سيريانديز
ارتفعت إيجارات البيوت خلال سنوات الأزمة في جميع المناطق السورية، ولم تعد تتناسب مع متوسط الأجور ولا بأي شكلٍ من الأشكال، وقد أجرت بيوت على الهيكل(على العظم) بـ25ألف ليرة شهرياً حتى الأقبية تم تأجيرها بـما لا يقل عن 30ألف ليرة، ولكن ماهو غير مفهوم ارتفاعها الآن في مناطق عاد إليها الأمان، فالبيت الذي كان يؤجر في درعا بـ15ألف ليرة أصبح بـ30 ألفاً والذي كان يؤجر بـ20ألف ليرة باتت أجرته اليوم 40ألف ليرة، حتى الشقق التي كانت مؤجرة على الهيكل(على العظم) بأسعار رمزية طلب أصحابها إخلاءها لإكسائها واستثمارها بشكل أفضل، وما هو غير مفهوم هو بقاء الأجرة مرتفعة في معظم المحافظات رغم عودة الكثيرين إلى منازلهم بعد استقرار مناطقهم وبلداتهم، الكثير من الناس في بداية الأزمة لم يكونوا يأخذون أجرة منازلهم رأفة بحال المهجّرين أو كانوا على الأقل يأخذون أجرة رمزية ولكن بعد أن طالت الأزمة أصبحوا يطلبون أجرتها، ويرفعونها كلما اشتد الطلب على البيوت وزادة تكاليف المعيشة.
أما آخر المفارقات فهو ما حدث خلال شهر رمضان المنصرم وبينما كانت هناك دعوات ومبادرات لإعفاء المستأجرين من دفع الأجرة خلال شهر رمضان وقد لبى البعض هذه الدعوى كما حدث في دير عطية مثلاً، ولكن هناك أيضاً من رفعوا أجرة منازلهم ما بين 10 و15ألف ليرة في الشهر بذريعة ارتفاع الأسعار!!.
«تشرين» تناولت في هذا الملف واقع إيجارات البيوت في عدد من المحافظات فقد شهدت معظم المناطق ارتفاعاً في قيمة إيجارات البيوت عزاه العاملون في مجال العقارات إلى بقاء الطلب عليها مرتفعاً، ففي اللاذقية مثلاً هناك زيادة في عدد عقود الإيجار في الربع الأول من العام 2019 بنسبة 17% عن الربع الأول من العام الماضي، وتتراوح أجرة البيوت في المناطق والأحياء الشعبية بين 30 إلى60 ألف ليرة(غرفتين وصالون) ويصل إيجار الغرفة الواحدة إلى 30 ألف ليرة وتؤجر عادة إلى طلاب الجامعات، أما الحد الأدنى للأجرة في طرطوس التي تشهد طلباً كبيراً على الإيجارات فهو40ألف ليرة وتصل أجرة بعض البيوت إلى أكثر من 70ألف ليرة، وأكثر المسأجرين في مدينة طرطوس هم من طلاب الجامعات، كما شهدت الحسكة ارتفاعاً غير مسبوق في قيمة الإيجارات بسبب الطلب الكبير عليها وتبدأ أجرة الشقق من 50ألفاً وما فوق، بينما تتراوح أجرة بيوت الطين بين 20إلى30ألف ليرة، وفي دمشق تبدأ أجرة البيت بـ 100ألف ليرة وقد تصل إلى 500ألف في الشهر، بينما رأى البعض الآخر أن ارتفاع تكاليف البناء والإكساء ساهم كثيراً في ارتفاع أجرة البيوت.
الجهات المعنية تدخلت إلى حدٍ ما في بعض المناطق للمساهمة في توفير عدد أكبر من المنازل وزيادة العرض، كتعديل الضابطة الهندسية للبناء والارتفاع الطابقي وتفعيل عمل الجمعيات السكنية من أجل استكمال بناء الجمعيات، إضافة إلى تعويض المتضررين بسبب الحرب ولو بالحد الأدنى الذي يساعد على عودة الأهالي إلى منازلهم المتضررة، ولكن كل هذه الإجراءات لم تحل المشكلة وبقيت أجرة البيوت مرتفعة، ولا بد من القول إن قسماً كبيراً من المهجرين لم يعودوا إلى مناطقهم رغم تحريرها لأنهم تأقلموا ووجدوا أرزاقهم في الأماكن التي نزحوا إليها واستقروا فيها.
