كتب :أيمن قحف
كنت أتمنى أن تكون ورشة العمل التي حضرت جانباً منها في اللاذقية منذ أيام تهدف فعلاً إلى وضع رؤية وتوجهات التخطيط الاقليمي في قطاع النقل والاسكان والصناعة!!!
سأكون صريحاً ومباشراً قدر الإمكان-بعكس القائمين على ورشة العمل-،فقد تم التحضير بعناية وأناقة وتم طباعة وثائق الورشة بشكل جذاب واختير لها مكان جميل وهادئ ودعي إليها نخبة شخصيات من الجهات ذات العلاقة..
المحاور التي امتد عرضها ونقاشها على مدار يومين تضمنت"ترفاً فكرياً"ليس هذا وقته ولكن الهدف الحقيقي كان معالجة قضية واحدة بوجهين"توسعة المرفأ وساحات حلب التي يملكها المرفأ وخصصت للمؤسسة العامة للإسكان"!!
الموضوع يتلخص في أن هيئة التخطيط الاقليمي خصصت ساحات حلب-المملوكة للمرفأ-لإقامة مشروع سكني من قبل المؤسسة العامة للإسكان،ووافقت إدارة المرفأ وتم الدخول بالتفاصيل التعاقدية وتسليم الأرض،وبعد ثلاث سنوات من الأخذ والرد عادت الأمور لنقطة الصفر،وأريد لورشة العمل أن ترسخ التراجع من باب "عدم صلاحية الأرض تارة وحاجة المرفأ لها مقابل استغنائه عن مشروع التوسع الأفقي"،وفي خلفية الصورة ثمة من يريد الأرض"مقاسم صناعية"تتلاءم مع المحيط الموجود في المنطقة المذكورة!!
كنت أتمنى من جميع الأطراف،وأنا أثق بدوافع الغالبية الوطنية والمنطقية،كل من موقعه،كنت أتمنى أن لا نضيع ثلاث سنوات-لها كلفتها الغالية-لجهة تأخير مشروع سكن حيوي للسوريين وزيادة الأسعار بصورة كبيرة،ناهيك عن أن تأخير حسم قضية توسيع المرفأ أضاع علينا الكثير من الفرص منذ سنوات!!
لو تحدث الجميع بشفافية ووضوح دون مواربة أو تلاعب بالألفاظ،ولو حسمت المرجعيات الأعلى النقاش وفق رؤية تراعي الخيار الأنسب والبدائل الأفضل لكل جهة لما ضاع الوقت وفات علينا الكثير وزادت التكاليف!
أبدأ من توصيات الورشة التي حضرتها بترتيب مع الدكتور محمود سعيد وزير النقل،وكانت تتضمن سبعة محاور هامة،لكنني سأركز على ثلاثة منها فقط،هي جوهر المشكلة،وأطرافها هي وزارة النقل(مرفأ اللاذقية)والمؤسسة العامة للإسكان و هيئة التخطيط الاقليمي ومجلس مدينة اللاذقية (وخلفه المحافظة وووزارة الإدارة المحلية ونائب الخدمات)..
جاء في التوصيات"المحور الثاني:
آفاق تطوير وتحسين مرفأ اللاذقية وأهمية توسعه:
بعد استطلاع إمكانية تعديل الدراسة المقدمة من شركة(لينمورني برويكت) الروسية، تبين صوابية الاكتفاء بتوسع مرفأ اللاذقية على طول الشاطىء إلى حدود ميناء الصيد والنزهة وترك الشاطىء الممتد من هذا الميناء وحتى فندق روتانا أفاميا كواجهة بحرية لمدينة اللاذقية، وهذا يؤدي إلى:
1- إدراج خطة تطوير وتوسيع وتعميق مرفأ اللاذقية في خطة وزارة النقل لعام 2014
2- الموافقة لمرفأ اللاذقية على التعاقد بالتراضي مع شركة(لينمورني برويكت) الروسية لانجاز الدراسة نظرا لأن هذه الدراسة منبثقة عن شركة سيوز الروسية التي قامت بإعداد دراسة توسيع المرفأ منذ عام 1974
3- التأكيد على التوصية الأخيرة للجنة الخدمات المتعلقة بالمنطقة المرفئية.
