الجمعة 2021-09-03 15:05:43 **المرصد**
حكاية احتكار حكومي!
كتب حسام الرئيس
تقول الحكاية أنه مع نهاية التسعينيات.. تقدم عدة رجال أعمال صناعيين لإنشاء معامل لتعبئة المياه الطبيعية بسوريا والتي يهدر كميات هائلة منها يومياً.. وأعرف واحد منهم كاد قلبه أن يتوقف وهو يروي لي كيف رفضوا طلب استثماره بحجة أنه لن يسمحوا بسوريا لمعامل تعبئة مياه غير حكومية.. وبحجة الإكتفاء!
بعدها بسنوات صار هناك مياه لبنانية وسعودية وتركية تستورد نظامياً لدمشق وبالدولار... وتقدم في المطاعم.. صرنا نشاهد مياه نستله وريم وصنين بمطاعم دمشق..
في ذلك الوقت كان مبرر السماح لتاجر ما بالاستيراد أن مياه معاملنا لا تكفي لتلبية الطلب المحلي..
ليست هذه كل الحكاية..
لكن للحكاية فصول أخرى لا تقل مأساوية.. 
فالصورة المرفقة من دبي تحكي أن سعر عبوة 1.5 ليتر ماء يساوي 800 ليرة تقريباً في الإمارات.. التي يبلغ متوسط راتب الموظف فيها ما يعادل 200 ألف ليرة يومياً (6000 درهم شهرياً تقريباً)..
المفارقة..  سعر ذات العبوة في سوريا وصل ل 2500 ليرة سورية.. وأين؟... في مضايا وبقين ودمشق! حيث تباع المياه السورية جنباً إلى جنب مع المياه اللبنانية وبذات السعر...
وعندما تسأل البائع في مضايا وبقين يقول لك.. مياه بقين تأتينا مثل مياه صنين اللبنانية... تهريب!!
بحساب بسيط.. 
في دبي يمكن أن تشتري كموظف  150 عبوة مياه 1.5 ليتر يومياً..
في دمشق يمكن أن تشتري كموظف أقل من عبوة واحدة 1.5 ليتر يومياً..
الكارثة... أن المياه في دبي مكلفة جداً.. فبالإضافة لخطوط التعبئة وتكلفة البلاستيك (مثلما في سوريا)..... تحتاج أيضاً وزيادة عن ذلك لمعامل للتحلية والمعالجة وعمال لهم تكاليفهم العالية وإقاماتهم و و و .. لكن مع كل هذه الكلف تباع بدبي بأقل من ربع سعر المياه السورية الطبيعية التي لا تحتاج لمعامل تحلية ومعالجة.  
وكارثة أخرى...
سعر العبوة من معامل سوريا 525 ليرة.. لتصل للمستهلك ب 2500 ليرة.. يعني المضاربات والمافيات تستنزف من جيوب السوريين 5 أضعاف سعرها.. يعني هناك تاجر ذكي جداً وموهوب وأمه داعيتله "شريك المي" يربح أضعاف ما تربحه الحكومة السورية ووزارة الصناعة والأرقام بالملياراااااااات..
الخلاصة...
هل تعرفون السبب الرئيسي لهذه الكوارث والحكايا والمفارقات.. 
إنه عقلية الإحتكار الحكومي لإنتاج المياه...
لم يرخصوا للقطاع الخاص لكنهم رخصوا للفساد بقصد أو بدون قصد..
فلو سمح للقطاع الخاص بإنتاج المياه لما شاهدنا مافيات المياه.. أو عبوات مياه لبنانية بأسواقنا وقبلها مياه سعودية وتركية.. 
ولو سمح للقطاع الخاص بالإنتاج.. لما صارت مياه بقين السورية تباع تهريب مع البنزين المهرب.. وأين.. في بقين ومضايا..
ولو سمح للقطاع الخاص لما بيعت المياه للمواطن السوري بشروط صحية مبكية.. فنحن نشتري مياه معبأة بعبوات بلاستيكية يشترط عدم تعريضها لحرارة الشمس... نحن نشتري مرض السرطان...
حسام الرئيس
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024