بدلات الإيجارات السكنية تتصاعد في درعا
لم يعد في مقدور الكثيرين تحمل أجور الشقق السكنية الباهظة في مدينة درعا نظراً لدخولهم المحدودة جداً، حيث بدأت تتصاعد تلك الأجور بشكل كبير، وبالتحديد بعد عودة جميع أرجاء المحافظة إلى كنف الدولة، فبعد أن كان أصحاب الشقق السكنية يقدرون ظروف الناس أثناء الحرب ولاسيما المهجرين منهم أصبحوا يفرضون إيجارات كبيرة فقد قفزت الشقة الواحدة حسب الموقع والمساحة والجودة من 10 آلاف ليرة إلى 20 ومن 15 إلى 30 ومن 20 إلى 40 ألف ليرة من دون فرش، وتوجد شقق مفروشة عددها محدود يصل إيجارها حسب المواصفات إلى 75 ألفاً، كما أن هناك أسراً مهجرة كانت تسكن في أبنية على العظم تم تجهيزها إسعافياً لإيوائها، وبعد انتهاء سنوات الأزمة تم إخلاؤها من أصحابها ما زاد في ضغط الطلب على السكن بالإيجار، وهذا يحدث في ظل عدم تمكن البعض من العودة إلى منازلهم إما لأنها مدمرة ولا يمكن ترميمها وإما لعدم القدرة مالياً على إجراء التراميم لمنازلهم القابلة لذلك، وقد عرض الكثيرون ممن التقتهم «تشرين» ولاسيما الموظفين معاناتهم من الأجور الباهظة التي لا يكاد يغطيها كامل الراتب الشهري.
المهندس خالد الطراد- رئيس الدائرة الفنية في مجلس مدينة درعا ذكر لـ «تشرين» أنه نتيجة الأحداث المؤسفة التي وقعت خلال سنوات الحرب السابقة حصلت أضرار في الأحياء السكنية والتجارية ما تسبب بهجرة المواطنين منها إلى أحياء أخرى آمنة ما زاد الطلب على الإيجارات السكنية، وتالياً حدوث ارتفاع كبير في قيمة تلك الإيجارات ولاسيما في ظل النقص الكبير في عدد الشقق السكنية المعروضة للإيجار بسبب توقف حركة البناء خلال الأزمة للأبنية والجمعيات السكنية.
وبين الطراد أنه بعد عودة الأمن والأمان إلى ربوع المحافظة بدأ بعض الأهالي بترميم منازلهم في أحياء المدينة ولاسيما درعا المحطة ودرعا البلد وطريق السد ومخيم النازحين والفلسطينيين، لافتاً إلى إجراء الكشوف الحسية على الأبنية المتضررة وتنظيم الضبوط اللازمة بنسبة تغطية بلغت أكثر من 70% على مستوى مدينة درعا على أمل صرف تعويضات تلبي ولو جزءاً بسيطاً من حاجة المواطنين المتضررين إلى ترميم منازلهم والعودة إليها للإسهام في تخفيف حدة الطلب الكبير على طلب إيجارات المنازل وتخفيض قيمة إيجاراتها.
من جهته، رئيس مجلس مدينة درعا المهندس أمين العمري أشار إلى أن الحركة العمرانية بدأت منذ عام تقريباً وأخذت تنشط تدريجياً بعد حلول الاستقرار وبلغ إجمالي الرخص الممنوحة ضمن مدينة درعا حتى تاريخه 45 رخصة بناء توفر ما يعادل 350 شقة سكنية تقريباً في مختلف أحياء المدينة، كما تم منح عدة رخص بناء للجمعيات السكنية مؤخراً مثل منح رخص بناء 7 طوابق حسب نظام ضابطة البناء ما يوفر عشرات الشقق السكنية للبناء، مبيناً أن من العوامل التي يمكن أن تحدّ أيضاً من ظاهرة ارتفاع أجور الشقق الدفع باتجاه إكمال الأبنية العائدة للجمعيات السكنية ما يتيح أكثر من ألف شقة موجودة في أحياء مدينة درعا.