4- نقل جميع الأملاك الموجودة ضمن المناطق المقترحة لتوسيع المرفأ إلى الشركة العامة لمرفأ اللاذقية وضمن برنامج زمني محدد وخلال عام /2013/.
5- الإبقاء على ساحات حلب كمرفأ جاف قريب نظراً لوجود البنية التحتية المناسبة له خاصة بعد اختصار حوالي 79 هكتار من مقترح التوسع السابق .
أما فيما يتعلق بالمحور الخامس:
مناقشة البدائل الإسكانية و العمرانية في المحافظة بما فيها موقع ساحات حلب واختيار البديل الأفضل فأوصت ورشة العمل:
لدى التحري والتدقيق تبين التالي:
- المساحة المتاحة في ساحات حلب : (315) دونم.
- عدد الشقق السكنية ومرافقها الممكن تنفيذها على مساحة حلب (2400)شقة سكنية .
النتيجة : لا تكفي مساحة ساحات حلب لبناء الشقق السكنية المستهدفة وفقاً للبرنامج الإسكاني والبالغة (4000) شقة سكنية ، والتي تحتاج إلى مساحة لا تقل عن (525) دونم . كما أن وقوع ساحات حلب في حوض مجرى نهر الكبير الشمالي فإن تربة الموقع اللحقية الفيضية ذات التحمل الضعيف وارتفاع منسوب المياه الجوفية يجعل كلة تأسيس الأبنية عالية ، مما يجعل السكن غير اقتصادي (وهذا موضح في الدراسة الجيوتكنيكية لتربة الموقع المعدة من قبل مديرية الهندسة الجيوتكنيكية والمساحة في المؤسسة العامة للإسكان المرفقة ربطاً).
إضافة لوقوع الساحات في محيط منطقة صناعية . وبالتالي يوصى ب:
1- اعتماد العقارات العائدة للمناطق العقارية المدرجة في الجدول التالي كبدائل إسكانية لساحات حلب تغطي احتياجات الخطة الإسكانية :
المنطقة العقارية
|
رقم العقار
|
مساحة العقار (الدونم)
|
المسافة عن عقدة هارون (كم)
|
طبيعة الملكية
|
قسمين
|
1032
|
395
|
15
|
أملاك دولة
|
الشبطلية
|
1224
|
116
|
15
|
أملاك دولة
|
ستمرخو
|
490-491
|
99
|
12
|
أملاك دولة
|
المجموع
|
610
|
|
|
|
كما يلاحظ على الخطة الإسكانية في محافظة اللاذقية وجود نقص في الأراضي المخصصة للسكن الشبابي نتج عنه التأخر في تنفيذ (1800) شقة سكنية فئة 12 سنة ، ونقص في الأراضي المخصصة للسكن العمالي نتج عنه التأخر في تنفيذ (525) شقة سكنية ، وهذا العدد يحتاج إلى مساحة لا تقل عن (400) دونم.
وبالتالي يوصى ب :
2- اعتماد العقار رقم (1937) العائد لمنطقة برج إسلام العقارية المدرج في الجدول التالي واقتطاع المساحة الموافقة لتغطية الاحتياج المطلوب :
المنطقة العقارية
|
رقم العقار
|
مساحة العقار (دونم)
|
برج إسلام
|
1937
|
1170
|
حوار راق على الضفتين
بعد ورشة العمل بأيام،كان لي جلستين مع كل من الدكتور المهندس محمود سعيد وزير النقل،والمهندس سهيل عبد اللطيف مدير عام المؤسسة العامة للإسكان..وهما"ظاهرياً"الجهتان المختلفتان،ولكنني سمعت من الرجلين كلاماً مسؤولاً منطقياً من الذي يساهم في تذليل العقبات وحل المشكلات فيما لو تم حوار شفاف وتعاملت الجهات الأعلى بمسؤولية في تأمين متطلبات كل جهة ..
الدكتور محمود سعيد،الذي يتبنى توصيات الورشة بالتأكيد،ينتظر ما سيتقرر في لجنة الخدمات وما سيقرره السيد رئيس مجلس الوزراء،وهو يقول أن رأي وزارة النقل يتلخص في أنه مقابل خسارة 80 هكتاراً من مساحة توسع المرفأ في حال اعتماد خيار تقليص التوسع الأفقي والعمل للتوسع العمودي داخل البحر،وهي مساحة ضرورية للحاويات ويمكن الابقاء على ساحات حلب تابعة للمرفأ لهذا الغرض..
