الأحد 2014-09-21 05:45:45 **المرصد**
أوباما وضرباته الجوية المتوقعة على سورية ؟؟!

د. تركي صقر
اعتمدت خطة أوباما الاستراتيجية لمحاربة تنظيم «داعش» على الغموض وخلط الأوراق ويحلو لبعض المسوقين لهذه الاستراتيجية أن يسميه الغموض البناء وخلط الأوراق المفيد ولكنه في الحقيقة يخفي نوايا غير جدية وغير صادقة في استئصال الإرهاب أو التخلص من ظاهرة " داعش " ذاتها بل يبدو أن جوهر خطة أوباما يقوم على استغلال هذه الظاهرة لتحقيق أهداف سياسية كبرى عجزت إدارة أوباما عن تحقيقها طوال سنواتها الماضية.
والأمر الواضح والمؤكد أن أوباما ليس في عجلة من أمره لإنهاء ظاهرة " داعش " وأن هناك تضارب في المدة التي تستغرقها الحرب عليها بين ثلاث وخمس سنوات وأن كلفة الحرب مفتوحة حدها المبدئي مئة مليار دولار تعهدت بدفعها السعودية وفيما جزم أوباما في البداية بعدم إرسال قوات برية والاكتفاء بالضربات الجوية تحدث رئيس أركانه أمام الكونغرس قبل يومين بإمكانية خوض حرب برية أمريكية إذا لم تكف الضربات الجوية الأمريكية والفرنسية وقد تم إرسال مجموعات بالمئات باسم خبراء إلى أربيل وبغداد .
وفي الدلالة على عدم جدية اجتثاث " داعش" ظهر الالتفاف الأمريكي على قرار مجلس الأمن الدولي 2170  بعدم الرجوع إلى مجلس الأمن لإنشاء تحالف دولي أو التقيد بسيادة الدول المنصوص عليها بالقرار إلى أن كان استبعاد الأطراف الأساسية من التحالف الدولي الذي دعت إليه إدارة أوباما لمحاربة إرهاب تنظيم "داعش " بل جعلت رعاة الإرهاب وداعميه ومموليه هم الأساس في هذا التحالف  فكيف يصدق المرء أن دول مثل قطر والسعودية يمكن أن تكون جدية في محاربة الإرهاب وهي التي مازالت تفتح خزائنها لتمويله وهي كانت ومازالت الخزان الفكري للإرهاب الوهابي التكفيري وتحت أنظار مؤسساتها الرسمية وليست الدينية فقط أنبت تنظيم القاعدة وولدت له تفرعات كثيرة  ومنها " داعش " وغيرها .
وتبدو خطة أوباما في محاربة الإرهاب كمسرحية هزلية فهو من جهة يحشد تحالفا دوليا لمقاتلة "داعش" ويستثني تنظيمات إرهابية أخرى لازالت ترعاها دول الخليج وعلى رأسها السعودية رعاية كاملة كما يطلب من السعودية والأردن ودول أخرى فتح أراضيها لتدريب مجموعات إرهابية تحت اسم المعارضة المعتدلة وهي مجموعات ارتكبت من الفظائع وخاصة في سورية ما يفوق في أحيان كثيرة ما قامت به "داعش " ويريد منها أن تقوى وتتمكن لتغيير ميزان القوى على الأرض بعد أن يساندها بالضربات الجوية فيما قال عنها علنا بالأمس القريب وبعد أن جربها أكثر من ثلاث سنوات في محاربة الدولة السورية أنها عبارة عن فنتازيا عاجزة عن إسقاط النظام السياسي في سورية .
لقد لف الغموض أهداف خطة أوباما حول ضرب "داعش "في سورية وتم إطلاق تصريحات متضاربة إمعانا في خلط الأوراق ففي البداية ركزوا على ضربات جوية في العراق ثم أخذوا يلمحون إلى شمول هذه الضربات مواقع التنظيم في سورية دون تنسيق أوتعاون مع الدولة السورية وقالوا أن الضربات الجوية لا تعني إسقاط النظام  وبدأوا يصعدون اللهجة حيث قال جون كيري بأن واشنطن ليست بحاجة لاستئذان الحكومة السورية في حالة توجيه ضربات جوية ولايوجد حدود تمنعها من القيام بذلك إلى أن أطلق قادة البنتاغون تهديدات باستهداف الدفاعات الجوية السورية إذا اعترضت الضربات الجوية الأمريكية وأنهم يعرفون مواقع هذه الدفاعات جيدا وترافق هذا كله مع تصريحات لحكومة أردوغان باشتراطها إقامة منطقة حظر جوي على امتداد الحدود السورية التركية والعراقية التركية لكي تدخل التحالف الدولي وتفتح قواعدها للضربات الجوية .
لم يعد هناك من غموض في خطة أوباما فيما يتعلق بسورية بعد سيل التصريحات الأمريكية المتواترة  فهي تجعل من ضرب "داعش" حربا مزيفة وحصان طراودة لضرب الجيش العربي السوري وإنهاك الدولة السورية وتغيير موازيين القوى على الأرض لصالح ما تدعي أنها معارضة معتدلة أي أنها عودة إلى المربع الأول والهدف القديم من الح
.
هل تعيد إدارة أوباما المحاولة بضرب سورية ولكن باسم محاربة " داعش " حيث يبدو أنه الهدف المحوري والنهائي لخطة أوباما الاستراتيجية ؟؟ هل عاد أوباما ليدغدغ أحلام حكام السعودية بنجاح مشروعهم بالقضاء على محور المقاومة وتحجيم إيران وإبعادها عن الساحتين السورية والعراقية ؟؟ لابد أن يكون هذا واردا في الحسابات الأمريكية ووارد أيضا أن يكون نجاح بوتين في الأزمة الأوكرانية دافع لسعيها لتشكيل اصطفاف دولي وراء واشنطن لاستعادة هيبتها المفقودة وإعادة عقارب الساعة إلى عالم القطب الواحد .. ولكن ما فات مات وماعجزت عنه سابقا بحربها الفعلية المتواصلة على سورية طيلة السنوات الماضية لن تستطيع تحقيقه بحرب مزيفة ومحور المقاومة وروسيا وجميع أصدقاء سورية ما زالوا ثابتون على العهد ومتنبهون أكثر من أي وقت مضى للنوايا الأمريكية الجديدة وقادرون على الرد في الوقت المناسب .
tu.saqr@gmail.com
 
 

 

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024