سيريانديز- دريد سلوم
بدأت رحلة الانتصار الفعلي لمفهوم العدالة الضريبيّة..فعدالة التكليف لم تعنِ اكتمال دائرة العدالة أمام الخلل الظاهر في منظومة الاستجابة لاستحقاقات التحصيل..
ونبدو اليوم أمام عزم رسمي على المضي في حالة استدراك متأنية و"محوكمة" بدأ بقرار حكومي قضى بتشكيل بعثة تفتيشيّة موسّعة، مهمتها التحقيق بأسباب التراكم الضريبي والوصول إلى آلية لمعالجة هذا التراكم، لاسيما ما يتعلّق بكبار المكلّفين..والموضوع يتعلّق هنا بمكلّفي ضريبة الأرباح الحقيقية في قطاع الأعمال.
القرار بما ينطوي عليه من دلالات يؤسّس فعلاً لبلورة تطبيقات عملية لمفهوم العدالة الضريبية تكليفاً وتحصيلاً..وفي هذا وصول لنوع آخر من العدالة في المضمار الاجتماعي ..فقد آن الأوان لكسر حالة التفاوت في معايير النسبة والتناسب لجهة الاستحقاق الضريبي، إذا يدفع الموظف وفق هذه المعايير أكثر من رجل أعمال مدمن على التهرب من تسديد التزاماته تجاه الخزينة العامّة..وهو الشّق المنشود من العدالة الذي سيترسّخ على قاعدة القرار الجديد.
والواقع أن ثمة خلل كبير ومزمن يعتري علاقة المكلّفين مع الدوائر المالية، أدى إلى تراكم استحقاقات ماليّة كبيرة، وفوات منفعة هائلة وضياعات على الخزينة العامّة..وهذا يعني ضياعات من جيب كلّ مواطن، لصالح مكلّفين كبار .
فثمة تراكم – ربما أسهمت الأزمة بتفاقمه – في بيانات المكلفين ومنهم مكلّفين كبار، لم تُحسم بعد يتخللها حالات تباين كبيرة بين رقم الأعمال الذي صرّح عنه المكلّف وبين حجم الرقم الحقيقي، والتدقيق المزمع سوف يكشف عن نتائج لافتة، ستكون عبارة بمؤداها عن " حصاد واستدراك " لحقوق الخزينة وبالتالي كل مواطن.
اليوم لا تفكّر الدوائر المالية – وفق تأكيدات من الداخل – بإقرار أية زيادات على نسب التكليف الضريبي، لأن النجاح في جباية الاستحقاقات سوف يأتي بنتائج طيبة أكثر بكثير من أيّة زيادات محتملة.
القرار الجديد سوف يضبط أداء مراقبي الدخل أيضاً، ويحد بشكلٍ كبير من الانحرافات الواقعة في التعاطي بين موظف الماليّة والمكلّف،وسيقلّص إلى حدود كبيرة الفجوة بين التكليف والتحصيل، وهو ما يجري الحديث عنه منذ عقود تحت عنوان " التهرب الضريبي"