وكشف العمري أنه في المستقبل وبعد إكمال أعمال التوسع في المخطط التنظيمي لمدينة درعا سينتج ما يقارب 1100مقسم سكني في حي «المفطرة» و«طريق طفس» و1200 مقسم في حي «الكاشف الشرقي»، ما يسهم أيضاً في تأمين مقاسم معدة للبناء بأسعار مقبولة ولاسيما بعد امتلاء التنظيم الحالي بنسبة تفوق 80%، وتالياً تراجع ضغط الطلب على السكن وتخفيف أزمة الإيجارات، علماً بأنه تم الانتهاء من أعمال الرفع الطبوغرافي في منطقتي التوسع المذكورتين (المفطرة والكاشف الشرقي) وحالياً سيصار إلى استصدار المرسوم اللازم لإحداث المناطق التنظيمية حسب أحكام القانون 23 لعام 2015.
في اللاذقية تحلق عالياً
عانت محافظة اللاذقية خلال الفترات السابقة ومازالت تعاني ضغطاً كبيراً على موضوع استئجار الشقق السكنية أمام زيادة الطلب من أبناء المحافظة لعدم القدرة على شراء شقق، وكذلك الأعداد الكبيرة من المهجرين والنازحين الذين قدموا من مختلف المحافظات نتيجة الأعمال الإرهابية، وقسم كبير من هؤلاء لم يعودوا إلى مناطقهم رغم تحريرها نتيجة ظروف مختلفة.
«تشرين» تابعت واقع الاستئجار من خلال مدينتي اللاذقية وجبلة اللتين يمكن إسقاط نتائجهما على عموم مناطق محافظة اللاذقية.
يقول نزار صاحب مكتب عقاري في مدينة اللاذقية هناك ازدياد ملحوظ في الطلب على الشقق وهذا انعكس بدوره على زيادة بدلات الإيجار بما لا يتناسب مع واقع ومدخول الشريحة العظمى من المواطنين، وطبعاً الأسعار تتفاوت بشكل كبير، حسب مقاييس كل منطقة وحي، ففي منطقة الزراعة والمشروع السابع أغلب الشقق المعروضة مكونة من غرفة واحدة مع منافعها يتم تأجيرها لطلاب بسبب قربها من جامعة تشرين يصل إيجارها إلى 30 ألفاً ، بينما تتراوح بين 40 -60ألفاً إذا كانت مفروشة، أما الشقق العادية بغرفتين وصالون فتتراوح بين 50-80 ألفاً، في حين الشقق ذات المواصفات العالية المؤلفة من 3 غرف وصالون مجهزة بتجهيز ممتاز تتأرجح أسعارها بين 125 -150 ألفاً، بينما في الكورنيش الجنوبي تحلق الأسعار عالياً لتصل إلى 200 ألف، أما في العديد من الأحياء الشعبية في اللاذقية تتراوح بين 30 – 60 ألفاً بغرفتين أو ثلاث غرف وصالون.
ويضيف نزار إن الكثير من الشقق يتم تأجيره بشكل مباشر بين المالك والمستأجر من دون الحاجة لوساطة المكاتب العقارية لذلك تراجع عمل ودخل الكثير من المكاتب العقارية.
في هذا الإطار قال المهندس مجد خضور- رئيس دائرة العقود في مجلس مدينة اللاذقية إن عدد عقود إيجار الشقق السكنية للربع الأول من عام 2018وصل إلى 5311 عقداً، بينما الربع الأول من العام 2019 وصل إلى 6259 عقداً أي بزيادة 948 عقداً أي بنسبة زيادة 17 %.
