الإثنين 2015-01-05 21:53:34 بورتريه
الوزير حيدر: المصالحة الوطنية هي اللبنة الأساسية لإطلاق العملية السياسية

سيريانديز- نبال بكفلوني
كان اللقاء عفوياً ، تنسالُ قسَماتُ وجه المحاوِرِ ارتياحاً لمسيرةٍ ملؤها الشوكُ ، لكنّ الشوكَ يزيح السِتْرَ عن أصابعه المدمّاة لتشاهدَ شقائق النعمان والورودَ الأخرى وقد شقّت طريقَها لتُلوّنَ حمامةَ السلام البيضاء التي عَصَفَ بها الحنينُ إلى سورية ، فآلت على نفسها أن تقيد الزلازل والأعاصير وتعيدَها إلى قمقم النسيان ، لأنها اعتادت أن تكون سماءُ هذا الوطن الخيّر المستظّل بهذا الشعب المعطاء سماءً تندى بخمائل المحبّة التي تتألّقُ وحدةً وطنيةً ستبقى عصيّةً على الافتراق ....وليحملْ أعداءُ الوطن كلَّ ما اقتطعوه من أشجارٍ أرادوا زرعَها حقداً ، وسيضطرّون بأيديهم الآثمةِ إلى إشعال هذه الأشجار حطباً يشوي وجوهَهم المشوّهة ، مثلما أرادوا تشويهَ هذا الوطن الجميل ، ظلّت الشمس مصرّةً على أنّ الغيمَ قد يحجُبُ حُسْنَها حيناً ، لكنّ رأدَ الضُحى هو الذي يحملُ الرايةَ الظافرة مُعلِناً أنّ للباطلِ جولةً سرعان ما يولّي بعضها الأدبار .....
الطريقُ باتَ مفتوحاً إلى فكر ووجدان الدكتور علي حيدر" ليلمس فيه القارئُ وطنيّةَ هذا العاشق لوطنِه وشعبِه..فماذا قال وزير المصالحة الوطنية لموقع سيريانديز باللغة الانكليزية :

 

*نجحت المصالحات على مستوى مدينة دمشق ، كما حدث في "برزة" وحاليّاً يجري الحديث عن مصالحةٍ في "القدم" ، ما هو السبيل لتوسيع خارطة المصالحة الوطنية على مستوى سورية كلها؟
- " إنّ مشروع المصالحات المحلية لم يقتصر على دمشق أو ريف دمشق فقط ، بل شمل قبل دمشق بعض المحافظات الأخرى كأرياف حمص الغربية و أرياف حماة الشمالية ، بالإضافة إلى ريف اللاذقية الشرقي باتجاه الحفة ومحيط القرى المحيطة
بها ،  لقد وصل مشروع المصالحة المحلية إلى القنيطرة وريف حينة وما حوله ،ولولا دخول جبهة النصرة لكنّا أنجزنا عملاً مهماً ، وفي الشمال أنجزنا مصالحات مهمة جداً في محيط دير الزور ،في القورية ومحيطها ، لكنّ دخول داعش أيضاً هو الذي عطّل هذا المشروع ، وهكذا نجد أنّ تجربة المصالحة الوطنية غير مقتصرة على دمشق وريفها ، إنه مشروع معقد وواسع جداً ، له تفاصيل كثيرة ، تختلف آليّات العمل في كل منطقة من المناطق ، هناك مناطق نجحنا بها بالكامل ، أنجزنا مصالحات ، أمّنا أسباب استقرار واستمرار وتثبيت دعائم المصالحة المحلية ، وهناك أماكن قطعنا بها أشواطاً لكنها مازالت تحتاج إلى عمليات دعم وتمتين كما أسلفت ، وهناك مناطق أخرى ما زلنا فيها في البداية ...العنوان الأساسي لأي مصالحات محلية في أي منطقة من المناطق هو عودة مظاهر الدولة إلى تلك المناطق ، أي عودة الأمن والأمان  وخلوّ هذه المنطقة بالنهاية  من سلاحٍ غير السلاح  الشرعي للدولة السورية ، وتأمين خدمات تلك المنطقة
باختصار : المصالحة المحلية هي عودة الناس إلى حياتهم الطبيعية .
أما إذا أردنا التحدث بالتفاصيل ، فهي كثيرة ، وتختلف  من منطقة إلى أخرى ، هناك مناطق يوجد فيها مسلحون محليون ، التعامل معهم يكون أسهل من التعامل مع مسلحين مرتبطين بالخارج ، أو تنظيمات متجددة لها أجندات خارجية كجبهة النصرة أو داعش  التي لا نستطيع التعامل معها ولا الحوار معها بل نسعى إلى إخراجها من تلك المناطق  للعمل على ما تبقى فيها ".

