محور أول حوار صحفي للمهندس عهد ادريس بعد توليه منصبه قادماً من إدارة معمل الورق في الشركة..
ما هو موقع ملف التلوث البيئي في سلم أولويات شركة أسمنت طرطوس لطالما أن الملف ما زال حاضراً في مختلف النقاشات الاقتصادية والإعلامية..؟
في الحقيقة أن هذا الملف ما زال ضمن أولويات الشركة في ظل إداراتها الجديدة، وهو يشغل حيزاً من اهتمامي الشخصي كمدير عام للشركة، إلا أن الإنتاج يشغل الأولوية الأولى وهو يسبق الوضع البيئي لجهة الأهمية والأولوية، والمعروف إن تحسين الوضع الفني للشركة لا ينعكس فقط على الإنتاج وزيادته، بل سينعكس أيضاً على الواقع البيئي.
ونحن اليوم كإدارة جديدة نطمح إلى تحقيق نتائج، وهذه النتائج بحاجة إلى فترة زمنية معينة، فالأمر ليس كما ينظر إليه البعض كعصا سحرية قادرة على تحقيق تطورات خلال فترة يومين أو شهرين على سبيل المثال، فالتركيز حالياً ينصب على الواقع الفني للشركة مع عدم غياب الملف البيئي من حسابات الشركة، والسبب أن مسألة الأفران تشغل من الأهمية الجزء الأكبر على اعتبار أن عمر الشركة يتجاوز 35 عاماً، لذلك ليس مكن المعقول أن تبقى الشركة على سويتها في الإنتاج منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، وباعتبار أن الأفران هي القلب النابض للشركة يجب علينا العمل وفق خطة مبرمجة لتحسين الوضع الفني للأفران الأربعة، وهذه الخطة تقوم على صيانة كاملة لها من خلال إجراء عمرة شاملة للفرن الرابع باعتباره الفرن الأكثر تضررا ًووضعه الفني والإنتاجي سيء جداً وهذا واضح من خلال تتبع إنتاج الفرن خلال السنتين الأخيرتين، وهذه العمرة تتطلب قص لحلقات الفرن المتضررة بطول تقريبي من34 إلى 36 متر وإجراء عملية معايرة وتبديل قرميد الفرن، وبنفس الوقت إجراء عمرة شاملة لمنشآت ما قبل الفرن وما بعده وخاصة مطحنة المواد الرابعة، ومبرد الفرن الرابع، وكافة التجهيزات الميكانيكية والكهربائية والإلكترونية وبمدة توقف تصل إلى خمسين يوماً، بالإضافة إلى أن التوقف عن الإنتاج لن يتم إلا بعد أن تكون جميع إجراءات الصيانة جاهزة بدءً من الشركة التي ستجري الصيانة.
أعمال إستراتيجية
وبالطبع إجراء هذه العمرات يتطلب التوقف لمدة طويلة، وسوف يؤثر ذلك على نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية خلال هذا العام . لكن تحسين الإنتاج الساعي للأفران والتقليل من التوقفات الطارئة عن طريق المتابعة المستمرة يؤدي إلى زيادة الإنتاج في هذا العام وفي الأعوام القادمة، وبالتالي يمكن النظر إلى هذه الأعمال على أنها أعمال إستراتيجية، ومن جهة أخرى إن بقاء الشركة على نهج الإدارات السابقة لن يساعد في تحسين الإنتاج، فالتطور دخل جميع المجالات، والشركة في حال بقيت على حالها لن نكون قادرين على تحقيق الإنتاج الذي نطمح إليه، ومن غير المعقول أن ينتج الفرن 50 أو 60 أو 70 طناً، غذ من المفترض أن ينتج كل فرن 100 طن بعد إجراء عمليات الصيانة، وهذا يتطلب تغيير الفكر المعتمد من قبل الإدارات السابقة، وبالتالي إن النظر إلى عملية الصيانة على أنها إستراتيجية في حال تمت صيانة الفرنين الأول والرابع فإن ذلك سينعكس على السنوات القادمة، من حيث الإنتاج والبيئة وعلى مجالات أخرى.
