|
|
|
|
احتمالات التدخل العسكري الخارجي في سورية في ظل التوازنات الدولية والإقليمية |
|
|
بعد استيعابه الضربات الأمنية المتتالية لا سيما الأخيرة منها التي ادت الى استشهاد اربعة من ابرز الضباط الأمنيين والعسكريين يواجه النظام السوري نوع آخر من الحرب وهي التهديد بالتدخل العسكري الخارجي من خارج مجلس الأمن بعد ان كثر الحديث في بعض عواصم القرار عن هذا التدخل تحت ذرائع مختلفة منها "التدخل الإنساني" مستحضرين مبرر جديد هو امتلاك سورية أسلحة كيميائية مهدين بأن استعمالها سيؤدي الى تهديد السلام الإقليمي وبالتالي تهديد السلم والأمن الدوليين ما يستدعي التدخل، فما هي حدود هذا النوع من التدخل في ظل التوازنات الدولية والإقليمية الحالية ؟ وفي حال حصوله كيف ستكون ردة فعل الدول الحليفة لسوريا وهل ستشمل تداعيات هذا التدخل الأراضي السورية فقط ام تتعداها الى لتطال المنطقة بأسرها ؟ لقد استطاع الفيتو المزدوج الروسي الصيني وبضربات متتالية ان يسقط امكانية التدخل العسكري الخارجي من خارج مجلس الأمن ويكون بذلك والى الآن قد نزع صفة الشرعية عن اي نوع من التدخل عبر مجلس الامن ويؤكد خبراء في القانون الدولي ان مجلس الأمن لا يلجأ للتدخل العسكري تحت الفصل السابع الا بعد استنزاف كامل الخيارات وهذا ما تتحدث عنه المادة 41 فصل سابع من ميثاق الامم المتحدة انه لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.وإذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له اللجوء للمادة 42 التي تبيح أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء "الأمم المتحدة". اذا كان خيار التخل العسكري وفقا للفصل السابع مستبعد، فماذا عن التدخل من خارج مجلس الأمن؟ كانت وكالتا "إيتار-تاس"و"انترفاكس" قد نقلتا في 25 تموز تقرير صادر عن المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية والأمنية أن العسكريين في الولايات المتحدة وبريطانيا يقومون بعمل واسع النطاق من أجل وضع خطط لتدخل عسكري محتمل في سورية.وتابع التقرير أن تركيا والأردن تشاركان في هذه الخطط. وأوضح أن اتخاذ مثل هذه الإجراءات يأتي بسبب قلق الدول الغربية من خطر وقوع الأسلحة الكيميائية السورية في الأيدي الخطأ. وقال العقيد ريتشارد كامب القائد السابق للقوات البريطانية في أفغانستان، الذي شارك في إعداد التقرير، إن القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية تبحث إمكانية تدخل عسكري مباشر في سورية على الرغم من المواقف الرسمية التي تستبعد مثل هذه الخطوة. وقال كامب في تصريح لقناة "سكاي نيوز" إنه لا يستبعد وجود قوات بريطانية خاصة حاليا على الأراضي السورية. وأضاف أنه مادام هناك محور يعارض هذا التوجه من مجلس الأمن والمتمثل في موسكو وبكين فإنه لن يكون هناك عمل عسكري خارجي ضد سورية. ومن ناحية اخرى أعلن الأميرال فيكتور تشيركوف قائد سلاح البحرية الروسي في 26 تموز، أن القوات البحرية الروسية تنوي الإحتفاظ بمركز التأمين المادي والتقني في ميناء طرطوس السوري وإن 10 سفن حربية روسية بالإضافة إلى 10 سفن مساعدة تعمل حاليا في البحر الابيض المتوسط. ويذكر أن مجموعة السفن الحربية الروسية تلك تضم سفنا قتالية تابعة للأسطول الشمالي وأسطول البلطيق وأسطول البحر الأسود. وقال ممثل روسيا في تصريح أدلى به في جلسة المجلس يوم 25/تموز متوجها لوفود الدول الغربية: "إن الولايات المتحدة بدأت أخيرا الحديث عن نيتها بالتصرف خارج إطار مجلس الأمن الدولي في الملف السوري. الأمر الذي أدى إلى تفاقمها بشكل خطير. حسنا، ففي هذه الحالة تقع عليكم المسؤولية الكاملة عن عواقب كارثية محتملة جدا لمثل هذا التصرف". تعكس هذه المواقف الروسية حالة التأهب للقيادة الروسية والتحذير من اي عمل عسكري ضد سورية وانه سيرتب عواقب وخيمة ستضر بالمصالح الغربية في المنطقة كما تحمل رسائل امنية بأن روسيا لن تقف مكتوفة الأيدي اذا تعرضت مصالحها في سورية والمنطقة للخطر. اوساط سياسية واعلامية مطلعة قالت انه ليس لتركيا اي مصلحة في الدخول بحرب مع سورية وكل ما نشهده من تعزيزات عسكرية وتصريحات نارية بتهديد سورية بالتدخل العسكري لن يكون لها اي ترجمة عملية على ارض الواقع بل ان اللحظة المناسبة كانت للتدخل كانت حين اسقاط الطائرة التركية بالمضادات السورية ومقتل طيارين تركيين ويضيف ان النظام السوري يكون مرتاحا اذا شن الجيش التركي حربا على سوريا فحينها سيتحول الصراع من صراع داخلي الى صراع خارجي اي بين الجيش السوري والجيش التركي مما يوحد مكونات الشعب السوري حول الدولة السورية للدفاع عن الوطن ويأخذ الصراع حينها صراع بين القوميتين العربية والعثمانية مما يستفز شعور الملايين من العرب ويحيي مشاعر العداء التاريخي للعثمانية، ويسأل المصدر اين مصلحة تركيا ان تخوض حرب مع سورية عندما تتساقط الصواريخ السورية على انقرة؟ وتضيف المصادر ان المسؤولين الأتراك وخاصة اردوغان يسعى لحل للأزمة في سورية يحفظ فيه ماء وجهه ويحقق بعض المكاسب ولكن الرئيس الأسد لن يقبل باي شكل من اشكال هذه التسويات. كما تسأل المصادر كيف يعلن الرئيس هولاند انه يريد التدخل العسكري في سوريا ومن ناحية اخرى يريد ان يسحب قواته من افغانستان بعد ان سقط عشرة قتلى من جنوده؟ وخاصة ان فوز هولاند على ساركوزي في الإنتخابات الأخيرة سببه اعلان هولاند عدم التدخل خارج فرنسا. ويكشف المصدر نفسه ان الحلف الغربي لم يكن بعجلة من امره لإفراغ ما في جعبته من اوراق بل استغل فرصة اغتيال الضباط واعطاء الضوء الأخضر لتفجير حلب بعد ان اعد العدة فيها سابقا لإستكمال الإنقضاض على الدولة السورية لإعتقاده ان النظام السوري مربك ولن يستوعب ضربات اخرى. يبدو واضحا ان خيار تدخل كلا من تركيا وفرنسا مستبعد كما ان حلف الأطلسي مثقل بمشاكله المالية واللوجستية والعسكرية والسياسية وبحسب ما كشفته صحيفة "الهيرالد تربيون الأميركية" منذ اقل من عام قول وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بان عمليات الناتو في ليبيا اظهرت ضعف واخفاق هذا الحلف في تحقيق اهدافه ويواجه مستقبلا محبطا وبائسا لن يمكنه من البقاء. كما ان امن اسرائيل مهدد بمنظومة صواريخ تحاصرها من كل جانب والولايات المتحدة التي خرجت مهزومة من البوابة العراقية فلا يمكنها ان تتسلل من النافذة السورية وهي في سباق مع الوقت مع قرب استحقاقها الإنتخابي ولا تزال تلملم آثار ازمتها المالية وعين قلقة على اسرائيل المهددة واخرى على قواعدها العسكرية في المنطقة وامن الخليج يشغل اصحاب القرار في البيت الإبيض، كما ان روسيا تعود كلاعب اساسي ومقرر على الساحة الدولية بالتوازي مع تعاظم قوة ايران العسكرية والتكنولوجية والأمنية والتسليحية وربما النووية مع وجود محور مقاوم ممانع يمتد ايران لسوريا الى حركات المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين واي حرب عسكرية على سوريا لن تكون فقط مع سوريا بل مع المحور المتحالف مع سوريا، كما ان هناك دول ذات اقتصادات ناشئة تتوثب لتبوأ مكانتها على الساحة الدولية بالإضافة الى دول "البريكس" التي تضم الصين والهند والبرازيل والمكسيك وجنوب افريقيا والتي تشكل ثلثي عدد سكان الكرة الارضية وثلث حجم الاقتصاد العالمي وهي تعارض اي تدخل عسكري في سورية . اذا كان التدخل الخارجي مستبعدا حاليا للإعتبارات المذكورة، فما هي الخيارات المتاحة امام محور الغرب لإستكمال تحقيق مخططاتهم في سورية؟؟ يبدو ان خيارات محور الحرب على سوريا بأت تضيق ولم يبقى لديهم إلا مجموعة من الخيارات : -اللجوء الى الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتقاد الأميركي ودول الخليج ان نظام التصويت فيها هو اغلبية الأعضاء الحاضرين ولا يوجد حق النقد الفيتو كما في مجلس الأمن ما يمكن الولايات المتحدة تأمين اغلبية مع قرار في الجمعية لإدانة سورية وكان عبدالله المعملي مندوب آل سعود لدى الأمم المتحدة قد اعلن يوم الأربعاء 25 /تموز، أن الدول العربية قررت التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروع قرار جديد بشأن سورية. - التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية بحجة ارتكاب الرئيس الاسد ونظامه جرائم حرب وهذا ما يؤشر بأن مسلسل الجرائم بحق الشعب السوري مستمر من قبل الجماعات المسلحة لإستعمالها كسلاح دولي للضغط على النظام السوري. - المزيد من الضغوط الدبلوماسية كطرد السفراء السوريين من دول عربية وغربية. - العقوبات المالية الأحادية الجانب كتجميد ارصدة المسؤولين السوريين في بنوك بعض الدول الكبرى . -التهديد بالتدخل العسكري الخارجي ومواكبة ذلك بحرب اعلامية ونفسية ومحاولة زرع الفتن الأهلية بين مكونات الشعب السوري والإستمرار بحرب التصفيات الجسدية للقيادات الأمنية والعسكرية السورية. - دعم المسلحين بالمال والسلاح والعمل على ايجاد مناطق حدودية عازلة تكون قاعدة انطلاق للمسلحين لتقويض الدولة المركزية. يبدو ان الخيار بالتدخل عسكريا في سوريا مستبعدا حاليا في ظل توازن القوى السياسي والإقتصادي العالمي الحالي وبالتالي ستأخذ الحرب على سوريا اشكال اخرى بانتظار توفر ظروف ومعطيات لهكذا تدخل.
|
توب نيوز |
|
الأربعاء 2012-08-01 17:52:29 |
|
|
|
|
|
|
|