وأشار خضور إلى أنه لا يوجد رقم دقيق لنسب زيادة بدلات الإيجار لأن الأرقام التي توضع في العقود غير حقيقية للتهرب من دفع الرسوم ما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات ويشكل ضرراً للدولة، وعند حدوث أي خلافات بين المؤجر والمستأجر يتم اللجوء إلى القضاء ويقوم المستأجر بدفع القيمة المسجلة على العقد فقط، علماً أن الرقم الحقيقي أكثر بعدة أضعاف، وتالياً الخاسر هو المؤجر.
كما أكد أبو سليمان جلعود صاحب مكتب عقاري في مدينة جبلة الكلام نفسه، مشيراً إلى أن هناك طلباً شديداً على الشقق الشاغرة، ما عكس ارتفاعاً في الأسعار، حيث كانت بدلات الاستئجار خلال السنوات الثلاث السابقة ما بين20 -25 ألفاً، في حين وصل حالياً إلى30 -50 ألف ليرة حسب المواصفات .
ويضيف: بسبب ضعف الحركة في المجال العقاري اتجه الكثير من أصحاب المكاتب العقارية إلى العمل في مجال بيع وشراء السيارات.
بدوره يقول رئيس دائرة العقود في مجلس مدينة جبلة سليمان حسن: إن عدد عقود الإيجار للعام للأشهر الخمسة الأولى من عام2018 وصل إلى 1441 عقداً، بينما وصل للفترة نفسها من العام 2019 إلى 1894 أي بزيادة 453عقداً، مؤكداً أن أغلب الناس أيضاً في جبلة لا يضعون السعر الحقيقي على العقود للتهرب من الرسوم.
طلب كبير في طرطوس
اعتقدنا أنه مع عودة المهجرين الحلبيين وغيرهم قبل حوالي سنتين إلى ديارهم ومحافظاتهم المحررة قل الطلب على إيجار المنازل في طرطوس وتقلص حجم النشاط التجاري في هذا السوق، لكن تخميننا كان في غير محله، إذ لا يزال الطلب كبيراً جداً على إيجارات المنازل في طرطوس، وفق رأي عدد من أصحاب المكاتب العقارية، الذين أوضحوا أن قسماً كبيراً من المهجرين لا يزال يعيش مستأجراً في طرطوس ولاسيما ممن ليست لهم مصالح كبيرة في محافظاتهم، أما الأغنياء وأصحاب الورشات والمعامل فعادوا إلى مناطقهم التي هجروا منها بعد تحريرها من الإرهاب وقد تضاعف بدل الإيجار عدة مرات عما كان عليه الأمر قبيل الأزمة.
وأوضح كنعان عدرة مجاز ومالك مكتب عقاري أن الطلب على إيجارات المنازل في طرطوس لا يزال كبيراً حتى بعد استقرار الأوضاع في معظم المحافظات السورية وأن بدل الإيجار يتحدد حسب مساحة المنزل وموقعه وكسائه وأغلى الايجارات يقع في أحياء شارع الثورة والحمرات والكرامة والقصور والغدير وجمعية المصارف والمنشية، والمنزل الذي مساحته 100متر مربع غير مفروش في هذه الأحياء يبلغ بدل إيجاره بحدود 75 ألف ليرة بعد أن كان إيجاره قبل الأزمة حوالي 25 ألف ليرة، أما أدنى الإيجارات فيقع في أحياء الطليعة والغمقة الشرقية، حيث يبلغ إيجار منزل 100متر مربع بين 40-50 ألف ليرة بعد أن كان بحدود 10-15 ألف ليرة قبل الأزمة، وهناك أحياء كالرمل والعجمي والغمقة الغربية والمشروع السادس يبدو بدل الإيجار فيها متوسطاً وبين 60-65 ألف ليرة بعد أن كان قبل الأزمة بين 15-20 ألف ليرة، وهناك أحياء لا توجد فيها إيجارات أو لا يرغب أصحابها بتأجير منازلهم كالسجن والبرانية والقيصرية والساحة. وقال عدرة: إن أغلب طلاب الإيجارات هم من الخاطبين أو المتزوجين حديثاً أو من طلبة جامعة طرطوس وأصبح من النادر حالياً طلب المهجرين الإيجار لأن معظمهم عاد إلى موطنه الأول أو إن المستأجر المهجر يجدد عقد إيجاره للمنزل المقيم فيه بعد الاتفاق مع المالك على بدل الإيجار. وعن شروط الإيجارات إن وجدت قال: في جميع الحالات يشترط المؤجر على المستأجر تنظيم عقد إيجار رسمي في البلدية تحدد مدته باتفاق الطرفين، كما يشترط عليه أن يكون الدفع مسبقاً قبل شهر أو ثلاثة أو ستة أو سنة وأن يدفع مبلغاً تأمينياً لفواتير الكهرباء والمياه بحدود 50 ألف ليرة ولا توجد شروط للمستأجر على المؤجر، كما تتحكم الحالة المادية للمستأجر باختيار الحي الذي يرغب السكن فيه، وهناك مستأجرون أغنياء يسكنون مؤقتاً في أحياء متواضعة ريثما يجدون منزلا خالياً في حي راقٍ.
