الإثنين 2025-10-11 12:42:23 أخبار اليوم
تحويلات المغتربين السوريين.. من (اقتصاد البقاء) إلى الاستثمار الذكي
تحويلات المغتربين السوريين.. من (اقتصاد البقاء) إلى الاستثمار الذكي
خاص - سيريانديز
في بلد أنهكته الحرب وتراجع فيه الإنتاج، تبرز تحويلات المغتربين السوريين كأحد أهم مصادر الدعم المالي للأسر ورافد حيوي للعملة الصعبة حيث تشير تقارير اقتصادية إلى تدفقات سنوية تصل إلى 2.5 مليار دولار من المغتربين في مختلف دول العالم في داخل البلاد لتبقى هذه الأموال كنزا غير مستثمر يستهلك سريعا دون توظيفه في بناء مستقبل اقتصادي مستدام.
وتؤكد احصاءات اقتصادية محلية أن أكثر من 75% من تحويلات المغتربين وبسبب الوضع المعيشي المتردي للغالبية الساحقة من السوريين تصرف على الحاجات الأساسية كالغذاء والدواء والإيجارات ما يكرّس ما يمكن تسميته نمط "اقتصاد البقاء" وفي هذا السياق يرى الاقتصادي محمد الدبس في حديث لشبكة سيريانديز أن هذا الواقع يقف حائلا دون توظيف أموال المغتربين في خلق مشاريع إنتاجية أو فرص عمل دون إغفال دور هذه الأموال في دعم سعر صرف الليرة أمام سلة العملات الأجنبية وفي مقدمتها الدولار الأمريكي.
واستعرض الدبس تقريرا للبنك الدولي يؤكد أن تلقي حوالات المغتربين يسهم في منع احتمالية الوقوع في الفقر المدقع بنسبة 12 نقطة مئوية على المستوى الاقتصادي الكلي مع تأكيده الكبير على أن هذه التحويلات هي المصدر الأهم للعملة الصعبة في البلاد بعد تراجع القطاعات الإنتاجية والصادرات، وقد وصف حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، هذه الأموال بأنها “شريان حياة” للاقتصاد الوطني في أكثر من مناسبة.
ويتفق نخبة من الاقتصاديين على أن صرف معظم تحويلات المغتربين على الشق الاستهلاكي ليس قدرا يستحيل تغييره إلا أن ذلك يحتم على السلطات النقدية العمل على إعادة الثقة المفقودة لدى المغتربين بسبب تجارب فقدان الودائع وتجميد الحسابات وتدهور قيمة العملة والتي دفعت الكثيرين إلى تجنب القنوات الرسمية واللجوء إلى السوق الموازية لتكون النتيجة إرسال مليارات الدولارات خارج النظام المصرفي وحرمان الاقتصاد من فرصة نهوض حقيقية.
ويرى الاقتصادي الدبس أن استعادة الثقة تبدأ من قبل السلطات المالية والنقدية عبر إصلاحات هيكلية تضمن الشفافية وإعداد تقارير مالية دورية وحماية المودعين وتدقيق مستقل كخطوات ضرورية وحتمية إلى جانب تحديث البنية التكنولوجية للمصارف وتوفير منصات رقمية آمنة تتيح للمغترب إدارة أمواله بسهولة من أي مكان في العالم.
ويذهب فريق من الاقتصاديين إلى أن إعادة الثقة يمكن أن تترافق بخلق أدوات مالية مبتكرة، مثل "سندات المغتربين" بعوائد تنافسية بالدولار لتمويل مشاريع استراتيجية في الطاقة والزراعة والبنية التحتية والاستفادة من التجارب الدولية في هذا المجال إلى جانب إنشاء صناديق استثمارية موجهة للمغتربين تركز على قطاعات واعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة معتبرين أن صندوق التنمية السوري، الذي جمع أكثر من مئات ملايين الدولارات خلال أسابيع قد يشكل منصة مركزية لهذه المبادرات.
وفي المحصلة إن نجاح هذه الأدوات مرهون باستقرار اقتصادي ونقدي شامل وسياسات مالية متسقة، ومعالجة ملف العقوبات الدولية فالمغترب لا يبحث فقط عن العائد بل عن بيئة آمنة ومستقرة، فهل تتحول تحويلات المغتربين من دعم يومي إلى استثمار طويل الأمد، وهل تستجيب الدولة لهذه المقترحات وتفتح الباب أمام شراكة اقتصادية حقيقية، ومتى يتحول المغترب السوري من ممول للأزمات إلى شريك في التنمية.. الجواب يبدأ من الثقة وينتهي بالإرادة.
ٍ جميع الحقوق محفوظة لموقع syriandays - syrianews - سيريانديز- أخبار سورية © 2025