إسراء حسين مفلح
الثقافة والعلم هما مفهومان متلازمان في الغالب , لكن هل وجود أحدهما يحقق وجود الآخر في الضرورة ؟ لا شك أن الثقافة هي مسؤولية ذاتية ليرتقي كل منا بنفسه من أجل نهوض فكري بأمتنا , لكن عندما يصبح التدني الثقافي هو مشكلة اجتماعية , فلا تقف المسؤولية حتماً عند الفرد فقط , بل يجب على الجهات المسؤولة أن تنظر بمسؤولية تجاه هذا الموضوع كما أن طريقة الوصول إلى العلم علمية تجريبية أما الثقافة فطريقة الوصول إليها عقلية إخبارية استنباطية . ولعل الخطوة الأولى قبل كل شيء في حال وجود المشكلة هو الاعتراف بوجودها والسؤال :هل الطالب السوري يدرك مستوى التدني في ثقافته , وما هي المقترحات برأيه لحل هذه المشكلة ؟هذا ما حاولنا الإجابة عنه من خلال استطلاع لآراء عدد من طلاب الجامعة السوريين فماذا كانت النتائج ؟
الاعتراف بوجود المشكلة
إن الشريحة الأكبر التي تعكس صورة المتعلمين في سوريا هي الشريحة الطلابية وسنتناول الجامعيين منهم وذلك لأن المسؤولية الكبرى تقع عليهم كمتعلمين لاشك بأن المستوى العلمي للطالب السوري وحسب تقييمات محلية هو أمر لا جدال عليه , لكن علينا أن نقف ربما طويلاً أمام مستواه الثقافي ..أثناء النقاش مع أحد الطلاب في كلية الاقتصاد مع العلم أنه ممن ينجحون موادهم بمعدل جيد دراسته .لكن للأسف تبين أن إدراكه الثقافي لم يتجاوز مفاهيم اقتصادية بسيطة مع العلم بأنه من طلاب السنة الأخيرة .وقد كانت هذه نتيجة مشابهة لنتائج عديدة بعد حوارات عدة مع الطلاب في كليات متنوعة وسنوات مختلفة .ولدى سؤال الطالبة منى .س عن اهتماماتها الثقافية والبرامج الثقافية التي تتابعها أوضحت أنها خارج اهتماماتها فهي تفضل برامج مسابقات الأغاني والطرب وبرامج عروض الأزياء والمسلسلات التركية فقط . بدوره نوه شادي .ن سنة ثالثة اقتصاد أنه يمضي وقتاً طويلاً على النت أمام صفحته الشخصية على الفيس بوك والتويتر فهي متعته الوحيدة وليس لديه وقت لحضور ندوات ثقافية أو عروض مسرح ،ولدى سؤالنا له عن أخر رواية قرأها أو اشتراها أجاب: أذكر مرة أنني استعرت رواية من مكتبة الجامعة وقرأتها بتمعن على ما اذكر كانت جميلة ..ونصحت زميلي بقراءتها . غير أنني لست من رواد المراكز الثقافية وحضور الحوارات الثقافية .
ما سبب إهمال الثقافة
هذا هو السؤال الذي طرحناه على أحد الطلاب فأجاب : نحن نتعلم من أجل الشهادة , ونسعى للشهادة من أجل الوظيفة , والوظيفة هي تأمين للمستقبل , حتى المواد التي ندرسها ننسى معظم ما تحتويه بعد انتهاء الامتحانات , أما بالنسبة للثقافة فهي اكتساب من المحيط لا غير, فبالنسبة لي لا أجد حافزاً يجعلني أخصص وقتا من يومي المقسم بين دوام في الجامعة , ساعات عمل , وأخرى في زحمة المرور , من أجل التفرغ لتعزيز مستوى ثقافي ربما لن يجد من يهتم له مع الزمن .
جميع الحوارات التي دارت مع الطلبة الجامعين تظهر بشكل واضح بأن المجال السياسي هو المجال الذي يبرع في الحديث عنه الطلاب و كأن كل منهم محلل سياسي , بالإضافة للمجال الفني , فالطلبة الجامعيين وخصوصاً الفتيات لا يمكن أن تميزهم ربما عن اختصاصين في الدراما و الموسيقى حتى في الأزياء وذلك إن دخلت معهم بحديث في مجال فني .ونتساءل : هل السياسة والفن هما مجالان كافيان لنرتقي بثقافة مجتمعنا السوري ؟ وحسب الاستطلاع الذي أجريناه على موقع للتواصل الاجتماعي فإن نسبة 3 8 % من الطلاب يوقنون بوجود تدنٍ ثقافي بين طلاب الجامعة وباقي الطلاب لم يعطوا درجة عالية لثقافتهم . وقد كانت الاقتراحات من أجل حل هذه المشكلة برأي الطلاب هي :تخصيص ربع ساعة قبل كل محاضرة بإعطاء معلومات تعزز ثقافة الطالب بعيداً عن المنهاج المقرر وأن يكون امتحان الثقافة العامة هو امتحان معياري للقبول بأي وظيفة سواء حكومية أم خاصة كذلك ضرورة أن تقام ندوات في كل جامعة تعزز ثقافة الطلاب وغيرها الكثير .وكل ذلك تحت شعار معاً من أجل غدٍ ثقافي أفضل .