 

* ما هو المستقبل السياسي لهذه المصالحات مع المسلحين ؟ هل سيصار إلى مشاركتهم في المجالس المحلية مثلاً ، في المستقبل ؟
- " دون شك ، المصالحات الوطنية هي الخطوة الأولى و اللبنة الأساسية لبناء أرضية صلبة وجاهزة لإطلاق عملية سياسية ، لأن الخروج الأساسي والآمن والنهائي والدائم والمؤسس لرؤية مستقبلية لسورية هو بعملية سياسية توصل إلى مصالحة نهائية هي المصالحة الوطنية . وهنا أميّز بين المصالحات المحلية التي تحدث في بعض المناطق والمصالحة الوطنية النهائية التي هي محصلة العملية السياسية ، بالتفاصيل العملانية لا نستطيع أن نضع أجندة محددة أو عملية محددة لكيفية مشاركة الشعب السوري بمجمله في العملية السياسية وكيف يُمَثَّل ، وبالتالي حتى الذين حملوا السلاح لا يعني تركهم  للسلاح أنه صك براءة أو شهادة حسن سلوك ليصبحوا مشاركين في الحكم وفي بيئة الدولة المستقلة من موقعٍ ما يختارونه هم ، بل المطلوب هو تخلّيهم عن السلاح للتحول إلى العملية السياسية وبالتالي المشاركة السياسية من خلال أحزاب وقوى وتشكيلات ، من خلال تكوينات جديدة يشاركوا من خلالها في الحياة السياسية والحل السياسي ، وبناءً على فرز موازين القوى وإمكاناتهم وقدراتهم وتمثيلهم الحقيقي للشعب السوري من خلال ما يحملونه من أفكار تتبنّى مطالب الشعب السوري يمكن أن يكون لهم دورٌ فاعل في البنية السياسية والمشهد السياسي القادم .وهذه هي الرؤية النهائية للحل السياسي في سورية ، وما قبل ذلك تبقى إجراءات مؤقتة ولا تبني بمجملها مشهداً سياسياً وصورةً متكاملةً للحياة السياسية القادمة . و الحياة السياسية القادمة التي تريدُها سورية والتي تؤسس للخروج من هذه الأزمة  هي حياة سياسيةٌ نشطة لقوى وأحزاب وتيارات وتشكيلات سياسية تعمل في السياسة بالفعل ، وبحقّ ، وتكون ملبّيةً لمطالب الشعب السوري ومدافعةً عن حاجاته ومطالبه وليس على قاعدة "المحاصصة " ، وإعطاء كل من يحمل السلاح حقَّ حصتِه في البنيةِ السياسيةِ لمجرّد أنه قد  حمل السلاح " . 