ويتطابق رأي فايز كريم نصرة مالك مكتب عقاري مع رأي كنعان من حيث الطلب الكبير على إيجارات المنازل في طرطوس ويقول: يأتيني يومياً بين 4-5 أشخاص طالبين الإيجار بالرغم من عودة معظم المهجرين إلى ديارهم، لكن الفقراء منهم ما زالوا مستأجرين ويجددون عقودهم مع زيادة متفق عليها، ورأى نصرة أن بدل الايجار حالياً بين 50-70 ألف ليرة للمنزل غير المفروش وحسب المساحة والموقع، ففي الرمل والغمقة الشرقية والغربية والطليعة يبلغ بدل الإيجار بحدود 50 ألف ليرة وفي أحياء الكرامة والحمرات والقصور والكورنيش الشرقي وشارع الثورة وجمعية المصارف بدل الإيجار بين 70-75 ألف ليرة وطلاب الجامعة من خارج محافظة طرطوس هم أكثر الفئات طلباً للإيجارات ويشترط المؤجر على المستأجر عدم إيواء أسرة ثانية ضمن المنزل ودفع مبلغ تأميني لفواتير المياه والكهرباء ودفع الإيجار سلفاً عن ثلاثة أشهر أو ستة أو أكثر.
كما رأى سميح محمد سلامة صاحب مكتب عقاري كسابقيه أن الطلب كبير على إيجار المنازل في طرطوس ويومياً يأتيه بين 5-8 أشخاص إلى المكتب طالبين الإيجار ويبلغ بدل إيجار الغرفة الواحدة ضمن المدينة بين 18-20 ألف ليرة وإيجار الشقة الصغيرة (غرفتين مع منافع) بين 35-45ألف ليرة حسب الحي والإكساء والطلب كبير على كل الأحياء الراقية والمتوسطة والفقيرة وكل مستأجر يطلب حسب حالته المادية لكن غالباً مايتم رفض تأجير «الأدالبة والرقاوية» إلا بعد دراسة دقيقة وموافقة أمنية.
ترتفع ما بين 10 إلى 15 ألف ليرة في دمشق
مبادرة بعض مالكي العقارات بتخفيض إيجاراتها خلال شهر رمضان الكريم أنعشت آمال وأحلام المستأجرين بتخفيض الإيجارات بشكل عام، لكن سرعان ما تبددت آمالهم وذهبت أدراج الرياح مع قيام أصحاب العقارات برفع الإيجارات بنسبة تتراوح ما بين 10 آلاف إلى 15 ألفاً في مناطق مختلفة من دمشق وريفها بذريعة ارتفاع الأسعار خلال شهر رمضان.
يقول أبو محمد رب أسرة مكونة من ستة أشخاص: اضطررت للقدوم إلى دمشق بعد تدمير بيتي في حمص بسبب الحرب واستأجرت منزلاً متواضعاً في منطقة كفرسوسة (غرفة ومنتفعاتها) بمبلغ 25 ألف ليرة وبرغم ارتفاع سعر الإيجار لكنها تعد أرخص الموجود في منطقة المزة وما حولها، إذ تتراوح أسعار الإيجارات بين 25 إلى 100 ألف ليرة ،حسب مساحة المنزل وموقعه بالنسبة للشقق غير المفروشة.
