السبت 2009-04-25 20:18:56 **المرصد**
لكي أحيا يجب أن أقتل أبي
قصة عائلة تبحث عن لقمة العيش من عمل شريف... أربعة أخوة مصابين بالشلل في بيت واحد

عصام الصافتلي

هل لديكم الرغبة والوقت لسماعي...هل لديكم رغبة لمعرفة اسمي، أطلب منكم الآن...وفوراً أن تجمعوا أشلائي...وكل قطعي وملحقاتي... أنا أخوكم عماد وعمري 33 سنة...ولدت كما يولد أي كائن بشري...حمل وولادة طبيعية...مثلكم تماماً، لي عينين ويدين ورجلين ولي فم ولسان...  ولي قلب يحب ويعشق ويحقد ويكره...طفولتي مثل طفولتكم...لعبت وحلمت...كان لي أصدقاء ورفاق

لكن إلى أين أهرب من قدري؟ يا ليتك يا أبي لم تتزوج أمي،زواجك يا أبي من أمي كان فيه دماري ومقتلي...آه منك ومن زواج الأقارب،لا تتزوجوا من أبناء خالاتكم...وإن أمكن لا تتزوجوا على الإطلاق .

كنتُ الثمرة الأولى لهذا الزواج...هذا الزواج الذي أهداني هدية لا يرغب أي شخص في العالم أن تقدم له...هديتي كانت مرض الحثل العضلي الوراثي أو ضمور العضلات، هذا المرض يأتي مع الولادة، وكلما تقدم الإنسان بالعمر تقدم المرض أكثر...في البداية كنت أمشي على رؤوس أصابعي ومن ثم ابتدأ المشوار...وأي مشوار... قف... قف،إلى أين...أصبحت عاجزاً...مقعداً... لا أصدق أنني عاجز عن الحركة...لا أصدق أن قدميَّ مشلولتين...صدقوني كنت أركض... كنت أمشي... أما اليوم فلا أستطيع قضاء حاجتي بمفردي،لا أستطيع فعل أي شيء...اللهم سوى النظر والتحسر والبكاء...أخبركم بأن مرضي أتخذ الوضع النهائي... فهو لم يعد قادراً على فعل أكثر مما فعل بي...

رغم كلّ شيء أحسّ بأنني أملأ العالم... صراخاً...و صمتاً وسكونا وجموداً...

نفذت كلّ دموعي...ماتت كلّ أحلامي...ولا أعلم متى ستنتهي كلّ الأيام...أيامي

لكن بقي لديَّ قلب...قلب ينبض بحبكم يا إخوتي في البشرية...وعينان تراقبان أفعالكم وأعمالكم... اعذروني أنانيتي بالحديث عن نفسي جعلتني أنسى أن أعرفكم ببقية أفراد أسرتي ..

حسين هو الولد الثاني الذي تلقى ذات الهدية...حسين هو صديقي وأخي ورفيقي والقريب مني سنّاً...صدقوني حزني على حسين أكبر وأكثر من حزني على نفسي،آخر مرة غادر بها المنزل حسين كان عمره (13) سنة و بعدها لم يغادر المنزل أبداً وعمره اليوم (27) سنة....أربع عشرة سنة وهو لا يعلم شيئاً عن العالم الخارجي...حسين يعتقد أن البستان يبعد عن منزلنا فقط مائة متر...حسين لا يدرك أن البساتين اختفت وحلّ مكانها بساتين من الأبنية والشوارع، لا يدرك أن أقرب بستان أصبح على بعد عدّة كيلو مترات...

لم يقتنع أبي بولدين... فكثرة الأولاد قوّة وعزوة كما تعلمون...ربما أراد إنتاج منتج أجود وأفضل....

فكان المنتج الجديد.. سلمان ..

سلمان اليوم يستطيع أن يتحرّك قليلاً...لكنه يقترب منّا ... يقترب من الوضع النهائي...الشلل والعجز والسكون والثبات...أما فاطمة فهي أيضاً بدأت بسلوك ذات الدرب، فالهدية وزّعت بشكل عادل وللجميع...  لأنّ أبي بقي على رأيه... . كثرة الأولاد قوة وهيبة ووجاهة... وربما السبب لأن أبي يعاني من نسبة عجز في جسده تبلغ 45%...

العجز والشلل لا يشلّ كرامة المرء ولا عزّة النفس لديه... . لكن الحاجة أحياناً تدمي القلب وتجعل الغير ممكن ممكناً...  بجهود أهل الخير استطعت الحصول على كرسي متحرك...  وصممت أن اعمل لأعيل وأصرف على عائلتي، أنا البكر..أنا الكبير...  لم يستطع شللي أن ينتزع منّي هذه الميزة...  وبدأت العمل ببيع العلكة والقداحات... .والحمد لله نجح عملي فخلال فترة قصيرة استطعت أن أؤمن مصروفي والقليل من مصروف أخوتي...

لكن إلى أين أهرب من قدري... ..و للمرة الثانية أقولها ..