عمرات للأفران
كما تتضمن عملية الصيانة أيضاً إجراء عمرة شاملة على الفرن الأول من خلال قص لبعض حلقات الفرن المتضررة وإجراء معايرة وغيرها بنفس الخطوات المذكورة والمدة الزمنية المخصصة لإنجاز هذه الأعمال بحدود /25/ يوم، على أن يتم إنجاز هذه الأعمال بعد الانتهاء من عمرة الفرن الرابع ووضعه بالخدمة، واستبدال الدولاب الوسطي للفرن/ المضجع / أثناء إجراء العمرة بسبب وجود كسر به، كذلك إجراء معايرة وتجليخ على الفرن الثاني وكذلك استبدال دولاب مدخل الفرن/ المضجع / لوجود كسر به واستبدال القارنات الهيدروليكية لمروحة الغاز الساخن، فضلاً عن إجراء عمرة على مبرد الفرن الثالث كونه المبرد الوحيد الذي لم يتم تبديله منذ إنشاء الشركة)وهو من صنع شركة سكيت بينما المبردات الثلاثة الباقية من صنع شركة كلاوديو سبيتر الألمانية، على أن تتضمن العمرة تبديلا لجسور والبلايط للمبرد وغيرها وكذلك وجود تشوه في أسطوانة الفرن والذي يحتاج إلى قص واستبدال ومعايرة وهذا لاحقاً سيتم معالجته السنة القادمة كون الوضع مقبول حالياً .
مطحنة رابعة بالخدمة
وبإجراء هذه الأعمال نحصل على أربعة أفران بحالة فنية جيدة يؤدي ذلك حتماً إلى زيادة الإنتاج وتحسين الوضع المادي للعاملين يتجلى في حصولهم على حوافز إنتاجية، وهذه الأعمال تتطلب بذل جهود من كافة العاملين في الشركة وخاصة العاملين على خطوط الإنتاج المباشر، ويتم حاليا إعداد دفتر شروط فنية وحقوقية ومالية للإعلان الداخلي لإجراء عملية قص ومعايرة للفرنين الرابع والأول، أما بالنسبة لمطاحن الإسمنت، فالمشكلة الأساسية حالياً هي على المطحنة الرابعة بسبب الخلاف القائم بين الشركة وشركة (أوزكون التركية) الموردة لعلب السرعة على المطحنتين الرابعة والثالثة، وسوف نعمل جاهدين لحل هذا الخلاف من أجل وضع مطحنة الإسمنت الرابعة بالخدمة أما عن طريق حل هذا الخلاف بالطرق الودية مع الشركة التركية أو عن طريق حل هذا الخلاف بالطرق القانونية والتنفيذ على حساب تلك الشركة (كون هذه المطحنة متوقفة منذ حوالي سنة أو أكثر، بالإضافة إلى إجراء صيانة دورية لباقي المطاحن من أجل المحافظة على استمراريتها بالعمل من أجل طحن كامل الكلنكر المنتج.
كيف تقيم الواقع البيئي حالياً هل هو سيء أو مقبول وما هو الدور الذي لعبته الإدارات المتعاقبة في الملف البيئي..؟
في الواقع يعتبر سيئاً مقارنة بالطموح لتطوير عمل الشركة، لذلك سنعمل كإدارة جديدة ببذل كافة الجهود الرامية واستخدام جميع الوسائل المتاحة إلى إلغاء الأثر البيئي السيئ الناجم عن عمل الشركة، وفي حال لم يتم إلغاؤه سنعمل على التخفيف منه قدر المستطاع.
أما بالنسبة للدور الذي لعبته الإدارات المتعاقبة في هذا الملف، في الحقيقة لم تقدم الحلول الناجعة، وجميع الحلول التي طرحت لم تكن ذات فعالية وجدوى من طرحها، ومن المعروف إن مجموعة فرعون تسلمت ملف تطوير الشركة باستثناء معمل الورق، وبرأيي الشخصي كنت أحد المعارضين لدخول القطاع الخاص على هذا الخط، فنحن نمتلك الخبرات الجيدة القادرة على القيام بعملية التطوير، إلا أنني عندما قارنت بين الحالة التي كانت مسبقاً والحالة ما بعد تسلم مجموعة فرعون ملف التطوير، تشكلت لدي قناعة بأهمية التشاركية بين القطاع العام والخاص، إلا أن العقد توقف بسبب ظروف الأزمة التي تمر بها البلاد، وكانت النتائج التي حققها إيجابية ولصالح الدولة بشكل كامل على الرغم من الاتهامات التي كانت ترمى بأنه مجحف، ولكن المعدات التي جلبتها المجموعة ما قل الأزمة كلفت 30 مليون دولار أي ما يعادل مليار ونصف المليار ليرة، أما اليوم فيتجاوز ثمنها 5 مليارات ليرة، وأثناء وجود المجموعة ارتفعت الخطة إلى مستوى وصل إلى 102%، في حين أن الإدارة السابقة وصل الإنتاج في عهدها إلى أدنى المستويات حيث سجل 60%، وهذا شكل أثراً سلبياً نتيجة لتوقف الشركات الأخرى عن الإنتاج، فلم يتبق سوى شركة طرطوس والسورية.