وتشير هدى العيسمي ربة منزل إلى أن الإيجارات في ريف دمشق ليست أفضل حالاً من دمشق إذ تتراوح مابين 25 إلى 70 ألف ليرة، وهناك من اضطرته الظروف نتيجة طمع وجشع أصحاب العقارات إلى استئجار منزل على الهيكل بمبلغ يصل إلى 25 ألف ليرة شهرياً بعد قيامه بوضع باب وإغلاق النوافذ بأكياس النايلون أو «الحرامات» من أجل ستر أسرته وعدم بقائها في الشارع وحمايتها من التشرد.. وهناك من اضطر إلى استئجار قبو في أسفل البناء الذي وصلت أجرته على الرغم من عدم صلاحيته للسكن لما فيه من رطوبة وعدم وجود نوافذ إلى 30 ألف ليرة شهرياً.
ويؤكد رامي خضرو صاحب مكتب عقاري في دمشق أن أسعار إيجارات المنازل والمحال التجارية ارتفعت خلال سنوات الحرب بشكل كبير نتيجة ازدياد الطلب وعدم قدرة الناس على الشراء لارتفاع أسعارها.
وطبعاً هناك نوعان من الإيجارات للعقارات منها العقارات المفروشة والمجهزة بأثاث منزلي كامل وتصلح للسكن أو مكاتب إدارية التي يتراوح إيجارها ما بين 200 ألف إلى مليون ليرة شهرياً وذلك طبعاً حسب الموقع ومستوى الكسوة والفرش.
وهناك العقارات غير المفروشة وهذه تتراوح إيجاراتها ما بين 100 ألف إلى 500 ألف ليرة شهرياً وتتباين فيما إذا كان العقار سكنياً أو تجارياً وحسب الموقع والمساحة, فمثلاً منزل مساحته 100 متر يصل إيجاره إلى 150 ألف ليرة شهرياً.
وأضاف: يطلب صاحب العقار من المستأجر دفع قيمة الإيجار مدة سنة أو ستة أشهر وهذا يتم بالاتفاق بين الطرفين, أما أسعار الإيجارات في العشوائيات ومناطق المخالفات (على علاتها) فتتراوح ما بين 25 ألفاً إلى 50 ألف ليرة حسب الموقع ومساحة المنزل وكسوته.
وزارة الإسكان والأشغال العامة أكدت أن لا علاقة لها بتحديد أسعار الإيجارات وأن الأمر يتم حسب اتفاق كل من صاحب العقار والراغب بالإيجار.
غير مسبوقة في الحسكة
شهدت إيجارات المنازل في محافظة الحسكة ارتفاعاً كبيراً غير مسبوق في السنوات الأخيرة، وهذا يعود إلى مجموعة من الأسباب يأتي على رأسها ازدياد الطلب على البيوت للإيجار في المحافظة، نتيجة الهجرة الداخلية ضمن المدينة الواحدة من جهة، والهجرة الخارجية حيث الأسر الوافدة من المحافظات الأخرى ولاسيما محافظة دير الزور تليها الرقة فحلب فبقية المحافظات فبلغت أعداداً كبيرة من جهة ثانية.
أثناء الأزمة بقيت محافظة الحسكة آمنة فترة طويلة من الزمن ما جعلها المكان المفضل لأبناء المحافظات غير الآمنة ولاسيما المحافظات المجاورة، فتوجهوا إليها حيث استقبلهم سكان الحسكة استقبالاً جيداً وعاملوهم معاملة حسنة وقدموا لهم البيوت العائدة لهم مجاناً من دون أي مقابل على أمل أن الأمر لن يستغرق سوى أيام، لكن عندما طالت المدة ومع ارتفاع تكاليف المعيشة اضطر أبناء الحسكة إلى طلب أجرة مقابل البيوت التي قدموها للأسر الوافدة والمهجرة، ومن هنا بدأت أسعار الإيجارات بالارتفاع.