 
* مسألة المهجرين داخل سورية وخارجها عبءٌ ملقى على كاهل الحكومة ، كيف ستتعامل الحكومة  مع هذه المسألة الملحّة في الداخل أولاً ، ثمّ في الخارج؟
-" هي دون شك مهمةٌ كبيرةٌ جداً ، خاصةً أن العدد قد أصبح ملاييناً، وتحوّل هؤلاء الناس إلى عاطلين عن العمل لا يستطيعون أن يكونوا منتجين على المستوى الفردي والعائلي وعلى المستوى المجتمعي العام و المستوى الوطني ، وبالتالي فقد حمّلوا الحكومة أعباءً إضافيةً بالإضافة إلى معاناتهم الإنسانية التي يكابدونها . العنوان الأول والهدف الأول للدولة السورية في خططها الاستراتيجية هو عودةُ هؤلاء الناس إلى أماكن سكنهم ، ليعودوا إلى موضع أمنٍ وأمانٍ واستقرارٍ نفسيٍ في الدرجة الأولى ، اجتماعيّ في الدرجة الثانية ، واقتصاديّ في الدرجة الثالثة ، ثمّ بعد ذلك  عودتهم إلى ما يسمى إعادة التأهيل والدمج في المجتمع ليصبحوا فاعلين ومنتجين من جديد ، هي عمليةٌ معقدةٌ وطويلة تحتاج إلى إمكانات كل الدولة السورية ، ابتداءً من الجيش الذي يحقق الأمن والأمان ،  ومروراً بالمؤسسات التي تعتني بإقناع هؤلاء الناس وتأمين الهدوء النفسي والاستقرار العاطفي الذي يسمح لهم بالعودة إلى مناطقهم والقناعة والثقة بأنّ هذه المناطق قد أصبحت آمنةً ، ومروراً بالمؤسسات الخدمية التي يجب أن تؤمّن البنى التحتية للمناطق التي تعرضت للخراب والدمار ، ولا ننسى هنا دور الوزارات المعنية في تأمين إقامةٍ مؤقتةٍ عندما تكون هناك بيوتٌ مهدمة كوزارة الشؤون الاجتماعية مع تامين كل مظاهر الدولة من عودة الخدمات الصحية والتعليمية إلى هذه المناطق ، وبالتالي لنصل إلى عنوان صغير هو ( عودةُ هؤلاء الناس إلى حياتهم الطبيعية يحتاج إلى مسيرة طويلة وعمل طويل...).وأظنّ أنّ في أولويات الدولة اليوم تحقيق عودةً آمنة لهؤلاء الناس ، وهذا مرتبط بعدة عوامل منها حجم الضرر الذي أصاب هذه المناطق ، بنية النسيج الاجتماعي القابل للعودة والاندماج مع البعض ، وإمكانية أن تكون هذه المناطق مناطق استقرار و إنتاج  في المرحلة القادمة  مع الأخذ بعين الاعتبار أن تعود هذه المنطقة من الناحية العسكرية منطقة أمن وأمان فعلاً، كيلا يعود هؤلاء الناس المهجرون فريسةً من جديد للمجموعات المسلحة ".


*هل سيكون هناك على مستوى التربية والثقافة  والتعليم العالي مناهج دراسية لتكريس الوحدة الوطنية والحوار لإنشاء جيل يؤمن بالتسامح والحوار وتقبل الرأي الآخر ؟
-"هي مسؤولية الحكومة مجتمعةً، وليست مسؤولية وزارة بعينها ،هي سياسة حكومة الخلاص  وحكومة المصالحة الوطنية التي يجب أن تشكل رؤيةً واضحةً لما نسمّيه اليوم شبكة علاقات اجتماعية جديدة بين أفراد المجتمع السوري ، وبالتالي يجب أن تُعنى بكل مصالح الحياة التي هي مصالح رئيسية للمواطن السوري في التربية والتعليم والطبابة والصحة والثقافة والإعلام وبناء العقول من جديد ، ما نسعى إليه هو مشروع بناء عقول جديدة لجيلٍ جديدٍ يستطيع أن يبني سورية في المستقبل" .