مساع لإعادة فرعون
ومن جهة أخرى العقد الذي وقع مع مجموعة فرعون يلحظ الأثر البيئي أيضاً إلى جانب التطوير وزيادة الإنتاج، ولكنه توقف منذ بداية الشهر الرابع من عام 2011، وأهم الجوانب الإيجابية التي يمكن الحديث عنها في العقد مع فرعون وما نفذ هو ساحة التجانس التي كلفت ما يقارب 800 مليون ليرة ونفذت 90% منها، وما زالت لدينا معدات مخزنة حتى تاريخه، أما بالنسبية للفلاتر القماشية، فقد نفذ منها 30%، بالإضافة إلى أعمال أخرى تطويرية ساهمت بتحسن الوضع البيئي، ولو أن المجموعة استطاعت المتابعة لكان الوضع البيئي والإنتاجي أفضل بكثير مما هو عليه الآن، وهناك مساعي قمت بها لكي تعود فرعون للعمل وإكمال ما تم إنجازه وق أبدى مدير فرعون اهتماماً بالفكرة، مع العلم إن الشركة أنجزت ما نسبته 79% من خطتها في الربع الأول من العام الجاري.
إجراءات مبدئية في الملف البيئي
ومن الناحية البيئية وحرصاً على العاملين في الشركة أولاً ومن ثم على الجوار، فقد تم تفعيل عمل قسم البيئة ورفده بعناصر جديدة وفاعلة، كذلك المتابعة المستمرة لعمل الفلاتر الكهربائية والقماشية، ومكافحة هدر المواد في كافة أقسام الشركة، من خلال العمل المستمر للمحافظة على كتامات الخط الإنتاجي ومنع تسرب المواد، وكذلك كافة أشكال الهدر الأخرى من مياه وكهرباء وفيول وزيوت.
هل سيؤثر توقف الإنفاق الاستثماري خلال الظروف الراهنة على إكمال عملية التطوير..؟؟
في الحقيقة إن لدى الشركة كتلة مالية لدى المصرف الصناعي، وإن عمليات الصيانة والتطوير للشركة يقع على عاتقها، وهي مناقصة كغيرها من المناقصات الأخرى التي تعلن عنها الجهات العامة في الدولة، وفي نفس الوقت لا يمكن اعتبار أن أعمال الصيانة هي من ضمن الأعمال الاستثمارية بقدر ما هي أعمال ضرورية وملحة.
وفيما يتعلق بأمور العاملين في الشركة..؟؟
صراحة لقد تم التركيز على مسألة التأهيل والتدريب للعاملين، وبالتالي منح العامل جميع حقوقه ومكتسباته، فمنذ بداية تكليفي بمهام وأعمال مدير عام الشركة ومن خلال لقاءات مع معظم المهندسين وقسم كبير من العمال في الشركة تم تبادل الحوارات والمناقشة حول الواقع الحالي للشركة والصعوبات، وقد تحدثت عن رؤيتي المستقبلية لما يجب القيام به للنهوض بهذه الشركة وتحسين واقعها الحالي المتعثر، بتغيير ثقافة العمل ونمطية التفكير وكانت أولى الأولويات في هذه اللقاءات هي: /العامل الإنسان/ قبل الإنتاج لأنه هو الأساس في العملية الإنتاجية لأن بناء العامل ودعم مكتسباته وزيادتها وإيلاء الاهتمام بتدريبه وتأهيله هو الأساس وينعكس إيجابياً على الإنتاج والعمل،لأن زيادة الإنتاج تصبح نتيجة وحاصل تحصيل في حال كان العامل مستقراً، كما أن حذف المثبطات لدى العامل وتحفيزه سيكون سعي منهجي بالنسبة لنا لإشباع حاجات العمال وخفض التوتر لديهم ومكافأتهم أو معاقبتهم عند الضرورة للوصول لنتائج مرجوة وشطب سلوكيات أو أداء غير مرغوب فيه.