وبسؤال العديد من أصحاب المكاتب العقارية عن تفسيرهم هذه الظاهرة لم يجدوا لها تفسيراً مقنعاً اللهم سوى ارتفاع المستوى الاقتصادي في تلك المدن نتيجة وقوعها ضمن منطقة الاستقرار الأولى ذات المعدل المطري المرتفع ما يجعلها الأعلى من حيث المردود الإنتاجي الزراعي.
ويقول أبو هوزان صاحب مكتب عقاري في حي المفتي شمال المدينة إن أسعار الإيجارات تختلف من منطقة إلى أخرى، حتى ضمن الحي الواحد، ففي حي المفتي وحي الصالحية أسعار الإيجارات مرتفعة، وهي آخذة بالارتفاع كلما ارتفعت تكاليف المعيشة.
باسل رجل أربعيني قال: إنه اضطر لترك المنزل الذي كان يسكن فيه وسط مدينة الحسكة لأن صاحبه طلب ضعف الأجرة، علماً أنه بيت صغير عبارة عن غرفة ومنافعها لا أكثر، واضطر لاستئجار بيت خارج المدينة في حي الزهور البعيد.
وعكس باسل هناك أسر اضطرت لترك بيوتها في الأحياء واستئجار بيوت في وسط المدينة من أجل المدارس لأبنائها لكون المدارس محصورة وسط المدينة حالياً.
ومع موجة عودة الكثير من الأسر «الديرية» الوافدة إلى دير الزور استقرت أسعار الإيجارات لوجود بيوت كثيرة أصبحت فارغة، فترة من الزمن، لكنها عادت وارتفعت مرة أخرى بسبب تغير سعر الصرف لليرة السورية أمام الدولار، وذلك لأن أسعار الإيجارات يتحكم بها عاملان اثنان الأول ازدياد الطلب على البيوت، والثاني ارتفاع سعر صرف الدولار.
وفي مدينة القامشلي شمال الحسكة شهدت إيجارات المنازل في الآونة الأخيرة ارتفاعاً كبيراً حيث يواجه الكثيرون صعوبات في الحصول على منازل للإيجار بسبب الأزمة السكنية التي تشهدها المدينة منذ سنوات ومن جراء ارتفاع أسعار إيجارات المنازل.
ويقول أبو محمد رب إحدى الأسر الوافدة من الرقة شارحاً ما يمر فيه من معاناة ومشتكياً من غلاء أسعار الإيجار قائلاً: «أسكن مع عائلتي في منزل يقع في الحي الغربي منذ ستة أشهر وبسبب حاجتي الماسة إلى السكن اضطررت لاستئجار منزل بمبلغ 75 ألف ليرة سورية في الشهر وقمت بدفع إيجار المنزل ستة أشهر سلفاً وحالياً أبحث عن منزل آخر أقل سعراً».
وفي مدينة المالكية شمال شرق الحسكة ارتفعت أسعار العقارات و إيجار المنازل خلال الأشهر الماضية ثلاثة أضعاف، بسبب ارتفاع تكاليف مواد البناء وارتفاع تكاليف المعيشة من جهة ولوجود أعداد من موظفي المنظمات الدولية العاملة في المجال الإغاثي في المدينة الذين يدفعون بسخاء من جهة ثانية.
وتشهد بلدة الدرباسية شمال غرب الحسكة في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار إيجار المنازل، وذلك بعد ارتفاع أسعار العقارات والانتقال المستمر لأهالي القرى إلى مركز البلدة، إضافة إلى نزوح الأهالي إليها من الداخل السوري.
ويشتكي المواطنون من عدم وجود رقابة على أسعار إيجار المنازل، حيث يتراوح إيجار البيوت المصنوعة من الطين بين 20 و30 ألف ليرة وما فوق، أما الشقق فأسعار إيجارها تتجاوز الخمسين ألف ليرة، وهذا ما يثقل كاهل الكثير من الأسر لأنه فوق طاقتها وإمكاناتها.