 

* ما هو دور الإعلام في ترسيخ وتمكين الوحدة الوطنية بعد أن حاول أعداء الوطن تمزيقَ هذه الوحدة؟ 
-" يجب أن نميّز بين دور الإعلام كمرآةٍ للواقع وبين أن يكون الإعلامُ مرجلَ صناعةِ العقولِ والأفكارِ ، هنالك فرقٌ كبيرٌ ،أهو مرآةٌ أم منارة؟نحن مطالبون أن نبني إعلاماً منارةً، يساهم في صناعة العقول ،وعندما يفعل هذا ،ضمن مشروع وحدةٍ متكاملةٍ، فهو يؤسس لما نسميه المصالحة الوطنية، وشبكة النسيج الاجتماعي الجديد ، هو ليس جديداً بالمطلق، لكن اعتراه بعض العور خلال السنوات الأربعة الماضية ، لكنّ تاريخنا الذي عمرُهُ عشرة آلاف عام من عمر الحضارة الإنسانية ، لابدّ أنه يملك المقومات ليكون وحدةً واحدةً بما يسمح له أن يخرج من هذه الأزمة بأسرع مما نتصور".


* موضوع " إعادة الإعمار " ما هي المراحل التي سيمرّ بها؟
-"هو من أعقد المهام المناطة بالحكومة السورية ، حتى بالمجتمع السوري ،لأنّ المشروع أهم وأوسع ، لمجموعةٍ من الاعتبارات أولها المقارنة بين حجم الدمار والخراب الذي سبّبه العدوان على سورية وحجم الإمكانات المتاحة لإعادة الإعمار ، أقول بصراحة: إن إمكانات الدولة السورية لا تكفي لإعادة إعمار سورية .وفي كل أزمات التاريخ والأمم والشعوب تتضافر الجهود الدولية للمساهمة في مشروع إعادة الإعمار وليس لإعادة الإعمار ، لأنّ إعادة الإعمار هي مسؤولية الحكومة و الدولة السورية ، أما الدول الصديقة فمطلوبٌ منها أن تساهم كما تساهم في تقديم المساعدات للدول التي تتعرّض لكوارث طبيعية كالزلازل والبراكين . من هنا نستطيع القول إنه مشروع يحتاج إلى بيئةٍ دوليةٍ حاضنةٍ ومناخٍ دوليٍ مؤسسٍ على مشروعٍ سياسيٍ يؤمّن مصالحة وطنية وخروجاً آمناً من هذه الأزمة ، ويطرح من ضمن ما يطرح مشروعَ إعادة الإعمار ، وبعد ذلك نستطيع أن نتكلم عن تأمين بيئةٍ أوليةٍ بالحد الأدنى لحياة السوريين ".

 

*إزالة الآثار السلبية التي علقت بأذهاننا  وأذهان أطفالنا ، من صور الرعب والدمار وثقافة القتل ...كيف السبيل إلى إزالة آثار هذه الثقافة والتصدي لمخلّفاتها السلبية ؟
-" لعله السؤال الأجمل والأكثر حضوراً في الوقت الراهن، لنبدأ بمحي الآثار السلبية ، يجب أن نبدّلها بصور جميلةٍ أكثر إيجابية ،وهنا يأتي دور الإعلام عندما قلت إنه يجب أن يكون منارةً وليس مرآة، أن نبدأ بتقديم صور أجمل  في التلفاز بدلاً من صور الرعب والقتل والتدمير ، على أن لا تبقى صوراً على شاشة التلفاز بل أن تتحول إلى ممارسةٍ حياتية حقيقية ، تبدأ بمشروع نهضوي متكامل ،يضع رؤيةً لبناء جيلٍ جديدٍ يحمل عقولاً جديدة ، هو مشروعٌ طويل وأظنّ أننا بحاجةٍ إلى جهود دولية في هذا المجال لأنّ الخبرات المحلية غير كافية ، لسبب بسيط، ليس متعلقاً بأننا لم نحضّر أنفسنا ولم نؤمّن المهارات اللازمة ، ولكن لأنّ الأزمة بكليّتها هي أزمةٌ طارئةٌ على المجتمع السوري والحياة السورية بشكل عام ، ولم يكن بمنظور أحد ما أن يضع خططاً لمعالجة أمراض لم تكن موجودةً في المجتمع السوري ، كظهور "الأيدز" و"الايبولا"  عالمياً، لقد احتاجت هذه الأمراض  لتضافر جهود العالم بالكامل لإيجاد حلولٍ لها ،ولم يتمكن  من أن يجد حلولاً للبعض الآخر ...." .      

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024