كتب وسيم قطان
هو سؤال بالغ الحساسية بدأ يلحّ عليّ و أنا أتابع الكم الهائل من التفاصيل المتعلّقة بالاستثناءات المُشرعنة من قرارات الحظر الوقائية من فيروس كورونا..؟؟ وقبل أن نسأل عن أحقية هذا وذاك بالاستثناء، أمام مشاهد الاكتظاظ أمام غرف التجارة والصناعة، يجدر بنا أن نتساءل لماذا الاستثناء أساساً، وما هي المبررات..و أي حاجة ملحّة لنا تبيح مثل هذه " المرونة " المفرطة في إدارة أزمتنا، ومواجهة خطر داهم يتهددنا بحياتنا..
فهل اقتصاد البلد أهم من أهل البلد ومواطني هذا البلد، الذي نجا من الحرب والإرهاب، ليقع في براثن الوباء ؟؟ لماذا أبقينا مصانعنا مفتوحة ..وتجارتنا نشطة، هل لأننا قررنا أن نتحدى الخطر الداهم من كل أصقاع الدنيا، أم لأننا لم نحسن لملمة مداركنا لتحسس الخطر الحقيقي له ؟؟
نحن على يقين من الحرص الشديد الذي تبديه حكومتنا على مصلحة الاقتصاد وتلبية الرغبات البناءة لقطاع الأعمال، والدوافع النبيلة والوطنية للمرونة التي تعاطت بها مع مجمل العملية الإنتاجية والتسويقية.. لكن هناك مهم وهناك أهم، وهذا " الأهم" هو ما يستوجب إعادة النظر – رسمياً – بقرارات اعتقدنا خطأً أنها كافية لوقاية هذا البلد من وباء استطاع أن يغلق كل مصانع الدنيا ومتاجرها، ويفرغ مطاراتها ومعالمها الشهيرة وساحات العواصم الكبرى من البشر.
علينا أن نعيد النظر لأننا باختصار لسنا أكثر شطارة من غيرنا، ولسنا أكثر شطارة ممن ظنوا أنهم " أكثر شطارة" وأبقوا مصانعهم ومتاجرهم تعمل، فكانت عاقبتهم وخيمة، والأمثلة الأكثر وضوحاً في إيطاليا التي بات بلداً مأزوماً تتصدر أخباره الإعلام العالمي، كأكبر ضحيّة لفيروس كورونا.
وسيم قطان رئيس غرفة تجارة ريف دمشق
لا نظن أن اقتصادنا سيستدرك كل الخراب الذي حلّ به على مرّ تسع سنوات حرب، خلال عشرة أو خمسة عشر يوماً نحرص فيها على إبقاء مكنة الإنتاج والتجارة بحالة دوران كامل، لنعتقد أننا كنّا بارعون بإدارة المواجهة مع الفيروس. لقد أغلقنا أبواب منازلنا وتداولنا عبارة " خلّيك بالبيت" بشكل ببغائي على ما يبدو، لأننا تركنا أخطر بؤرتين لانتشار المرض وهما الصناعة والتجارة..فهل تيقّنّا من سلامة إجراءاتنا؟؟ الأمر لا يحتاج إلى استثناءات وانتقائية في منح هذا والحجب عن ذاك..لأن سلامة الجميع
أكرر الجميع هي الأهم، و هؤلاء " الجميع" يجب أن يكونوا في منازلهم وليس في المعامل والأسواق..وإلا كأننا لم نحترز لأن الوقاية هي حلقة متكاملة إن قطع السلسة شخص واحد أفسد علينا جميعاً كل ما فعلناه من أجل الوقاية. باختصار..صحتنا أهم من صناعتنا..وأهم من تجارتنا..ومن اقتصادنا، لأن كل ذلك يمكن تعويضه أما الصحّة فمن الصعب تعويضها، كما من الصعب الوقوف في وجه الجائحة عندما تستفحل وتنتشر.. لذا فلنبقي على النشاط المتعلّق بأمننا الغذائي و أمننا الصحي..والباقي فليبقى " بالبيت"..لأن خمسة عشر يوماً ليست ذات وزن في عمر الشعوب ولا في اقتصاداتها.