شاء الله أن أتعرض لحادث سير من قبل سيارة عائدة للشركة العامّة للأسمدة بحمص... سائق السيارة يدعى م. د...الحادث جعل حالتي المرضية تتضاعف...لدرجة أن اللجنة الطبيّة قدّرت لي نسبة العجز بـ 65%... ونتيجة مؤامرة توكلت عني المحامية ج. م.. وهي قريبة لنا من بعيد وقريبة السائق.. أرسلت لي مع ع .ع ..زوج خالتي مبلغ /30/ألف ليرة... قال لي هذه كل مستحقاتك،ربحنا القضية...

بعد عام كامل اكتشفت المؤامرة.. واكتشفت أن المبلغ المقبوض هو/ 212/ ألف ليرة .. فأقمت دعوى جديدة ضد المحامية ج .م.. ووكلت المحامي ع.م...والتهمة سوء أمانة ونصب واحتيال... على من النصب والاحتيال؟؟ على  عاجز مشلول .. فمن هو المريض حقاً؟؟من هو المشلول؟؟ في النهاية دفعوا لي مبلغا قدره /90/ ألف ليرة عبر أقساط صغيرة جداً... إن تقسيم المبلغ إلى دفعات أفقده قيمته ولم أستطع فعل أي شيء... رغم كل هذا رفعت المحامية قضية أتعاب وأخذت أيضاً /30/ ألف ليرة .

وعندما تفاقمت الإصابة أيضاً تقدمت بدعوى جديدة..دعوى تفاقم إصابة..ونتيجة الصراع بين المحامين لاقتسام الغنيمة عزلتهم جميعا... دائرة التنفيذ خصصت لي مبلغ /172/ ألف ليرة لم أقبض منها إلا النصف والباقي ذهب لإخوتي في الإنسانية!!! المحامين الطيبين.. والمضحك المبكي أن كل محامٍ قابلته كان يقول لي أنا أعمل لله ولا أريد أتعاباً...  معيشتنا اليوم صعبة جداً وحالياً نعتمد ونتكل كليا على أهل الخير من أبناء شعبنا الكريم الطيب.

قصدنا عدة جمعيات خيرية والشهادة لله أنهم قدموا لنا الدعم فجمعية النهضة العربية قدمت لنا راتباً شهرياً مقداره /500/ ليرة... جمعية البر والخدمات الاجتماعية قدمت لنا أيضاً راتباً مقداره /250/ ليرة أي أن راتبي الشهري الآن /750/ ليرة .. صدقوني هذا المبلغ لا يكفي ثمن علبة دواء واحدة .

العمل يا سادة كرامة .. نطلب مساعدتكم بإيجاد عمل لنا .. فليس مطلب الفقير أن نعطيه فضلاتنا... مطلب الفقير أن تجعلوا له حصة في حياتكم...  حصتنا أن تجدوا لنا عملاً .. أن تساعدونا... احفظوا لنا كرامتنا بإيجاد عمل شريف نقتات منه... كل الجهات التي راجعناها كان لديها قولٌ واحدٌ  (نحن لن نستطيع المساعدة طالما أن والدكم على قيد الحياة) .. والدنا حفظه الله أيضاً بحاجة للمساعدة فماذا نفعل ؟ هل نقتل والدنا لكي نحيا ولكي تستطيعوا تقديم المساعدة لنا ؟!!.

بعد جهود مضنية حصلت على ترشيح من مكتب التشغيل بحمص للتوظف في مديرية زراعة حمص وطلبت مساعدة محافظ حمص في هذا الأمر... فختم لي مدير مكتبه الطلب مشكوراً وكتب عليه للإطلاع والمعالجة وفق الأنظمة المرعية والنسب المحددة لتعيين المعاقين أصولاً...  مازلت أنتظر  لم أحصل على نتيجة ..إلى متى سأبقى أعيش على هذا الأمل .

مجدداً عرضت مشكلتي على السيد المحافظ فوعدنا مشكوراً بتسليمنا كشكاً لكل شخصين الأول يحمل الرقم /3/ باسم سلمان وفاطمة والثاني يحمل الرقم/172/ باسم عماد و حسين لكنني اليوم لا أعلم إلى من ذهبت هذه الأكشاك،هذه الوعود كانت بلا فعل وبلا قيمة .

رسائل لمن " قد " يهمهم الأمر :

سيادة رئيس مجلس الوزراء

نحن اليوم نطلب مساعدتكم لتأمين فرصةعمل...

السيد محافظ حمص :سمعنا عن كرمكم وحبكم وعطفكم على الفقراء والمحتاجين

السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل : نحن بحاجة إلى ( عمل ) أو مساعدة ؟!

منظمة الهلال الأحمر :يدكم الخيرة لم تطلنا بعد يا دكتور عبد الرحمن العطار!

يا رجال المال والأعمال الكرام نطالب بوظيفة ولو كانت صغيرة في معاملكم.

- لمن يرغب في مساعدة هذه الأسرة لإنقاذها من وضعها المأساوي

يمكن الاتصال بإدارة موقع سيريانديز :

هاتف : /6625315 /

فاكس : /6670078/

البريد الالكتروني: info@syriandays.com

ملاحظة :كتبنا المقال بلسان صاحب العلاقة محاولين أن ننقل لكم نفس الروح التي ملأت أعيننا بالدموع

ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2024