مجد عبيسي
من المتوقع أن تشتد العقوبات الاقتصادية على سورية بعدما فشلوا في الحرب العسكرية، وكما انتصرنا بالميدان العسكريسننتصر في حرب الحصار الاقتصادي، فأرضُ سورية تفيض بالخيرات، لاسيما في القطاع الزراعي الذي سيكون أحدُ أهم المرتكزات في مواجهة الحصار، ولكن بشرط أن تتوفر الإدارة الناجحة لاستثمار كنوز الأرض السورية الدفينة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مادة الطف الزيوليتي، فبحسب الخبراء المختصين هو مادة عجيبة تستخدم كسمادٍبطيء التحرر وغنيٌّ بالمواد الطبيعية المهمة لنمو النباتات، ويعد مادة حافظة للتبخر للزراعات المكشوفة وغيرُ ضارٍ للبيئة نهائياً، وقد اُستعمل الطف الزيوليتي منذ ألفي عام كحجرٍ مائيٍّ بالزراعة.
تتواجد هذه المادة بكثرة في منطقة السيس بريف دمشق (حوالي 170 كم جنوب شرق دمشق) باحتياطي جيولوجي يقدر بـ 600 مليون طن، وقد قامت المؤسسة العامة السورية للجيولوجيا والثروات المعدنية بالتعاون مع جامعة دمشق والهيئة العامة للبحوث الزراعية بعدة تجارب تطبيقية لاستخدامه في الزراعة، وقد أثبتت نجاعته.
فرصة استثمارية واعدة
مدير عام هيئة الاستثمار السورية مدين دياب أكد لـ "بورصات وأسواق" أن مادة الطف الزيوليتي تمثل فرصة استثمارية سورية رائدة ومتميزة، كون المادة متعددة الاستخدامات كأسمدة وأعلاف ومواد تنظيف وغيرها، كما تدعم الاقتصاد الوطني والقطاع الزراعي بشكل خاص وتوفر القطع الأجنبي، موضحاُ أن الموقع الجغرافي جاهز للاستثمار في ريف دمشق، ويعد من أهم الفرص الاستثمارية المطروحة في هيئة الاستثمار لجدواه الاقتصادية العالية والمردودية السريعة لرأس المال.
وأثنى دياب على أي مشروع يدعم الزراعة المحلية كونها من أهم المرتكزات لكسر الحصار الاقتصادي، مؤكداً أنه في الدراسة الأولية للفرصة الاستثمارية، فإنها تتيح قرابة 34 فرصة عمل، وإن استرداد رأس المال حسب التوقعات سيتم خلال ثلاث سنوات فقط، وكمية المادة الموجودة في الموقع نحو 170 مليون طن.
وأهم ميزة يمكن التركيز عليها– حسب دياب - في هذه المادة هي أنها أسمدة طبيعية آمنة جداً، وليس لها أي آثار مضرة على الأراضي أو المياه الجوفية أو المزروعات، ويمكن استصلاح الأراضي الفقيرة جداً بها وجعلها أراضي زراعية ممتازة.
المادةُ مذهلةٌ حقاً!
من جانبه مدير عام المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروات المعدنية سمير الأسد تغنّى بالثروات الطبيعية التي حبا الله بها سورية، وأكد في حديثه لـ "بورصات وأسواق"على ضرورة استثمارها بالشكل الأمثل، مشيراً إلى أن المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية تقوم بذلك من خلال استثمار لتلك الثروات إما ذاتياً، أو عن طريق الترخيص لاستثمارها من قبل القطاع الخاص، وطرحها كفرصٍ استثمارية تساهم في دعم الاقتصاد الوطني وفق الرؤى الحكومية لاستثمار الثروة المعدنية.
وحول أهمية مادة "الطف الزيوليتي"بيّن أن للزيوليت خصائص فيزيائية هامة جداً فهو يساعد على امتصاص الماء (إماهة عالية)، كذلك امتصاص الغازات والأبخرة، التبادل الشاردي، نزع الماء، الناقلية الحرارية... إلخ. ولهذه الخصائص تطبيقات بيئية وصناعية وزراعية واقتصادية مذهلة .
ويضيف: للطف أيضاً ميزة هامة هي امتصاص الشوارد الضائعة وغير المسيطر عليها وذلك بتمريرها خلال أنبوب يحوي الزيوليت، وأيضاً يساهم في تنقية مياه الشرب وتنظيف خزانات المياه من الشوارد المعدنية الضارة ، ومعالجة الفضلات المعدنية في عمليات مصانع المعادن الحديدية والقلوية والمصهرات ومصافي النفط وبشكلٍ يمكّن من إجراء إزالة شوارد المعادن.
