بقلم الدكتور أحمد الأحمد
يجمع هذا الاب الخمسيني كل مدخراته . قلم باركر .ساعة يابانية متوقفة .ومسبحة يسر .وعلبة عطر .وربطة عنق فاخرة.. يجمعها في كيس قماشي ويهم بالخروج من بيته .متجها الى سوق الجمعة.وسوق
الجمعة لمن لا يعرفه .هو سوق يباع فيه كل شيء .من البرغي الى المعتقد الديني مرورا بالشرف والوطنيه والاخلاق .سوق مفتوح .لم يخطر في باله يوما ان يصل الى هذا الحد من الحاجة .ضاقت به السبل وعليه ان يحتفظ باحترامه وهيبته امام نفسه اولا وامام اهل بيته ورفاقه ثانيا ...
ازعجه بشدة احساس ان كل مايملكه لا يحل له مشكلة مادية صغيرة .حتى اذا اضاف لما يبيعه حب الوطن والاخلاص وحسن الجوار والالتزام الذاتي وثبات البوصلة الوطنيه .يبدو ان سوق القيم والمبادىء والاخلاق الرفيعة قد تدمرت مع ما تدمر في هذه البقعة التي لازالت وطنا لقلة من الافراد على ما يبدو ...
تعود به ومضات الذاكرة ...الى الهدايا والرشى التي ردها ورفضها وترفع عنها بانفة غر في مدرسة الوطن ...عادت به ذاكرته الى الدهشة التي رسمت على وجه الرفيق عندما اخبره بقصة التاجر الذي فتح له خزنته لياخذ ما يشاء وييسر له عملية استيراد وهميه كان يظن هذه الدهشة حتى زمن قريب بانها اعجاب وتقدير .لكن... لا يهم .قطع سلسلة افكاره وصوله لسوق الجمعة .وضع كنزه الثمين بيد شاب لم يبلغ العشرين من العمر... بلحظه .تفحص هذا الشاب كنزه الدافئ .وبدأ يضحك ويضحك .ثم اشار الى كومة من الاشياء الملقاة على الرصيف .وقال اشلحن فوق هذه الكومة ....لم يزل هذا الاب متجمدا في سوق الجمعة .كما نتجمد نحن امام تصريح مهم لمسؤول فخم. من بقايا هذا الوطن .يسخر من عقول كل من يسمعه....