سيريانديز- مجد عبيسي
إن قمتم اليوم بزيارة لأرض ليمون على الساحل السوري، أضمن لكم الانزعاج من منظر الثمار الساقطة التي تغطي الارض، واخرى ضمن صناديق متعفنة! بينما سعره كما رصدناه في السوق اليوم 1200- 1800 ليرة سورية؟!!!
الفلاح السوري يبرر أن سعر المحصول مخجل ولا يوازي التعب والمصروف على الارض.. وأن سعر سحارة الفلين أغلى من الليمون ذاته، المحصول كاسد، وتجار الجملة متفقين على سعر محدد يدفعوه للمزارع، ولا يوجد مدافع او داعم حكومي! المزارعون يضطرون لترك الليمون على الشجر ليسقط، لأنه خسارة في خسارة.... وهذا جزء صغير من السبب، أما الجزء الآخر، فهم يشعرون أن هناك مؤامرة لتدمير فلاحي الليمون.. فلا مبرر لهذا التجاهل. (الليمون هنا يشمل جميع الحمضيات بلهجة اهل الساحل).
غريب فعلاً دور الحكومة الغائب في دعم الفلاح من جهة تسويق منتجه بطريقة صحيحة ومجزية، ودعم المستهلك ببيعه الليمون بالسعر الحقيقي كما يناسب الفلاح!! دون الحاجة لان يدفع المواطن ثمن جشع حلقات الوساطة التي تربح أضعاف مرابح المزارعين أصحاب الجهد الحقيقي! وعلى مرأى من الجهات المعنية من تموين وزراعة !! المزارع يرعى الموسم، ويقطف، ويعبء، وينقل، وبالنهاية.. يربح تاجر سوق الهال اضعاف ربح المزارع، فقط من موقعه كحلقة وسيطة بين المزارع والمستهلك؟! اذكر انه في الثمانينات، تم تأسيس مؤسسة حكومية اسمها الخزن والتسويق.
كانت الفكرة الاساسية منها نصرة الفلاح، وكسر حلقة جشع التجار، وتأمين المواد الغذائية للمواطن بالسعر الرخيص. كانت تشتري المحاصيل بعيدا عن احتكار اسواق الهال، وتخزنها بمخازنها، ثم تطرحها بالاسواق لتباع في صالاتها مباشرة للمستهلك... لم يكن في تلك الايام هذا الكساد في المحاصيل، رغم ان العقوبات كانت باشكال اخرى.
ولكن ما حدث لاحقا أنه تم تفريغ المؤسسة من هدفها عبر الفاسدين، وتم دمجها فيما بعد لتصبح واحدة من ثلاث في كيان السورية لتجارة، علها تتخلص من الفساد الذي رتع فيها ليوصلها عام 2016 إلى 23 مليار ليرة خسارة، مع توقيع شيكات بلا رصيد بقيمة مليار ونصف ليرة!
لن نتشعب بالحديث عن ملفات الفساد، ولا عن الأذرع الأخرى للماساة كخروج معمل عصير الجبل عن الخدمة، الداعم الرئيس لمحاصيل الحمضيات والتفاح والعنب والذي فشل كذلك، او تم إفشاله بطريقة غريبة! لنبق بتلاشي مؤسسة الخزن والتسويق، وتلاشي الفكرة من إحداثها لخدمة المزارع والمواطن معا، لم ينفع دمجها بشيء على ما يبدو، إذ لم نلحظ دورا فاعلا للسورية للتجارة في هذا الجانب على الأقل.. عدا عن جوانب أخرى ليس هنا معرض ذكرها.. تفاقمت الامور اليوم بالضرر على الفلاح بالكساد والخسارة.... وعلى المواطن بالغلاء والاحتكار !
فما احوجنا الآن لفكر الثمانينات عن المؤسسات الوطنية الحقيقية.. في وقت نضبت فيه الافكار، إلا من اشباه مؤسسات "وطنية"، لجأت لتأجير صالاتها للقطاع الخاص بغية الربح، لتشابه قسوة القطاع الخاص في ارباك المواطن وتحميله هموما فوق همومه!.. والحديث يطول.