كما تبين أن الزيوليت ينزع حوالي 97 – 99 % من النشادر وذلك بتمرير المياه على أنابيب محشوة بالزيوليت وهو قادر على امتصاص النشادر أربع مرات أكثر من الشوادر الغضارية وكذلك له فوائد كبيرة في تخزين الخضار والفواكه فكل طن واحد من الخضار أو الفواكه يحتاج لكيلو غرام واحد من الزيوليت فقط في المخازن.
أما عن تطبيقات الزيوليت في مجال الصناعة، فقال: هويدخل في صناعة المنظفات الكيميائية بدلاً من مادة عالية الثمن هي ثالث فوسفات الصوديوم (1 – 20%) من أجل مساحيق الغسيل ومعجون التنظيف، كما يدخل في صناعة الزجاج وصناعة الإطارات المطاطية، ويدخل أيضاً في صناعة الأجهزة الالكترونية كماص للرطوبة.
ويدخل الزيوليت أيضاً في صناعة الخزف والبورسلين، ويحل مكان الحجر الكلوري الفلدسباتي، فقد ثبت أن للزيوليت خاصة امتصاص الماء دون تخريب تركيبه البلوري مما يؤدي إلى المحافظة على الرطوبة في شروط انخفاض الرطوبة (الجفاف)، فنحن اليوم نسمع عبارات مثل قابلية تجديد الطاقة (Renewably Energy) وهذه القابلية فريدة للزيوليت حيث أن طناً واحداً من الزيوليت منشور على مساحة 200 قدم مربع سوف يعطي 50 % زيادة عن أي مادة أخرى تستعمل في حفظ الرطوبة أو التكييف بالتبادل الحراري .
إضافة إلى خاصية الزيوليت الحابسة والمحررة للماء التي يمكن أن تستعمل في التبريد، حيث تم إنتاج 6 كيلو واط / ساعة لكل متر مربع للمنطقة المدروسة وهي تعادل 6 كغ من الجليد في اليوم.
تنقية الغاز الطبيعي في آبار ومصافي النفط
ويستعمل الزيوليت في نزع مركبات معينة من الأبخرة الغازية، فعندما يكون الغاز الطبيعي ملوثا ً بثاني أكسيد الكربون CO2 يقال أنه حمضي، ولقد استعمل الزيوليت من نوع شابازيت كما استعمل لتنقية غاز الميتان المتجمع في الجيوب الأرضية وبشكلٍ خاص لنزع غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعطل استعمال الميتان عندما يترافق معه.
استخداماته بالزراعة
أما بخصوص استخدامات الزيوليت في الزراعة فبيّن مدير مؤسسة الجيولوجيا أنه يعد البديل الآمن الطبيعي في تطبيقات الاستعمال في المداجن وتغذية الحيوانات،في الوقت الذي شاع فيه استعمال المواد الكيميائية والهرمونات الضارة لصحة الإنسان والنبات المعدل جينياً.
كما أن استعمال الزيوليت مع كمية من السماد الكيميائي يؤدي للحصول على فائدتين : الأولى : يؤدي إلى طول فعالية هذه الأسمدة لفترة تمتد إلى خمسين سنة،
والثانية : يبقى السماد مع الزيوليت في الطبقة العليا من التربة فيستفيد منها النبات مباشرةً دون ضياع أي ٍّ منها.
وفي المداجن مثلاً يمكن استعمال الزيوليت في خلطة علف الطيور فهو يحفظ العلف من التلف ولمدة طويلة ويؤدي إلى تحسين نوعية وإنتاجية البيض (قشرة سميكة صعبة الكسر وحجم أكبر وعدد أكبر)، كما يؤدي إلى زيادة حجم وزن الطائر، فعند إضافة 5- 6 % زيوليت للعلف يؤدي إلى زيادة بالوزن 9-16 % لنفس الفترة الزمنية، كما يستعمل الزيوليت الحبيبي لتنظيف المداجن بدون استعمال الماء، إضافةً إلى فائدته في امتصاص الروائح الكريهة منها، ويساعد الزيوليت الممزوج بفضلات الطيور والحيوانات إلى تحويله لسمادٍ عالي الفعالية وبفترةٍ زمنيةٍ قصيرة جداً.
ويمكن استخدامه في تغذية الحيوانات، حيثُ ثبت أن إضافة الزيوليت بنســــبة 10% لعلف الحيوانات في زرائب تغذية الأغنام والأبقار والمــــاعز يؤدي إلى زيادة وزنها لنفس الفترة الزمنية 25 – 40 % كما تحفظ الجنين وقد تؤدي إلى ولادة التوائم وتزيد وزن (الجنين) خلال أربعة أشهر من (1- 1.4) كغ، وتؤدي التغذية بخلطة الزيوليت لإعطاء نوعية من اللحم الطري الفاتح اللون للعجول والخراف.