وزير النقل يقول أن وزارة النقل تريد باختصار تعميق غاطس المرفأ من 17 إلى 21 متر على مراحل،وتأمين طريق لدخول وخروج الشاحنات وسكة حديد مزدوجة،وهي طلبات دون اشتراطات مسبقة..
سعيد يشير في هذا السياق إلى نقطة هامة تتعلق بأن المنطقة المحيطة بساحات حلب مخصصة –في المخطط التنظيمي المقترح وعلى أرض الواقع لاستخدامات صناعية والمحيط لا يوجد فيه أي سكن !
عبد اللطيف:دورنا يبدأ بعد استلام الأرض
من جهته يقول المهندس سهيل عبد اللطيف مدير عام المؤسسة العامة للإسكان أنه من الظلم الحديث عن المؤسسة وكأنها طرف يحاول أن يفرض رأيه ضد رغبة بقية الجهات،فدور المؤسسة يبدأ عند تخصيص الأرض لها،والمؤسسة لم تقم باختيار الأرض،بل أن الجهة المخولة،وهي هيئة التخطيط الإقليمي هي التي اختارت الأرض ضمن اختصاصها وصلاحياتها مؤكداً أن المؤسسسة لا تختار الأرض ولا يجوز أن تختار..
عبد اللطيف يؤكد أنه حتى هذه اللحظة لا يعرف الأرض ومكانها بالضبط لأن عملهم يبدأ بعد الاستلام،وكل ما تم القيام به تكليف جهة درست ميكانيك التربة لرد على تخوفات تتعلق بطبيعة الأرض،وتلك الجهة الدارسة اقترحت بدائل فنية لكل نوع من الأرض وكلها بالنتيجة توصل إلى إمكانية البناء عليها مع فروقات في التكلفة يختلف البعض في تقديرها وانعكاسها على قيمة المسكن..
يبدي عبد اللطيف قلقه من التأخير الحاصل،فكثيرون يعتبرون أن المؤسسة هي المقصرة دون أن يعرفوا أنها لم تتسلم الأرض وبالتالي فهو يتعرض لضغوطات كبيرة لإعلان الاكتتاب الذي شمل جميع المحافظات-ما عدا اللاذقية رغم أنها المحافظة الآمنة والتي تتلقى ضغطاً سكانياً كبيراً من المحافظات المضطربة،وكان يمكن –لو استثمر الوقت جيداً-أن نكون في مرحلة متقدمة من المشروع!
من يتحمل مسؤولية ضياع السنوات؟
يسأل مدير عام مؤسسة الإسكان:من سيتحمل مسؤولية ضياع ثلاث سنوات وانتظار الناس وزيادة الكلفة عدة أضعاف؟!ويقول:لو تم الاكتتاب لكان ذلك سيتم بالأسعار القديمة ولوفرنا على المواطن كثيراً أما الآن فقد تغيرت الأسعار!!
وبخصوص التوصيات التي صدرت عن ورشة العمل،يقول عبد اللطيف أنه لا دور للمؤسسة فيها ولكن يبدو أن هيئة التخطيط الإقليمي اعترضت عليها..
ويؤكد مدير عام المؤسسة:بمجرد أن نستلم الأرض سيكون الإعلان عن الاكتتاب في اليوم التالي،وقبل ذلك لا عمل للمؤسسة..
بانتظار قرار حاسم!!
الموضوع سيعرض غداً الأربعاء على لجنة الخدمات لمناقشة التوصيات ورفع توصية للسيد رئيس مجلس الوزراء،وحسب معلوماتنا أنه خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة –الأسبوع الماضي-وأثناء مناقشة تخصيص أرض مجاورة لساحات حلب لصالح المؤسسة لاستكمال احتياجاتها لنفس المشروع-وافق المجلس على تخصيص الأرض،بل أوضح الدكتور وائل الحلقي أنه حسم موقفه لجهة المضي قدماً في تسليم الأرض للمؤسسة العامة للإسكان،ولا ندري هل ستدفعه توصيات الورشة ولجنة الخدمات لتغيير ما في موقفه؟!!
ننتظر ،ولكن نرجو حسم الأمر والبدائل بسرعة،وأن يتحدث الجميع بصراحة وشفافية،فلا وقت إضافي لننفقه!